[11]
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة على رسوله محمد وآله أجمعين حمدا يقربنا إلى مرضاة الله تعالى وكرامته وصلاة تبلغنا إلى محبة الرسول وشفاعته حمدا يفتتح به كل مقال وصلاة ينال بها كل ما يطلب ويغتنم.
قال مولانا قاضي القضاة الإمام الأجل الكبير الأستاذ فخر الملة والدين محمود الأوزجندي قدس الله روحه: يقول العبد الضعيف الفقير إلى رحمة الله تعالى الغني سدده الله في القول والعمل عصمه من الطغيان والزلل: ذكرت في هذا الكتاب من المسائل التي يغلب وقوعها وتمس الحاجة إليها وتدور عليها واقعات الأمة ويقتصر عليها رغبات الفقهاء والأئمة وهي أنواع وأقسام فمنها ما هي مروية عن أصحابنا المتقدمين ومنها ما هي منقولة عن المشايخ المتأخرين رضوان الله عليهم أجمعين ورتبته ترتيب الكتب المعروفة وجعلت لكل جنس فصلا وبينت لكل فرع أصلا وفيما كثرت فيه الأقاويل من المتأخرين اقتصرت فيه على قول أو قولين وقدمت ما هو الأظهر وافتتحت بما هو الأشهر إجابة للطالبين وتيسيرا على الراغبين وعلى الله توكلت واستعصمته عن الخطأ فيما نويت وهو حسبي ونعم الوكيل وعليه أتوكل وبه أستعين.
فصل في رسم المفتي
المفتى في زماننا من أصحابنا إذا استفتي في مسألة وسئل عن واقعة إن كانت المسألة مروية عن أصحابنا في الروايات الظاهرة بلا خلاف بينهم فإنه يميل إليهم ويفتي بقولهم ولا يخالفهم برأيه وإن كان مجتهدا متقنا لأن الظاهر أن يكون الحق مع أصحابنا ولا يعدوهم واجتهاده لا يبلغ اجتهادهم ولا ينظر إلى قول من خالفهم ولا يقبل حجته لأنهم عرفوا الأدلة وميزوا بين ما صح ثبت وبين ضده فإن كانت المسألة مختلفا فيها بين أصحابنا فإن كان مع أبي حنيفة رحمه الله تعالى أحد صاحبيه يؤخذ بقولهما لوفور الشرائط واستجماع أدلة الصواب فيهما وإن خالف أبا حنيفة رحمه الله تعالى صاحباه في ذلك فإن كان اختلافهم اختلاف عصر وزمان كالقضاء بظاهر العدالة يأخذ بقول صاحبيه لتغير أحوال الناس وفي المزارعة والمعاملة ونحوهما يختار قولهما لاجتماع المتأخرين على ذلك وفيما سوى ذلك قال بعضهم يتخير المجتهد ويعمل بما أفضى إليه رأيه. وقال عبد الله بن المبارك: يأخذ بقول أبي حنيفة رحمه الله وتكلموا في المجتهد قال بعضهم: من سئل عن عشر مسائل فضلا فيصيب في الثمانية ويخطئ في البقية فهو مجتهد. وقال بعضهم: لابد للاجتهاد من حفظ المبسوط ومعرفة الناسخ والمنسوخ والمحكم والمؤول والعلم بعادات الناس وعرفهم.
وإن كانت المسألة في غير ظاهر الرواية فإن كانت توافق أصول أصحابنا يعمل بها وإن لم يجد لها رواية عن أصحابنا واتفق فيها المتأخرون على شيء يعمل به وإن اختلفوا يجتهد ويفتى بما هو صواب عنده وإن كان المفتى مقلدا غير مجتهد يأخذ بقول من هو أفقه الناس عنده في مصر آخر يرجع إليه بالكتاب ويثبت في الجواب ولا يجازف خوفا من الافتراء على الله تعالى بتحريم الحلال وضده والله الموفق للصواب.
كتاب الطهارة
فصل في الطهارة بالماء
الماء الذي يتوضأ به ثلاثة: الماء الجاري والماء الراكد وماء البئر وأقواها الماء الجاري إن كان قوي الجري يجوز الاغتسال فيه والوضوء منه ولا ينجس بوقوع النجاسة فيه ما لم ير أثر النجاسة فيه من لون أو طعم أو ريح.
(ماء النهر أو القناة) إذا احتمل عذرة فاغترف إنسان بقرب العذرة جاوز والماء طاهر مالم يتغير طعمه أو لونه أو ريحه بالنجاسة.
(ماء النهر) إذا انقطع من أعلاه لا يتغير حكم جريه بانقطاع الأعلى فيجوز التوضؤ بما يجري فيه.
(حفيرتان) يخرج الماء من إحداهما ويدخل في الأخرى فتوضأ إنسان فيما بينهما جاز وماء الحفيرة التي اجتمع فيها الماء فاسد الماء إذا جرى على الجيفة أن فيها إن كان الماء كثيرا إلا تستبين فيه الجيفة فالماء طاهر وإن تستبين لقلة الماء فالماء نجوس.
وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى (ساقية) صغيرة وقع فيها كلب فجرى الماء على ظهر الكلب فتوضأ إنسان من أسفله لا بأس به ما لم يتغير لون الماء أو ريحه قال الفقيه أبو جعفر معناه عندنا إذا جرى الماء على الكلب وغمره في النهر وكان الماء غالبا عليه بحيث لا يرى إذا كان يستبين الطلب تحت الماء الذي يجري عليه ولا يجري في جانبيه ماله قوة الجريان فتوضأ إنسان من أسفله ينبغي أن لا يجوز ويكون نجسا. (سطح) عليه نجاسة جرى عليه المطر إن كان أكثر الماء يجري على النجاسة فالماء نجس وما أصاب الثوب من تقاطر يفسده قال محمد رحمه الله تعالى: إن كانت النجاسة في جانب واحد من السطح أو في جانبين فالماء الذي يجري على السطح طاهر وإن كانت النجاسة في ثلاثة جوانب فالماء نجس هذا إذا كانت النجاسة على السطح فإن كانت عند الميزاب أو فيه فالماء نجس ما دامت النجاسة فيه وإن زالت النجاسة بجريان الماء فما بعدها من الماء طاهر.
Shafi 1
(حوض صغير) يدخل الماء فيه من جانب ويخرج من جانب آخر قالوا إن كان أربعا في أربع فما دونه يجوز فيه التوضؤ وإن كان فوق ذلك لا يجوز إلا في موضع دخول الماء وخروجه لأن في الوجه الأول ما يقع فيه من الماء المستعمل لا يستقر فيه بل يخرج كما دخل وإن كان جاريا في الوجه الثاني يستقر فيه الماء ولا يخرج إلا بعد زمان وكذا قالوا في عين ما هي سبع في سبع ينبع الماء من أسفلها ويخرج من منفذها لا يجوز فيه التوضؤ إلا في موضع خروج الماء منها والأصح أن التقدير غير لازم إنما الاعتماد على ما ذكرنا في المعنى فينظر فيه إن كان ما وقع فيه من الماء المستعمل يخرج من ساعته ولا يستقر فيه يجوز التوضؤ منه وإلا فلا.
وعن محمد رحمه الله تعالى في (كوزين) أحدهما طاهر والآخر نجس فصبا من فوق واختلط الماآن في الهواء يكون طاهرا.
(الماء الذي جريه ضعيف) لا تستبين فيه الحركة قال بعضهم إن كان بحال لو ألقى فيه تبنة لا تذهب من ساعتها لا يجوز فيه التوضؤ إلا أن يمكث بين كل غرفتين مقدار ما يغلب على ظنه ذهاب ما وقع فيه من الماء المستعمل وقال بعضهم إن كان بحيث لو رفع الماء لغسل عضو ينقطع جريه ثم يتصل قبل أن تعود إليه الغسالة يجوز فيه التوضؤ وإن كان ينقطع ولا يتصل قبل أن تعود إليه لا يتوضأ فيه إلا أن يمكث بين كل غرفتين مقدار ماقلنا وإن أراد التوضؤ يجعل وجهه فيه إلى مورد الماء ويجعل النهر بين قدميه إن كان صغيرا واختلفوا في كراهة البول في الماء الجاري والأصح هو الكراهة.
(نهر انهار حرفه) وانثلمت ضفته فصار بعض الماء يدخل في الثلمة ثم يخرج منها إلى النهر فهو على ماذكرنا في الحوض الصغير إن كان ما يقع فيها من الماء المستعمل لا يستقر جاز وإلا فلا.
(الجنب) إذا قام في المطر الشديد متجردا بعدما تمضمض واستنشق حتى اغتسلت أعضاؤه جاز لأنه ماء جار.
فصل في الماء الراكد
يجوز التوضؤ والاغتسال في الحوض الكبير واختلفوا في حده قال بعضهم إذا كان الحوض بحال إذا اغتسل إنسان في جانب منه لا يضطرب الطرف الذي يقابله أي لا يرتفع ولا ينخفض فهو كبير وعامة المشايخ قالوا إن كان عشرا في عشر فهو كبير يعتبر فيه ذراع المساحة لا ذراع الكرباس هو الصحيح لأن ذراع المساحة بالممسوحات أليق واختلفوا في قدر عمقه قال بعضهم إن كان بحال لو رفع الماء بكفه لا ينحسر ما تحته من الأرض فهو عميق رواه أبو يوسف عن أبي حنيفة رحمه الله وقال بعضهم إن كان بحال لو اغترف لا تصيب يده وجه الأرض فهو عميق.
(حوض) أعلاه عشر في عشر وأسفله أقل منه جاز فيه الوضوء يعتبر فيه وجه الماء فإن قل ماؤه وانتهى إلى موضع هو أقل من عشر لايجوز فيه الوضوء وإن كان الحوض مدور اختلفوا يف مقداره أنه كم يكون كبيرا وأقصى ماقيل فيه أن يكون حوله ثمانية وأربعون ذراعا ولو كان الحوض مسقفا وكونه أقل من عشرة أذرع ينظر إن كان الماء منفصلا عن السقف جاز فيه الوضوء.
