Falsafan Larabawa da Malami na Biyu
فيلسوف العرب والمعلم الثاني
Nau'ikan
وقد عرض لهذه الرواية الأستاذ محمود محمد شاكر، فقال:
والظن عندنا أنه لقي أبا الفضل هذا، وكان يدعي الفلسفة ويتبجح بذكرها، ويظن بنفسه العلم به ويعرض نفسه لقراءة درس فيها، وكان في ذلك أضحوكة يعجب منها ويتفكه بها، وكانت صورته في ذلك كله تستقصي الضحك وتستخرجه، فقال له أبو الطيب هذه القصيدة تندرا به وعبثا وسخرية ... والعجب للأصفهاني صاحب إيضاح المشكل الذي مر في أول كلامنا ذكره أن يزعم أن معتوها كأبي الفضل هذا النكرة قد هوس أبا الطيب وأضله كما ضل، فمن كان في بديهة المتنبي وذكائه وتوقده لا يلعب به رجل مغمور غير مذكور كهذا الذي ذكروه، وظاهر أمر الأصفهاني أو من قال له ذلك، أنه وقع إليه خبر أبي الطيب وتندره بأبي الفضل هذا الدعي على الفلسفة، فقلب الخبر من معنى الهزل إلى معنى الجد، ونسب إلى المتنبي الأخذ عنه والاقتداء بسخفه وهذيانه، فلولا جاءوا بشيخ مذكور من شيوخ الفلسفة وادعوا ذلك فيما ادعوا على الرجل.
وقد أشرنا من قبل إلى أن الحاتمي جمع في رسالته مائة موضع وافق أبو الطيب فيها أرسطو؛ وذلك يدل على أن أبا الطيب متأثر بفلسفة أرسطو. ولا شك أن أثر الفلسفة الأرسطاطاليسية قد وصل إلى المتنبي كما وصل إلى جمهرة المفكرين المثقفين في عصر المتنبي ومن قبله ومن بعده.
على أن كل المترجمين للمتنبي والباحثين في فلسفته قد أغفلوا رجلا لعله صاحب الأثر الأكبر في فلسفة المتنبي: ذلك الرجل هو أبو نصر الفارابي.
اتصل الفارابي بسيف الدولة حين ملك سيف الدولة حلب سنة 333، وبسط حمايته على العلم والأدب، وقد عاش الفارابي منذ ذلك الحين في كنف سيف الدولة، منقطعا إلى التعليم والتأليف، غير منقطع عن الأسفار التي كان بها مغرما، وقد عظم شأن الفارابي في كنف سيف الدولة وظهر فضله، واشتهرت تصانيفه، وكثرت تلاميذه، وتوفي الفارابي سنة 339 وصلى عليه سيف الدولة في أربعة أو خمسة عشر من خواصه.
وقد دخل أبو الطيب المتنبي في خدمة سيف الدولة سنة 337، وبقي في ظل سيف الدولة إلى سنة 346، فالمتنبي عاشر الفارابي في حمى سيف الدولة مدة سنتين، ولا بد أن يكون حضر مجالسه وطالع كتبه، ولا بد أن يكون صدى فلسفة الفارابي قرع سمع المتنبي قبل ذلك ولاحظنا أن فيما يرويه المؤرخون من روايات وأساطير في شأن الفارابي والمتنبي تشابها يؤدي إلى الخلط أحيانا. ذكر المؤرخون وفاة أبي نصر على أنه مات بدمشق موتا طبيعيا؛ لكن البيهقي روى عن موت الفارابي رواية هذا نصها:
وقد سمعت أستاذي - رحمه الله - يقول: إن أبا نصر كان يرتحل من دمشق إلى عسقلان، فاستقبله جماعة من اللصوص الذين يقال لهم: الفتيان، فقال لهم أبو نصر: خذوا ما معي من الدواب والأسلحة والثياب وأخلوا سبيلي، فأبوا ذلك وهموا بقتله، فلما صار أبو نصر مضطرا، ترجل وحارب حتى قتل ومن معه، ووقعت هذه المصيبة في أفئدة أمراء الشام موقعا، فطلبوا اللصوص ودفنوا أبا نصر، وصلبوهم على جذوع عند قبره.
11
أليست هذه الرواية - وهي من الأساطير - شبيهة بما رواه المؤرخون عن مقتل المتنبي؟
وقد حكى ابن خلكان حكاية ورود أبي نصر على سيف الدولة، وفيها أنه لما قال له سيف الدولة: «اجلس حيث أنت»، تخطى رقاب الناس حتى انتهى إلى مسند سيف الدولة، وزاحمه فيه حتى أخرجه عنه ... إلى آخر القصة، وفي ذلك بعض الشبه بما يروون من الشروط التي اشترطها أبو الطيب لمصاحبة سيف الدولة.
Shafi da ba'a sani ba