Fasahar Iraniyya a Zamanin Musulunci
الفنون الإيرانية في العصر الإسلامي
Nau'ikan
9
واستطاع هولاكو حفيد جنكيز خان أن يفتح بغداد سنة 656ه/1258م وأن يقتل المستعصم آخر خلفاء بني العباس؛ فيقضي على الخلافة العباسية في العراق قضاء مبرما، بعد أن كان السلاجقة قد جردوها من كل سلطان دنيوي.
وجدير بنا أن نذكر أن المغول حين قضوا على دولة ملوك خوارزم في النصف الأول من القرن السابع الهجري (الثالث عشر الميلادي)، كانوا غرباء عن المدنية الإيرانية، ولم يكونوا قد أخذوا من الحضارة بنصيب وافر، ولكنهم لم يلبثوا أن تأثروا بالثقافة الصينية في الشرق والثقافة الإيرانية في الغرب، فعملوا بعد ذلك على رعاية الفنون والآداب.
وأسس هولاكو في إيران أسرة حكمتها حتى سنة 736ه/1336م وهي الأسرة الإيلخانية التي تهذب أفرادها وأتباعهم بالحضارة الإيرانية، ثم اعتنقوا الإسلام، ولكنهم لم يقطعوا أسباب العلاقة بينهم وبين أقربائهم من المغول في الشرق الأقصى؛ ولذا امتاز عصرهم في إيران بتأثير الأساليب الفنية الصينية في فنون إيران.
على أن خلفاء هولاكو لم يفطنوا في بداية الأمر إلى ما في نمو النظام الإقطاعي في إيران من خطر على دولتهم؛ فدب إليها الانحلال وانقسمت إيران بعد سقوط هذه الأسرة إلى دويلات محلية، كالدولة المظفرية في إقليمي فارس وكرمان ودولة الكرت في هراة، ودولة الجلائريين في العراق، وغيرها من الدويلات التي ظلت قائمة حتى قضى عليها تيمورلنك في نهاية القرن الثامن الهجري (الرابع عشر الميلادي) حين استقر له الأمر في بلاد ما وراء النهر، وبدأ سلسلة فتوحات أخضع فيها إيران وجزءا من جنوبي الروسيا والهند وهزم جيش بايزيد سلطان الأتراك العثمانيين عند أنقرة سنة 804ه/1402م.
وبعد وفاة تيمورلنك سنة 807ه/1405م أفلح ابنه شاه رخ في الاستيلاء على عرش إيران وبلاد ما وراء النهر، واتخذ مدينة هراة عاصمة له؛ فازدهرت فيها الفنون والآداب على يده وفي عهد خلفائه، حتى قامت الأسرة الصفوية سنة 907ه/1502م وتطور الفن برعايتها تطورا أدى إلى قيام طراز فني جديد.
ومهما يكن من الأمر فقد دمر المغول في فتوحاتهم كثيرا من المدن، وهرب من طريقهم، إلى مصر وغيرها من الأقطار الإسلامية، كثير من الصناع والفنانين، ولكن كل هذه الأحداث كانت عارضة؛ فإن هولاكو وخلفاءه كانوا يشملون رجال الفن بعنايتهم، بل كانوا حين يخربون المدن يعنون بإنقاذ الفنانين وأرباب الصناعات. والواقع أنهم أصابوا قسطا وافرا من التوفيق في النهضة بالفنون والصناعات والآداب. أما تيمورلنك فقد كان الخراب يتبع جيوشه أينما حلت، وكانت قسوته مضرب الأمثال، ولا سيما أن ضحاياها في إيران والهند وآسيا الصغرى كانوا مسلمين مثله، ولكنه إن كان قد خرب دهلي وشيراز وبغداد ودمشق، فقد فعل ذلك لتجميل عاصمته سمرقند، التي كان يعمل على أن تصبح عروس الشرق في المدنية والفنون، بل إنه ذهب إلى حد اعتبار الاشتراك في بناء عمائره فرضا على مهرة البنائين في الأقاليم المختلفة من دولته؛ فكان يستقدمهم، وكانوا يأخذون على عاتقهم تحقيق مشروعاته، كما كان الأمر في نظام «الليتورجيا»
Leiturgia
أو «العمل للشعب» عند الإغريق القدماء، حين كان الأغنياء أو القادرون على عمل من الأعمال يكلفون بعمله أو بالإنفاق عليه فترة من الزمن؛ مساهمة منهم في الخدمة الاجتماعية.
والواقع أن التخريب الذي ينسب إلى غارات المغول بولغ في نتائجه بعض المبالغة؛ فقد حدث حقيقة أن كسدت صناعة البناء، وتهدمت عمائر كثيرة وهاجر الصناع والفنانون إلى آسيا الصغرى وإلى مصر كما ذكرنا، وكما يظهر من قول المؤرخ المصري تقي الدين المقريزي: «فلما خرب المشرق والعراق بهجوم عساكر التتري منذ كان جنكيز خان في أعوام بضع عشرة وستمائة إلى قتل الخليفة المستعصم ببغداد في صفر سنة 656 كثر قدوم المشارقة إلى مصر وعظمت عمارة الحسينية.»
Shafi da ba'a sani ba