(حوض) كبير جمد ماؤه فثقب ووقعت فيه نجاسة ولم أثرها إن كان تحت الجمد غير ملتزق بالجمد جاز فيه الوضوء وإن كان ملتزقا بالجمد لا وإن خرج الماء من الثقب وانبسط على وجه الجمد بقدر ما لو رفع الماء بكفه لا ينحسر ماتحته من الجمد جاز فيه الوضوء وإلا فلا وإن كان الماء في الثقب فكالماء في الطشت لا يجوز فيه الوضوء إلا أن يكون المثقب عشرا في عشر.
(حوض) كبير فيه مشرعة توضأ إنسان في المشرعة أو اغتسل إن كان الماء متصلا بالألواح بمنزلة التابوت لا يجوز فيه الوضوء واتصال ماء المشرعة بالماء الخارج منها لا ينفع كحوض كبير تشعب منه حوض صغير فتوضأ إنسان في الحوض الصغير لا يجوز إن كان ماء الحوض الصغير متصلا بماء الحوض الكبير وكذا لا يعتبر اتصال ماء المشرعة بما تحتها من الماء إذا كانت الألواح مشدودة.
(حوض) كبير وقعت فيه نجاسة إن كانت النجاسة مرئية كالعذرة ونحوها لا يجوز الوضوء في العذرة ولا الاغتسال في ذلك الموضع بل ينتحي إلى ناحية أخرى بينه وبين النجاسة أكثر من الحوض الصغير وإن كانت غير مرئية كالبول ونحوه على قول مشايخ العراق هي والمرئية سواء وقال مشايخنا ومشايخ بلخ جاز الوضوء في موضع النجاسة وأجمعوا على أنه لو توضأ إنسان في الحوض الكبير أو اغتسل كان لغيره أن يغتسل في موضع الاغتسال.
(غدير) عظيم يبس في الصيف وراثت الدواب فيه ثم دخل فيه الماء وامتلأ ينظر إن كانت النجاسة في موضع دخول الماء فالكل نجس وإن انجمد ذلك الماء كان نجسا لأن كل ما دخل فيه صار نجسا فلا يطهر بعد ذلك وإن لم تكن النجاسة في موضع دخول الماء واجتمع الماء في مكان طاهر وهو عشر في عشر ثم تعدى إلى موضع النجاسة كان الماء طاهرا والمنجمد منه طاهر مالم يظهر فيه أثر النجاسة وكذا الغدير إذا قل ماؤه فصار أربعا في أربع ووقعت نجاسة ثم دخل الماء إلى أن صار الماء الجديد عشرا في عشر قبل أن يصل إلى النجس كان طاهرا.
Shafi 2
(حوض) صغير تنجس ماؤه فدخل الماء من جانب قال الفقيه أبو جعفر يصير طاهرا لأن الماء الجاري غلب على النجس فكان بمنزلة الماء الجاري وقال أبو بكر بن سعيد لا يطهر حتى يخرج منه ثلاث مرات مثل ما كان في الحوض من الماء النجس.
(خندق) طوله مائة ذراع أو أكثر في عرض ذراعين قال عامة المشايخ لا يجوز فيه الوضوء ولو بال فيه إنسان يتنجس من كل جانب عشرة أذرع وقال بعضهم يجوز فيه الوضوء إذا كان ماء الخندق كثيرا بحيث لو بسط يكون عشرا في عشر ويجوز التوضؤ في الحوض الكبير المنتن إذا لم تعلم نجاسته لأن تغير الرائحة قد يكون بطول المكث.
(إذا ورد الرجل ماء) فأخبره مسلم أنه نجس لا يجوز له أن يتوضأ بذلك الماء قالوا هذا إذا كان المخبر عدلا فإن كان فاسقا لا يصدق وفي المستور روايتان في رواية بمنزلة الفاسق وفي رواية بمنزلة العدل.
(حوض) صغير كرى رجل منه نهرا أو جرى فيه الماء وتوضأ ثم اجتمع ذلك الماء في مكان آخر فكرى منه رجل آخر نهرا وأجرى فيه الماء وتوضأ جاز وضوء الكل وتأويله إذا كان بين المكانين قليل مسافة.
(وفي مسألة) إذا كان بينهما قليل مسافة كان الماء الثاني طاهرا كذا قاله خلف بن أيوب ونصير بن يحيى وهذا لأنه إذا كان بين المكانين مسافة فالماء الذي استعمله الأول يرد عليه ماء جاز قبل اجتماعه في المكان الثاني فلا يظهر حكم الاستعمال أما إذا لم يكن بينهما مسافة فالماء الذي استعمله الأول قبل أن يرد عليه ماء جاز في المكان الثاني ويصير مستعملا فلا يطهر بعد ذلك.
