Fasahar Iraniyya a Zamanin Musulunci
الفنون الإيرانية في العصر الإسلامي
Nau'ikan
وازدهرت صناعة الخزف في العصر السلجوقي، وظهرت المهارة التي ورثها صناع الخزف الإيرانيون والعراقيون عن العصور القديمة. وأقبل القوم على استخدام القاشاني لتزيين الجدران، والخزف لصناعة الأواني الجميلة، وذاعت شهرة مدينتي الرقة والموصل، ولكن الذي يعنينا في هذا المقام هو مركز ثالث من مراكز إنتاج الخزف في العصر السلجوقي، بل هو أعظمها على الإطلاق. ونقصد مدينة الري جنوبي طهران؛ فقد ظلت هذه المدينة حتى القرن السابع الهجري (النصف الأول من القرن الثالث عشر الميلادي) مقر صناعة زاهرة جدا، وموطنا لإنتاج أنواع دقيقة وبديعة من الخزف الذي أكسب إيران في هذا الميدان شهرة لا تدانيها شهرة الصين في ذلك العصر، والذي امتاز بتنوع أشكاله وجمالها وإبداع زخارفه واتزانها. والواقع أن أكبر مركز لصناعة الخزف ذي البريق المعدني كان في مصر إبان العصر الفاطمي، ثم أصبحت القيادة في هذا الميدان لمدينة الري منذ القرن السادس الهجري (الثاني عشر الميلادي).
وتوصل الخزفيون فيها إلى التجديد في صناعتهم إبان القرن السادس الهجري (الثاني عشر الميلادي) فلم تعد منتجاتهم مقصورة على النوع الذي يعرف باسم «جبرى»
7
وينسب معظمه إلى ما بين القرنين الرابع والسادس (العاشر والثاني عشر بعد الميلاد)، وهو شعبي يمتاز بزخارفه المحفورة حفرا عميقا على أرضية من الفروع النباتية، والتي تذكر بعض الشيء بالزخارف الساسانية في رسومها المكونة من حيوان أو طائر يكسبه الحفر العميق شيئا من البروز. أجل، وفق الخزفيون بمدينة الري في القرن السادس (منتصف القرن الثاني عشر الميلادي) إلى صناعة الخزف ذي البريق المعدني ويسمونه «مينائي»، وهو في أغلب الأحيان آنية - وفي بعض الأحيان لوحات - مدهونة بطلاء أبيض فوقه رسوم متعددة الألوان من صور آدمية وفرسان وأمراء على عروشهم وحيوانات وطيور، وصور توضح قصصا من الأدب أو التاريخ الإيراني كقصة بهرام جور وخسرو وشيرين، وما إلى ذلك من الرسوم الدقيقة التي تشبه رسوم المخطوطات في المدرسة السلجوقية، والتي كان بعض أجزائها مذهبا. ومن المحتمل أن يكون مصورو المخطوطات قد اشتركوا في رسم الزخارف على بعض تلك الأواني الخزفية. بيد أن عددا منها كانت رسومه من الفروع النباتية وليس فيها رسوم آدمية، كما أن بعضها كان طلاؤه أزرق أو أخضر. وثمة نوع كانت زخارفه بارزة ومجسمة، كما سنرى في الفصل الذي سنعقده للكلام على الخزف الإيراني عامة.
أما صناعة الزجاج وتمويهه بالمينا، فقد كان مركزها في العصر السلجوقي منذ القرن السادس الهجري (الثاني عشر الميلادي) في إقليم سورية، وكانت زخارفه الدقيقة تشبه زخارف الخزف المصنوع في الري والتحف المعدنية المصنوعة في الموصل.
وقد ازدهرت في عصر السلاجقة صناعة السجاد التي كانت قبل ذلك في يد القبائل الرحل بآسيا الوسطى، ومما يؤسف له أننا لا نعرف اليوم نماذج من هذه الصناعة بإيران في العصر المذكور؛ فإن ما بقي من منتجات تلك الصناعة لا يتجاوز بعض قطع تنسب إلى آسيا الصغرى، وقد كانت في مسجد علاء الدين بقونية، وهي اليوم محفوظة بالمتحف الإسلامي في إستانبول . وأول هذه القطع من مختلف درجات الأحمر والأزرق، وكانت الأرضية في ذلك السجاد مزينة بزخارف هندسية مكررة أو برسوم أشكال صغيرة كثيرة الأضلاع، ويحف بالأرضية من الجهات الأربع إطار من رسوم حروف كوفية لا تقرأ.
ولم يكن عصر السلاجقة من العصور الذهبية في تاريخ الفنون فحسب؛ بل ازدهرت فيه الثقافة الإيرانية الإسلامية في ميادينها المختلفة، ولا سيما في عصر ملكشاه ووزيره نظام الملك، الذي ألف كتاب «سياسة نامه»، وأنشأ المدرسة النظامية في بغداد، وشمل برعايته أعلام المفكرين في عصره مثل الغزالي وعمر الخيام.
8
على أن السلاجقة في آسيا الصغرى أتيح لهم القيام بعمل حازم جليل؛ فقد قضوا على الصبغة البيزنطية التي كانت سائدة في تلك البلاد منذ العصور القديمة وجعلوها «منطقة نفوذ» إيرانية؛ فصارت الثقافة الإيرانية والأساليب الفنية الإيرانية صاحبة السيادة في بلاطهم بمدينة قونية، وظل تأثير الطرز الفنية الإيرانية عظيما في العمائر والتحف الفنية التي أنتجتها تركيا منذ عصر السلاجقة حتى عصر الأتراك العثمانيين. (3) الطراز الإيراني التتري
كان المغول أو التتر قبائل رحل من صحراء غوبي، وأفلحوا في القبض على زمام السلطان في الصين، ثم انطلقوا بقيادة جنكيز خان يفتحون الإقليم بعد الآخر، حتى أقاموا لأنفسهم عاهلية آسيوية عظمى، وامتد سلطانهم إلى بعض الأقاليم الأوروبية حينا من الدهر. وقد شنوا الغارة على بلاد ما وراء النهر وشرق إيران سنة 618ه فخربوا كثيرا من المدن التي مرت جيوشهم بها.
Shafi da ba'a sani ba