28
من ومضة برق، وقد مر دون أن يلتفت إليه الإخوان؛ إذ كل شيء في دار السلام غيره في دار الأحزان، قلت له بصوت خافت أريد مداعبته: لعل السبب يا إمام، من حرمانك المدام، أنك كنت في الدنيا من السودان، لا من البيضان، وهل يستوي الليل والنهار، أم هل تستوي الظلمات والأنوار؟! فافتر إمام وأومض
29
حتى تبدت نواجذه، ثم ضحك ضحكته العالية، المعروفة عنه في الدار الفانية، وكانت وحدها لتفجير ينابيع الضحك في صدور جلاسه كافية، ثم قال: لقد أدمنت يا أخي شرب الخمر في الحياة الدنيا، وما زلت أعاقرها حتى صرعتني وأثأرت مني، فهل تشرئب أطماعي إلى أن أحظى بها في الآجلة، بعد أن نلت منها هذا النيل في العاجلة؟ أما يكفيني أني دخلت الجنة التي أعدت للمتقين، وأني أستمتع الآن بمائة حوراء؛ لأن سوادي في الدنيا حال بيني وبين كل بيضاء، وأنا القائل لذلك فيها:
أنا ليل وكل حسناء شمس
فاجتماعي بها من المستحيل
والقائل:
وسوداء كالليل البهيم عشقتها
لأجمع بين الحظ والليل في عيني
إذا ضمنا ليل تبسم ثغرها
Shafi da ba'a sani ba