(الماء الطاهر) إذا كان في موضع هو عشر في عشر وقعت فيه نجاسة ثم اجتمع ذلك الماء في مكان هو أقل من عشر في عشر يكون طاهرا ولو كان الماء في مكان ضيق هو أقل من عشر في عشر ووقعت فيه نجاسة ثم انبسط ذلك الماء وصار عشرا في عشر كان نجسا والعبرة في هذ الوقت وقوع النجاسة.
(حوض) أعلاه ضيق وأسفله عشر في عشر وقعت فيه نجاسة فتنجس أعلاه ثم انتهى إلى موضع هو عشر في عشر يصير طاهرا ويجعل كأن النجاسة وقعت فيه في هذا الحال كالحوض المنجمد إذا كان الماء في ثقبه أقل من عشر في عشر يتنجس ما كان في الثقب فإن قل الماء وتسفل يطهر وقال بعضهم لايطهر بمنزله الماء القليل إذا وقعت فيه نجاسة ثم انبسط وكان عشرا في عشر وينبغي أن يكون الجواب على التفصيل إن كان الماء الذي ينجس في أعلى الحوض أكثر من الماء الذي في أسفله ووقع الماء النجس في الأسفل جملة كان نجسا ويصير النجس غالبا على الطاهر في وقت واحد وإن وقع الماء النجس في أسفل الحوض على التدريج والتفريق كان طاهرا كالغدير اليابس إذا كان فيه نجاسات وموضع دخول الماء طاهر فاجتمع الماء في مكان طاهر هو عشر في عشر ثم تعدى بعد ذلك إلى موضع النجاسة.
فصل في البئر
يحتاج إلى معرفة حكم البئر ومعرفة حكم الواقع فيها. الأول: قال مالك: البئر بمنزلة النهر الجاري لا يفسد ماؤه بوقوع النجاسة ما لم يتغير طعمه أو لونه أوريحه. وقال الشافعي رحمه الله: إذا بلغ ماؤه قلتين لا يفسده وقوع النجاسة وعندنا البئر بمنزلة الحوض الصغير يفسد بما يفسد به الحوض الصغير إلا أن يكون كبيرا عشرا في عشر.
(بئر بالوعة) جعلوها بئر ماء إن جعلت أوسع وأعمق مقدار ما لا تصل إليه النجاسة كان طاهرا وإن حفرت أعمق ولم تجعل أوسع من الأول فجوانبها نجس وقعرها طاهر.
(بئر) تنجس ماؤه فغار ثم عاد بعد ذلك الصحيح أنه طاهر ويكون ذلك بمنزلة النزح وكذا بئر وجب فيها نزح عشرين دلوا فنزح عشرة فلم يبق الماء ثم عاد بعد ذلك لا ينزح منه شيء وينبغي أن يكون بين البالوعة وبين بئر الماء مقدار ما لا تصل النجاسة إلى بئر الماء وقدر في الكتاب بخمسة أذرع أو سبعة وذلك غير لازم وإنما المعتبر عدم وصول النجاسة إليه وذلك يختلف بصلابة الأرض ورخاوتها.
Shafi 3
فصل فيما يقع في البئر الواقع فيه أنواع منها ما لا يفسده ومنها ما يفسد جميع الماء ومنها ما يفسد البعض أما الأول: الآدمي الطاهر إذا انغمس في البئر لطلب الدلو أو للتبرد وليس على أعضائه نجاسة وخرج حيا فإنه لا يفسده والماء طاهر وطهور ولا ينزح منه شيء وكذا لو وقعت الشاة وخرجت حية إلا أن هنا ينزح عشرون دلوا لتسكين القلب لا للتطهير حتى لو لم ينزح وتوضأ جاز وذكر في الكتاب الأحسن أن ينزح منها دلاء ولم يقدر وعن محمد رحمه الله في كل موضع ينزح لا ينزح أقل من عشرين دلوا لأن الشرع لم يرد بنزح ما دون العشرين وكذا الحمار أو البغل إذا وقع في البئر وخرج حيا ولم يصب الماء فم الواقع فإن أصاب ينزح جميع الماء وكذا لو وقع في البئر ما يؤكل لحمه من الإبل والبقر والغنم والطيور والدجاجة المحبوسة وإن كانت مخلاة فوقعت في البئر وخرجت منه حية لا يتوضأ من ذلك البئر استحبابا احتياطا وثقة، وإن توضأ جاز كما لو شربت من إناء وكذلك مكان البيت كالفأرة والهرة والحية إذا وقعت وخرجت حية عند أبي حنيفة ينزح منها دلاء عشرة أو أكثر لكراهة السؤر وإن لم ينزح وتوضأ جاز وكذا الصبي إذا أدخل يده في البئر أو في الإناء لا يتوضأ منه استحسانا ما لم ينزح وإن لم ينزح وتوضأ جاز.
