واعلم انه اذا كانت ارض الكرم الصحراوى مرملة وخمة كان ذلك موافقا له، لان الماء يغوص فى هذه الارض غوصا جيدا ويصل الى عروق الكرم فيغذيه غذاء حسنا ويصلح فيه الزرجون ويأتي عنبه طيبا غاية الطيب ويطيب فى اول وقته وكذلك يأتي زبيبه طيبا ايضا، فان كانت الارض قوية حسنة او ارض سمينة علكة واردت غرسها فالوجه فيها ان يحفر الحفر على ما وصفنا ثم يبسط القضيب فيها ويملا الحفرة من الرمل فيكون القضيب اصله مبسوطا فى التراب القوى وحوله الرمل البارد وعلى الرمل التراب الحسن فاذا فعل به هذا لم يسأل الكرم عن القحط ويشرب الماء شربا قويا، لان الرمل اذا نزل عليه الماء ابتلعه بسرعة واوصله الى اصل الزرجونة واستقر فى قاع الحفرة وحبس الرطوبة حول الزرجونة، وان كانت السنة قليلة المطر كثيرة الحر لم يصل الى الزرجون من ذلك شىء لان الرمل ابدا بارد يمسك الرطوبة ويغذى الزرجون غذاء معتدلا ومتى لم يعمل بهذه الارض ما ذكرناه واتفق لها محل اضر بالزرجون ضررا بينا.
صفة اخرى وهى غرس الدوالى الكبار، وجه العمل فيها ان يقصد الى الدوالى التي قد تباينت فى العظم وطعنت فى السن فتقلع قبل ان تزبر ويتحفظ فى قلعها باصولها ويخرج فروعها المخالفة لها ويترك فرع واحد مقوم بقضيبه ثم يحفر لها حفر يكون فى طول كل حفرة منها خمسة اشبار وفى عمقها اربعة وفى عرضها شبر وتكون الدوالى التي قد فعل بها ما قلناه من التحفظ واخراج الفروع قبل الزبر فاذا فعل ذلك بها واخرجت رؤوسها المفترقة كلها وصرفت الى رأس واحد لقضيبه ثم تغرس تلك الجفنة كما هى فى الحفرة المصنوعة لها وترقد مبسوطة فى اسفل الحفرة كما فعل بالقضيب المتقدم الذكر ويقام القضيب الذى بقى فيها مع طول الكعب وهو جبهة الحفرة فان انكسر ذلك القضيب اعني الجديد الذى بقى فيها فليخرج من طرف الحفرة على وجه الارض بقدر الاصبع ليضرب فيه اللقح، ويفعل هذا فى اول نونبر اذا كان الكرم بعلا، فان كان سقيا لم يسئل فى اول وقت تغرسه يخدم ذلك العام خدمة جيدة فيدفع اللقح فيه ذلك العام الذى غرس فيه ثمانية اشبار وعشرة ويطعم فى العام الثانى ان شاء الله تعالى. وقد يطعم فى العام الذى يغرس فيه الا انه غير كامل الغلة وهذا الذى ذكرناه من غرس الدوالى ايمن الغراسة واقرب للمنفعة ان شاء الله تعالى
Shafi 76