Littafin Hajji da Umrah
كتاب الحج والعمرة
Nau'ikan
فمن وقف في أي ساعة من هذا الوقت أجزاه. وعند مالك: لا يجزي النهار وحده، والخبر صريح بخلافه، ويكفي المرور على أي صفة كان ولو نايما أم مجنونا أم مغمى عليه أم سكران أم راكبا لمغصوب أم مكرها. ويشترط أن يكون بكلية بدنه مستقرا، لا على طير أو طائرة لعدم الاستقرار، ولا يشترط أن يستقر قدر تسبيحة لما في خبر عروة بن مضرس: فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (( من شهد معنا هذه الصلاة صلاة الفجر بمزدلفة وقد كان وقف بعرفة ليلا أو نهارا فقد تم حجه وقضى تفثه. ))، أخرجه المؤيد بالله في شرح التجريد، وأخرجه أبو داود والترمذي، وصححه النسائي وابن ماجه والبيهقي بلفظ:(( من صلى معنا في الغداة، ووقف معنا حتى نفيض، وأتى عرفات قبل ذلك ليلا أو نهارا فقد تم حجه وقضى تفثه. ))، وصححه الدارقطني والحاكم. وفي المجموع عن علي عليه السلام: (( من فاته الموقف مع الناس فأتاها ليلا، ثم أدرك الناس في جمع قبل انصراف الإمام فقد أدرك الحج.)). ففي ذلك دلالة على أن مجرد الإتيان إلى عرفة يكفي، وهو يصدق بالمرور على أي صفة، ولكن مفهومه يفيد أن صلاة الغداة والوقوف بمزدلفة ركن لا يتم الحج ولا يدرك إلا به. وقد ذهبت طائفة إلى ذلك، وذهب الجمهور إلى أن الحج يصح بدونه، وحمل الخبر على إدراك الحج التام، وكذا ما في بعض من زيادة: (( ومن لم يدرك جمعا فلا حج له. )) على نفي الكمال، مع أن هذه الزيادة ضعيفة، والموجب للتأويل قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (( الحج عرفات. )) ثلاثا، (( فمن أدرك عرفة قبل طلوع الفجر فقد أدرك. ))، أخرجه المؤيد بالله في شرح التجريد. وفي الجامع الكافي قال محمد: بلغنا عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (( من وقف بعرفة ليلة النحر ساعة من الليل قبل طلوع الفجر فقد أدرك الحج. )). فبهذا يأخذ عامة العلماء؛ انتهى. قالوا: والمعنى أن المعتبر من أعمال الحج التي لا يتم إلا بها عرفة، ولا يصح إلا بالإحرام. ولا يرد ما قاله في المنحة من أنه إن جعل الحصر حقيقيا لزم أن لا يفوت الحج إلا بفوات الوقوف... إلى آخر كلامه، لأنا نقول ملتزم أنه لا يفوت الحج إلا بفوات الوقوف الشرعي، وهو لا يكون إلا بالإحرام الذي هو شرطه.
مسألة: ولا يدفع من وقف بالنهار حتى تغرب الشمس، لما في خبر الصادق عن أبيه الباقر عن جابر رضي الله عنهم : (( فلم يزل واقفا حتى غربت الشمس وذهبت الصفرة قليلا حتى غاب القرص.)). وفي مجمع الزوائد عن المسور بن مخرمة قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعرفات فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: (( أما بعد، فإن أهل الشرك والأوثان كانوا يدفعون من هذه المواضع إذا كانت الشمس على رؤوس الجبال كعمايم الرجال في وجوهها، وإنا ندفع بعد أن تغيب، وكانوا يدفعون من المشعر الحرام إذا كانت الشمس منبسطة ))، قال: وأخرجه الطبراني في الكبير، ورجاله ثقات، أفاد هذا في تخريج الشفاء. وفي الروض: ورجاله رجال الصحيح. وقد صح أنه صلى الله عليه وآله وسلم لم يدفع إلا بعد الغروب.
فرع: فإن دفع قبل الغروب لزمه دم، خلاف الناصر. فإن رجع ودفع بعد الغروب لم يسقط الدم على المذهب، وعند أبي حنيفة والسيد يحيى والفقيه يحيى يسقط، وروي في شرح الإبانة والبحر الإجماع على سقوطه. قال في الشرح: (( أما لو خرج من الجبل غير قاصد للإفاضة بل لحاجة من استسقاء أو قضاء حاجة أو طلب ضالة وفي نفسه الرجوع فلعله لا يلزمه الدم إجماعا.)). قال الإمام المهدي: وهو قريب، قلت: وهو المختار، وأما على المذهب فيلزم.
فرع: فلو تقارنت الإفاضة وغروب الشمس لزم دم، وكذا لو التبس، لأن الأصل بقاء النهار، فإن مات قبل الغروب لزم لترك بقية النهار، وكذا لباقي المناسك إلا طواف الزيارة فلا يجبره الدم، فان لم يقف إلا ليلا أجزاه ولا يلزمه شيء.
Shafi 113