(وأما ما يفسد ماء البئر ) فهو على نوعين أحدهما ينزح فيه كل الماء والثاني ينزح فيه البعض أما الأول إذا وقعت فيه قطرة من الخمر أو غيرها من الأشربة التي لا يحل شربها أو الدم أو البول بول الصبي والجارية فيه سواء وكذا بول ما يؤكل لحمه وما لا يؤكل لحمه وكذا لو مات فيها شاة أو ما هو مثلها في الجثة كالظبي والآدمي أو مات فيه ما له دم سائل كالفأرة ونحوها إذا انتفخت أو تفسخت أو وقع فيها ذنب فأرة أو قطعة من لحم الميتة أو وقع فيها كلب أو خنزير مات أو لم يمت أصاب الماء فم الواقع أو لم يصب أما الخنزير فلأن عينه نجس والكلب كذلك ولهذا لو ابتل الكلب وانتفض فأصاب ثوبا أكثر من قدر الدرهم أفسده لأن مأواه النجاسات وسائر السباع بمنزلة الكلب وكذا لو اغتسل فيه طاهر أو توضأ لأن الماء المستعمل في إقامة القربة وإسقاط الفرض نجس في أظهر الروايات عن أبي حنيفة وكذا لو وقع المحدث أو الجنب في البئر لطلب الدلو وعلى أعضائه نجاسة أو لم يكن مستنجيا أو كان مستنجيا بالحجر فإنه ينزح كل الماء فإن لم يكن على أعضائه نجاسة فعن أبي حنيفة رحمه الله ثلاث روايات والأظهر أن يصير الماء نجسا ويخرج الرجل من الجنابة ثم يتنجس بالماء النجس حتى لو كان تمضمض واستنشق حل له قراءة القرآن ولو وقعت الحائض بعد انقطاع الدم وليس على أعضائها نجاسة فهي كالرجل الجنب فغن وقعت قبل انقطاع الدم وليس على أعضائها نجاسة فهي كالرجل الطاهر إذا انغمس للتبرد لأنها لا تخرج عن الحيض بهذا الوقوع فلا يصير الماء مستعملا.
(ولو وقع في البئر خرقة أو خشبة نجسة) ينزح كل الماء (والروث وأخثاء البقر) بمنزلة البول (وعن محمد رحمه الله) التبنة والتبنتان عفو (وبول الهرة والفأرة وخرؤها نجس) في أظهر الروايات يفسد الماء والثوب ( وخرء الخفاش) وبوله لايفسد الماء والثوب لتعذر الاحتراز عنه وذرق ما لا يؤكل لحمه من الطيور لا يفسد الماء في ظاهر الرواية عن أبي حنيفة وأبي يوسف لتعذر الاحتراز عنه وبعر الإبل أو الغنم) إذا وقع في البئر لا يفسد ما لم يفحش والفاحش ما يستكثره الناس والقليل مايستقله وقيل إن كان لا يسلم كل دلو عن بعرة أو بعرتين فهو فاحش (وعن محمد) إن أخذ ربع وجه الماء فهو كثير ويستوي فيه الرطب واليابس والصحيح والمنكسر في المصر كان ذلك أوفي المفازة وما يعلو من جوف الدابة ثم يعود حكمه حكم الروث والبعر (خرء ) ما يؤكل لحمه من الطيور لا يفسد الماء إلا الدجاجة المخلاة وفي رواية البط والإوز بمنزلة الدجاجة وذرق سباع الطير يفسد الثوب إذا فحش ويفسد ماء الأواني ولا يفسد ماء البئر وموت الطيور ي الماء يفسد الماء يستوي فيه البري والبحري (موت) ما لا دم له كالسمك والسرطان والحية وكل ما يعيش في الماء لا يفسد ماء الأواني وغيره وموت مال لا دم له كالسمك ونحوه كما لا يفسد الماء لا يفسد غيره كالعصير ونحوه في رواية عن أبي يوسف وكذا الضعدع برية كانت أو بحرية فإن كانت الحية أو الضفدع عظيمة له دم سائل يفسد الماء وكذا الوزغة الكبيرة.
(جلد الآدمي أو لحمه) إذا وقع في الماء إن كان مقدار الظفر يفسده وإن كان دونه لا يفسده ولو سقط في الماء ظفره لا يفسد الماء.
(شعر الخنزير) إذا وقع في الماء يفسده لأنه نجس العين وشعر الآدمي طاهر في ظاهر الرواية إذا وقع في الماء القليل لا يفسد الماء وعلى قول من يقول بأنه نجس لا يفسد مالم يكن أكثر من قدر الدرهم.
(عرق الأتان) ولبنها يفسد الماء ولا يفسد الثوب ما لم يفحش بمنزلة سؤر الحمار.
(وعظم الميتة وصوفها) وشعرها وقرنها وظلفها وحافرها إذا يبس ولم يبق عليه دسومة لا يفسد الماء.
