Fiqh Lessons - Suleiman Al-Laheimid
دروس فقهية - سليمان اللهيميد
Nau'ikan
وقيل: التشبه بأهل الجنة.
حيث يطاف عليهم بآنية من فضة وصحاف من ذهب، وذاك مناط معتبر للشارع كما ثبت عنه ﷺ لما رأى رجلًا متختمًا بخاتم من ذهب، فقال (مالي أرى عليك حلية أهل الجنة) أخرجه الثلاثة من حديث بريدة. [قاله الشوكاني].
وقيل: التشبه بالمشركين.
لقوله ﷺ (فإنها لهم في الدنيا ولكم في الآخرة).
وقيل: أن هذا ينافي العبودية.
قال ابن القيم: فَالصّوَابُ أَنّ الْعِلّةَ - وَاَللّهُ أَعْلَمُ - مَا يُكْسِبُ اسْتِعْمَالُهَا الْقَلْبَ مِنْ الْهَيْئَةِ وَالْحَالَةِ الْمُنَافِيَةِ لِلْعُبُودِيّةِ مُنَافَاةً ظَاهِرَةً وَلِهَذَا عَلّلَ النّبِيّ ﷺ بِأَنّهَا لِلْكُفّارِ فِي الدّنْيَا إذْ لَيْسَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنْ الْعُبُودِيّةِ الّتِي يَنَالُونَ بِهَا فِي الْآخِرَةِ نَعِيمَهَا فَلَا يَصْلُحُ اسْتِعْمَالُهَا لِعَبِيدِ اللّهِ فِي الدّنْيَا وَإِنّمَا يَسْتَعْمِلُهَا مَنْ خَرَجَ عَنْ عُبُودِيّتِهِ وَرَضِيَ بِالدّنْيَا وَعَاجِلِهَا مِنْ الْآخِرَة. (زاد المعاد).
(إلا ضبة يسيرة من فضة لحاجة).
أي: فيباح إناء ضبب بضبة يسيرة من فضة لحاجة.
وهذا مستثنى من الاتخاذ والاستعمال لآنية الذهب والفضة.
والدليل على الإباحة:
حديث أَنَس بْن مَالِك ﵁ (أَنَّ قَدَحَ النَّبِيِّ ﷺ اِنْكَسَرَ، فَاتَّخَذَ مَكَانَ الشَّعْبِ سِلْسِلَةً مِنْ فِضَّةٍ.) أَخْرَجَهُ الْبُخَارِي.
(قَدَحَ) إناء يشرب به الماء، وجمعه أقداح. (اِنْكَسَرَ) وفي رواية للبخاري (فانصدع) أي: انشق. (فَاتَّخَذَ) اختلف من الذي اتخذ مكان الشعب سلسلة من فضة، فقيل: هو الرسول ﷺ، للرواية التي بين أيدينا، فإنها تدل أن المتخذ هو الرسول ﷺ، وقيل: هو أنس. لرواية عند البخاري عن عاصم الأحول: (رأيت قدح رسول الله ﷺ عند أنس بن مالك، وكان انصدع فتسلسله بفضة)، قال الحافظ: وفيه نظر، لأن في الخبر عند البخاري عن عاصم قال: قال ابن سيرين إنه كان فيه حلقة من حديد فأراد أنس أن يجعل مكانها حلقة من ذهب أو فضة، فقال له أبو طلحة: لا تغير شيئًا صنعه رسول الله ﷺ، فهذا يدل على أنه لم يغير شيئًا. (مَكَانَ الشَّعْبِ) الشعب بفتح الشين وسكون العين أي: الصدع والشق. (سِلْسِلَةً مِنْ فِضَّةٍ) السلسلة بفتح السين، والمراد بها إيصال الشيء بالشيء، أي: سلكًا من فضة.
1 / 34