Georg Buchner: Ayyukan Kwaikwayo Na Cikakken
جورج بشنر: الأعمال المسرحية الكاملة
Nau'ikan
إنه يقف الآن أمام النافذة، ويرى الأطياف تتحرك في الليل، والهواجس الدفينة تتجسد أمامه وتطالب بحقها في الوجود: «الليل يغط في نومه فوق الأرض، ويلتف في حلم موحش. أفكار وأماني لا نكاد نحس بها، مضطربة وغامضة، تتوارى خائفة من ضوء النهار، تكتسي الآن شكلا ورداء.»
ولكن زميله سان جوست لا يلبث أن يوقظه من هذا الحلم، ويعيده إلى صحراء الخطط والأهداف، وينبهه إلى ضرورة التخلص من دانتون وأصدقائه، ويتعجله روبسبيير كأنه يحاول أن يهرب من هواجسه بأسرع ما يستطيع: «إذن فأسرع! غدا! لا نريد صراعا طويلا مع الموت! لقد اشتدت حساسيتي في الأيام الأخيرة. المهم أن تسرع!» وحين ينفرد بنفسه مرة أخرى لا نسمعه يردد جملة محفوظة، ولا نراه يشير إلى دور المخلص الذي أحب دائما أن يناديه الناس به، بل نسمعه يقول لنفسه في لهجة من أسيء فهمه وانفض الأصحاب عنه: «يا حبيبي كاميل! إنهم جميعا يتركونني. كل شيء حولي وحشة وخراب. إنني وحيد.»
وفي الفصل الثاني نجد دانتون يتحرك إلى الفعل، على الرغم من كل مرارته وسأمه ونزعته الرواقية الزاهدة، ولكن هل سيتحرك حقا، أم يكفي أن تشله عن الفعل عاطفة بسيطة تعبر عنها هذه الكلمات: «تعال يا ولدي! قلت لك إنهم لن يجرءوا»؟ إن كاتبنا يعرف كيف يشكل الحدث، أو بالأحرى مجموعة الأحداث والمواقف الخاطفة المنفصلة؛ ليجعلها تصب جميعا في حدث أكبر من الثورة الفرنسية نفسها. سيظل قائما ما بقي على الأرض إنسان أن أصغر الأحداث وأبسط المواقف يصبح أهم من نظريات روبسبيير الثورية، ومن خطبة دانتون التي يلقيها دفاعا عن نفسه؛ فمشهد لوسيل (حبيبة كاميل) في النهاية وهي تهذي وحدها على درجات المقصلة أعمق تأثيرا من كل عبارات البطولة التي تفيض بها المسرحية. والحكايات الكثيرة المتداخلة، والمشاهد القصيرة التي تضيء وتنطفئ كأنها أنوار أرجوحة تدور في المهرجان، وأغاني الشحاذين والمغنين المتسكعين، كلها ترسم خلفية الحدث الأساسي، وتحرك الحكاية الأصلية، وتساعد على تشكيل الجو الضبابي العام للمسرحية؛ فلا نكاد نحس بأن دانتون يريد أن يتحرك ويفعل شيئا حتى نسمع المغني يقول:
خبروني! خبروني!
ما الذي يلقى الرجال
من نعيم أو هناء؟
من صباح لمساء
بين هم وعناء
وعذاب وشقاء
وتدخل أغنية الشحاذ أو بكائيته فتساعد على خلق هذا الجو القدري الذي يبدو أن الشخصيات جميعا لن تستطيع الإفلات منه (وقد تعلم الكاتبان قيديكند وبرتولت برشت كيف يستفيدان من هذه الأغاني في داخل الحوار، كما تبعهما في ذلك كثير من الكتاب المعاصرين).
Shafi da ba'a sani ba