Shafi 4
(المحدث) إذا غسل أطراف أصابعه ولم يغسل عضوا تاما أشار الحاكم رحمه الله تعالى أنه لايصير مستعملا ما لم يغسل عضوا تاما وكذا إذا غسل الطاهر شيئا من غير أعضاء الوضوء كالجنب والفخذ إذا وقع في البئر فأرة أو فأرتان أو ثلاث فارات نزح منها عشرون دلو أو ثلاثون دلوا لأن الفأرة لا تكون فوق الجرذ ثم في الجرذين لا ينزح أكثر من عشرين أو ثلاثين وإن وقع عيها أربع فأرات فعلى قول أبي يوسف الأربع كالثالث وعلى قول محمد الأربع كالخمس وفي الخمس بنزح منها أربعون أو خمسون فكذلك في الأربع وإذ وجب نزح بعض الماء بعدد من الدلاء فالمعتبر في ذلك دلو هذه البئر إن جيء بدلو عظيم يسع فيها عشرين دلوا من دلوهم جاز لحصول المقصود وإذا نزح الماء وحكم بطهارة البئر يحكم بطهارة الدلو والرشاء بيعا كمن غسل يده من نجاسة بقمقمة وحكم بطهارة اليد يحكم بطهارة عروة القمقمة وكذلك حب الخمر إذا صار خلا وحكم بطهارة ما فيه يحكم بطهارة الحب وفي كل موضع ينزح جميع الماء فأيسر الطرق في ذلك أن يجاء بقصبة ويرسل فيها ويجعل على رأس الماء علامة ثم ينزح منها دلاء ثم ينظركم انتقص فينزح الباقي بحساب ذلك ولا يجب نزح الطين لمكان الحرج وما ينزح من البئر لا يطين به المسجد احتياطا.
(بئر) تنجس ماؤه فأرادوا نزح الماء اختلفوا فيه منهم من قال يعتبر الماء عند وقوع النجاسة حتى لو نزحوا ذلك القدر وبقي مقدار ذراع أو ذراعين يصير الماء طاهرا وطهورا وثمرة ذلك تظهر في الرجل إذا أخذ في النزح فعيي فجاء من الغد ووجد الماء أكثر مما ترك فمنهم من قال ينزح جميع الماء فمنهم من قال ينزح جميع الماء ومنهم من قال ينزح مقدار الذي بقي عند الترك هو الصحيح.
(المرأة) إذا وصلت ذوائبها بشعر غيرها ثم غسلت ذلك الشعر لم يصر الماء مستعملا وإن غسلت رأسا عليه شعر طويل يصير الماء مستعملا بغسل الشعر لان النابت من الرأس تبع له مادام متصلا به فيصير الماء مستعملا بغسله بخلاف المسألة الأولى.
(عظم الفيل) إذا لم يكن عليه دسومة وغسل لا يفسد الماء القليل ويباح الانتفاع به في قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله. (عظم الإنسان) إذا وقع في الماء لا يفسده لأنه طاهر بجميع أجزائه وإنما لا يباح الانتفاع به كرامة له. (الميت المسلم) إذا غسل ووقع في الماء القليل لا يفسده والكافر يفسد وإن غسل غير مرة والسقط إذا استهل فحكمه حكم الكبير إن وقع في الماء بعد ما غسل لا يفسد وإن لم يستهل يفسد الماء وإن غسل غير مرة ولو وقع الشهيد في الماء القليل لا يفسده إلا إذا سال منه الدم (الهرة) إذا أكلت طعاما فسقط من فمها شيء يكره أكله وكذا لو لحست عضوا لا يصلي قبل أن يغسل ذلك العضو وإن أكلت فأرة فشربت من إناء في فوره يفسده وإن شربت بعد ساعة لا يفسده (ولو وقعت) الهرة في جب ماء فأخرجت حية من ساعتها فتوضأ إنسان من ذلك الماء جاز.
(بئران ) وقعت في كل واحد منها هرة وماتت فأخرجت من البئر ونزح من إحداهما دلو وصب في الأخرى ينزح من الثانية جميع الماء كما لو وقع فيها شاة وماتت.
(بئر) وجب فيها نزح أربعين دلوا فنزحوا منها يوما عشرين دلوا ويوما عشرين جاز ولا يشترط النزح المتدارك وكذا الثوب إذا تنجس ووجب غسله ثلاث مرات فغسل يوما مرة ويوما مرتين جاز لحصول المقصود.
(بئر) وجد فيها فأرة ميتة إن كانت منتفخة تعاد صلاة ثلاثة أيام ولياليها وإن كانت غير منتفخة تعاد صلاة يوم وليلة في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى (وكذا) لو رأى طائرا وقع في بئر وأخرج ميتا بعد أيام ولا يدري أنه متى مات بعد الوقوع إن كان منتفخا تعاد صلاة يوم وليلة.
(فأرة) ماتت في جب فوقعت قطرة من ذلك الماء في البئر فإنه ينزح من البئر عشرون دلوا أو ثلاثون كأن الفأرة وقعت في البئر وإن وقعت الفأرة في الجب وتفسخت ثم صب قطرة من ذلك الماء في البئر فإنه ينزح جميع الماء كأن الفأرة وقعت في البئر متفسخة.
