منها الصدور، وتأخرت فيها الأقدام، ونكصت فيها الأبطال، لم يجبن، ولا فشل، ولا نكل، (ولا فزع) (1)، ولا جزع، ولم تأخذه فيه (2) لومة لائم، ولا برز إلى أحد إلا قتله، فواساه بنفسه في المواطن كلها، حتى مدحه الله تعالى وملائكته، ثم (لما) (3) قبض رسول الله (صلى الله عليه وآله) ورأسه (4) على صدره سالت نفسه الطيبة في كفه فوضعها على وجهه، وتولى تغسيله مع الملائكة المقربين، وولي الصلاة عليه ودفنه، وكان أول عهده به وآخر عهده، وأخذ ميراثه، لم ينازعه فيه أحد لقول رسول الله (صلى الله عليه وآله): «أنت وصيي، وخليفتي، ووارثي، وقاضي ديني، ومنجز عدتي، فمن أحبك فقد أحبني، ومن أبغضك فقد أبغضني»، ثم قال: «يا بني عبد المطلب، علي سيدكم بعدي وإمام أمتي، ويا سائر قريش، لا تحسدوا عليا فتكفروا».
فحسدوه لعظمة منزلته، ولعالي (5) درجته، ولقتله عشائرهم وآبائهم وإخوانهم من المشركين، وتكسير أصنامهم؛ وأجمعوا على محاربته كما أجمعوا على محاربة رسول الله (صلى الله عليه وآله) (6)، وأظهروا أضغانهم، وتحالفوا على تقطيعه (7) وقتل أهل بيته وأنصاره، وقالوا: لا تولوا أحدا من بني هاشم حتى لا يجتمع لهم الملك والنبوة، فإن الله تعالى لم يجمعهما لأحد، والله تعالى يقول (8): (أم يحسدون الناس على ما آتاهم
Shafi 97