على العوام والمتفقهين.
وقد روينا في "صحيح
ــ
مع أنه أوضح منه وقد مدح ﷺ بإتيانه جوامع الكلم أي المعاني الكثيرة مع الألفاظ الوجيزة اليسيرة مع عذوبة الألفاظ وسلاستها ورعايتها لمقتضى الحال مع فصاحتها وقد جمع العلماء منه الدواوين والأسفار وللسيوطي درر البحار في الأحاديث القصار وأما تعريف الفهم فقال السيد الجرجاني في تعريفاته أنه تصور المعنى من لفظ المخاطب بوزن اسم الفاعل والذكاء شدة قوة للنفس معدة لاكتساب الآراء. قوله: (على العوام) جمع عامي والمراد به ما
يقابل المتفقه فهو من لم يحصل من الفقه شيئًا يهتدي به إلى الباقي والمتفقه الآخذ للفقه تدريجًا والمراد به هنا من ارتقى عن مقام العوام كما يؤذن به المقابلة في الكلام ويمكن أن يراد بالمتفقهين هنا العلماء الأعلام وعبر فيهم بذلك مع ما لهم من علو المقام إعلامًا بأن العلوم لا يمكن الوصول إلى الإحاطة بجميعها بل الإنسان وإن كمل في مقام أخذ العلم على التدريج إلى أن يدرج في الأكفان قال بعض العلماء لا يزال المرء عالمًا حتى يرى أنه استغنى عن التعلم فهو آية جهله إذ ما أوتيه من العلوم وإن كثر فهو بالنسبة إلى ما غاب عنه منها يسير وقال الله تعالى: ﴿وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا ٨٥)﴾ [الإسراء: ٨٥] وقال مخاطبًا لسيد الأنبياء ﷺ ﴿وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا (١١٤)﴾ [طه: ١١٤] وقال الشافعي رضي الله تعالى عنه.
ما حوى العلم جميعًا أحد ... لا ولو مارسه ألف سنه
إنما العلم بعيد غوره ... فخذوا من كل شيء أحسنه
قول: (وقد روينا) ضبطه الكازروني في شرح الأربعين النووية بالبناء للمفعول مخففًا أي روى لنا إسماعًا أو إقراءً أو إجازةً أو غيرها من باقي أنواع التحمل وبالبناء للفاعل اهـ، قال ابن المعز الحجازي في شرح الأربعين أيضًا المشهور روينا بفتح الواو مخففة من الرواية، أن النقل عن الغير ومقابل المشهور بضم الراء وتشديد الواو المكسورة يعني روانا مشايخنا أي صيرونا
1 / 29