(بيضة) سقطت من الدجاجة في مرقة أو ماء لا يفسد ذلك الماء وكذا السخلة إذا سقطت من أمها ووقعت في الماء مبتلة لا يفسد وكذا الأنفحة إذا خرجت من الشاة بعد موتها.
(إذا مات) العقرب أو القراد أو الخنفساء في الإناء لا يفسده وإن وقع فيها حلمة وماتت فيها ينزح منها دلاء ثم في رواية ينزح منها عشرون أو ثلاثون وفي رواية إن نزح أقل من عشر جاز.
(إذا وقع) في البئر سام أو برص ومات ينزح منها عشرون دلوا في ظاهر الرواية.
(الصفوة) والعصفور بمنزلة الفأرة لاستوائهما في الجثة والحمامة والورشان بمنزلة السنور ينزح منها أربعون دلوا أو خمسون وإن تفسخ شيء من ذلك ينزح جميع الماء والبط والإوز إن كان صغيرا فهز كالدجاجة ينزح منها أربعون أو خمسون فإن كان كبيرا فهو كالجمل العظيم ينزح كل الماء.
Shafi 5
(صب ماء الوضوء) في بئر عند أبي حنيفة ينزح كل الماء وعند صاحبيه إن استنجى بذلك الماء فكذلك وإن لم يكن استنجى به على قول محمد لا يكون نجسا لكن ينزح منها عشرون دلوا ليصير الماء طهورا.
(فأرة) ماتت في دهن تفسد الدهن فإن كان الدهن جامدا قوز ما حوله وينتفع بالباقي أكلا وكل شيء وإن كان ذائبا لا ينتفع به في الأبدان إلا أن يغسل في قول أبي يوسف وطريق غسله يأتي بعد هذا.
(فأرة) وقعت في بئر وماتت ينزح منها عشرون دلوا فإن نزح منها دلو وصب في بئر طاهر كان حكم الثانية ما كان الأولى قبل نزح هذا الدلو وإن كان المصبوب هو الدلو الأول ينزح من الثانية عشرون دلوا فإن صب الدلو الثاني ينزح من البئر الثانية تسعة عشر وإن صب الدلو العاشر ينزح من الثانية أحد عشر هو الصحيح لأن الأولى كانت تطهر قبل نزح هذا الدلو بأحد عشر فكذا الثانية فلو نزح الدلو الأخير من البئر فما دام الدلو الأخير يف هواء البئر لا يحكم بطهارة ماء البئر حتى لا يجوز التوضؤ بماء البئر وإن نجى الدلو الأخير عن رأس البئر يحكم بطهارة ماء البئر.
(فأرة) ماتت في جب فصب ماء الجب في بئر ينزح الأكثر مما صب فيه ومن عشرين دلوا وعند أبي يوسف ينزح المصبوب وعشرون دلوا.
(الإناء كالبئر) في حكم البعرة والبعرتين فيما روي عن أبي حنيفة.
(رجل) نزح ماء بئر إنسان فيبس البئر لا يضمن شيئا ولو صب ماء آنيته يضمن لأن ماء الآنية مملوك وماء البئر غير مملوك.
فصل في الحمام
دخول الحمام مشروع للرجال والنساء جميعا خلافا لما قاله بعض الناس روي أن رسول الله صلى الله عليه وعلى وسلم دخل الحمام وتنور وخالد بن الوليد رضي لله عنه دخل حمام حمص لكن إنما يباح إذا يباح إذا لم يكن فيه إنسان كشف العورة (إذا خرج) من الحمام ولم يتوضأ ولم يغتسل خارج الحمام لا بأس به عند عامة العلماء واختلف المشايخ في الماء الذي صب على وجه الحمام وأصح ما قيل فيه وهو رواية عن أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله أن ذلك الماء طاهر ما لم علم إن فيه خبثا حتى لو خرج إنسان من الحمام وقد أدخل رجليه في ذلك الماء ولم يغسلهما بعد الخروج وصلى جاز.
(ماء حوض الحمام) طاهر عندهم ما لم يعلم بوقوع النجاسة فيه فإن أدخل رجل يده في الحوض وعليها نجاسة إن كان الماء ساكنا لا يدخل فيه شيء من الأنبوب ولا يغترف الناس بالقصفة يتنجس ماء الحوض وإن كان الناس يغترفون من الحوض بقصاعهم ولا يدخل من الأنبوب ماء أو على العكس اختلفوا فيه وأكثرهم على أنه ينجس ماء الحوض وإن كان الناس يغترفون بقصاعهم ويدخل الماء من الأنبوب اختلفوا فيه وأكثرهم على أنه لا ينجس.
(البردى) إذا ألقى في الماء النجس في الابتداء على قول محمد لا يطهر أبدا حتى لو اتخذ منه شراك نعل كان نجسا وعلى قول أبي يوسف وعامة المشايخ يغسل ثلاث مرات ويعصر في كل مرة أو يجفف في كل مرة فيطهر وكذا النعل الجديد إذا أصابه ماء نجس فيشرب على قول محمد لا يطهر أبدا وعلى قول أبي يوسف إذا أدخله الماء الطاهر ثلاث مرات وجفف في كل مرة يطهر وينبغي لمن دخل الحمام أن يمكث مكثا متعارفا ويصب صبا متعارفا من غير إسراف.
