وأراد محمد، قبل وفاته بثلاثة أيام، أن ينقل إلى المسجد ليصلي، ولم يحتمل محمد هذا النقل، فأمر بأن يقوم أبو بكر مقامه، فعد المسلمون هذا دليلا على أن الخلافة لأبي بكر بعد النبي.
وتوفي محمد بعد مرض دام خمسة عشر يوما، وكانت وفاته في السنة الحادية عشرة من الهجرة حين كان عمره ثلاثا وستين سنة.
وكانت جزيرة العرب، حتى عمان ، قد صبأت قبل وفاة محمد إلى الإسلام، وقد رضي بالإسلام مشركو العرب ومسيحيوهم ويهودهم، وأصبحوا بذلك أمة واحدة ألهبتها المعتقدات الجديدة، وغدت مستعدة لفتح العالم بعد زمن قليل بقيادة زعمائها الماهرين. (4) حياة محمد وأخلاقه
تكلمنا عن حياة محمد العامة فيما تقدم، والآن نبحث في أخلاقه وحياته الخاصة، مستعينين بأسانيد العرب وآثارهم، قال المؤرخ العربي أبو الفداء في وصف محمد مستندا إلى ما روي عن أصحابه: «وصفه علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - فقال: كان النبي
صلى الله عليه وسلم
ليس بالطويل ولا بالقصير، ضخم الرأس كث اللحية شثن الكفين والقدمين ضخم الكراديس مشربا وجهه حمرة، وقيل: كان أدعج العينين سبط الشعر سهل الخدين كأن عنقه إبريق فضة، وقال أنس: لم يشنه الله بالشيب، كان في مقدم لحيته عشرون شعرة بيضاء، وفي مفرق رأسه شعرات بيض ...
وكان
صلى الله عليه وسلم
أرجح الناس عقلا، وأفضلهم رأيا، يكثر الذكر، ويقل اللغو، دائم البشر، مطيل الصمت، لين الجانب، سهل الخلق، وكان عنده القريب والبعيد والقوي والضعيف في الحق سواء، وكان يحب المساكين، ولا يحقر فقيرا لفقره، ولا يهاب ملكا لملكه، وكان يؤلف قلوب أهل الشرف، وكان يؤلف أصحابه، ولا ينفرهم، ويصابر من جالسه ولا يحيد عنه حتى يكون الرجل هو المنصرف، وما صافحه أحد فيترك يده حتى يكون ذلك الرجل هو الذي يترك يده، وكذلك من قاومه لحاجة يقف رسول الله
صلى الله عليه وسلم
Shafi da ba'a sani ba