مسلم"
ــ
رواة عنهم لما نقلوا لنا عمن أخذوا منهم فسمعنا وروينا عنهم وأتى بضمير نا الموضوع للمتكلم ومعه غيره إما لأنه أراد حكاية حال روايته أي أنه رواه مع غيره أو أخبر عن نفسه فقط وعثر بها إعلامًا بعظم مقامه تحدثا بالنعمة فيتلقى ما يخبر به بالقبول والرواية نقل الخبر من غير زيادة فيه ولا نقص ولا تغيير إعراب اهـ. قوله: (مسلم) ومسلم بن الحجاج القشيري نسبة لبني قشير قبيلة من العرب النيسابوري أحد أئمة أعلام الحديث وكبار المبرزين فيه، والرحالين في طلبه إلى أئمة الاقطار والمتفق على تمييزه وتقدمه فيه على أهل عصره كما شهد بذلك إماما وقتهما أبو زرعة وأبو حاتم فإنهما كانا يقدمانه في معرفة الصحيح على مشايخ عصرهما وغيرهما كأحمد وإسحاق وقتيبة بن سعيد والقعنبي روى عنه جماعات من كبار أئمة عصره وحفاظه ومنهم من هو في درجته كأبي حاتم الرازي والترمذي وابن خزيمة وله المصنفات الجليلة الكثيرة غير الصحيح الذي امتن الله به على المسلمين وأبقى له به الثناء الحسن الجميل إلى يوم الدين فإن من اطلع على ما أودعه في أسانيده وترتيبه وحسن سياقه وبديع طريقته من نفائس التحقيق وأنواع الورع التام والاحتياط والتحري في الرواية وتلخيص الطرق واختصارها وضبط متفرقها وكثرة اطلاعه واتساع روايته، علم أنه إمام لا يلحق وفارس لا يسبق قال صنفت المسند من ثلاثمائة ألف حديث مسموعة ولما قدم البخاري آخر مرة لازمه مسلم وأدام الاختلاف إليه ومن ثم حذا حذوه في صحيحه وكان هذا هو مراد الدارقطني بقوله لولا البخاري لما ذهب مسلم ولا جاء، ولد عام وفاة الإمام الشافعي عام أربعة ومائتي وتوفي ﵀ يوم الأحد لست بقين من شهر رجب سنة إحدى وستين ومائتين ودفن يوم الاثنين لخمس بقين منه بنيسابور وقبره بها مشهور يزار ويتبرك
به، قيل سبب موته أنه عقد له مجلس للمذاكرة فذكر له
1 / 30