(حوض الحمام) إذا تنجس فدخل فيه الماء لا يطهر ما لم يخرج منه مثل ما كان فيه ثلاث مرات وقال بعضهم إذا خرج منه مثل ما كان فيه مرة واحدة يطهر لغلبة الماء الجاري عليه والأول أحوط.
Shafi 6
فصل في الماء المستعمل اتفق أصحابنا رحمهم الله في الروايات الظاهرة على أن الماء المستعمل في البدن لا يبقى طهورا واختلفوا في طهارته وفي السبب الذي يصير به الماء مستعملا وفي الوقت الذي يأخذ الماء حكم الاستعمال أما السبب فاتفقوا على أن يصير مستعملا إذا استعمله للطهارة واختلفوا في أنه هل يصير مستعملا لسقوط الفرض إذا لم ينو ذلك أو قصد التبرد أو أخرج الدلو من البئر قال أبو حنيفة وأبو يوسف رحمها الله يصير مستعملا وقال محمد رحمه الله في المشهور لا يصير مستعملا وأما وقت ثبوت حكم الاستعمال اتفقوا على أنه ما دام على العضو لا يعطى له حكم الاستعمال وبعد الزوال عن العضو اختلفوا فيه قال بعضهم: يصير مستعملا وإن كان في الهواء بعد بدليل أن المحدث إذا غسل ذراعيه فأمسك إنسان يده تحت ذراعيه وغسلهما بذلك الماء لايجوز مروي ذلك عن أصحابنا وكذا المحدث إذا غسل عضوا فقبل أن يجتمع الماء في المكان غسل به عضوا آخر لا يجوز إلا على قول أبي مطيع البلخي. وقال بعضهم: لا يصير مستعملا ما لم يستقر في مكان ويسكن عن التحرك وأما الاختلاف في طهارة الماء المستعمل ونجاسته قال أبو حنيفة وأبو يوسف رحمهما الله في المشهور عنهما: هو نجس. وقال محمد رحمه الله: هو طاهر فإن أصاب ذلك الماء ثوبا إن كان ذلك ماء الاستنجاء وأصابه أكثر من قدر الدرهم لا تجوز فيه الصلاة عندنا وإن لم يكن ذلك ماء الاستنجاء على قول أبي حنيفة وأبي يوسف لا يمنع ما لم يفحش والفاحش عند أبي حنيفة ما يستفحشه الناظر وقيل إن كان ربع الثوب فهو كثير وقال أبو يوسف: إن كان شبرا فهو كثير وفي رواية عن أبي يوسف يقدر بالربع قيل أراد به ربع الكم أو ربع الذيل لا ربع الكم أو ربع الذيل لا ربع جميع الثوب.
(المحدث أو الجنب) إذا أدخل يده في الإناء للاغتراف وليس عليها نجاسة لا يفسد الماء وكذا إذا وقع الكوز في الحب فأدخل يده في الحب إلى المرفق لإخراج الكوز لا يصير مستعملا وكذا الجب إذا أدخل يده في البئر لطلب الدلو لا يصير الماء مستعملا لمكان الضرورة.
(الجنب) إذا أخذ الماء بفيه لا يريد به المضمضمة لا يصير مستعملا في قول محمد رحمه الله وكذا لو أخذ الماء بفيه وغسل أعضاء بذلك الماء أو أخذ الماء بفيه وملأ به الآنية كان طاهرا وطهورا وقال أبو يوسف رحمه الله لا يبقى طهورا وهو الصحيح إما لأنه صار مستعملا بسقوط الفرض أو لأنه خالطة البزاق فلا يكون طهورا ولو أدخل يده أو رجله في الإناء للتبرد يصير الماء مستعملا لانعدام الضرورة ولو أدخل المحدث رأسه في الإناء يريد به المسح لا يصير الماء مستعملا في قول أبي يوسف رحمه الله وقال إنما يتنجس الماء في كل شيء يغسل يريد به الغسل أما ما يمسح لا يصير الماء به مستعملا وإن أراد به المسح وقال محمد رحمه الله إذا كان على ذراعيه جبائر فغمسها في الماء أو غمس رأسه في الإناء لا يجوز ويصير الماء مستعملا.
(الجنب) إذا شرب الماء قبل أن يتمضمض هل ينوب عن المضمضة قالوا إن كان فقيها ينوب لأنه يمص الماء مصا فلا يصل الماء إلى كل فمه وإن كان جاهلا ينوب لأن الجاهل يعب الماء عبا فيصل الماء إلى كل الفم.
(انتضاح الغسالة) في الإناء إن كان قليلا لا يفسد وحد القليل أن لا يستبين مواقع القطر في الماء كالطل وإن كان يستبين ذلك ويرى فهو كبير ولا بأس للمتوضئ والمغتسل أن يتمسح بالمنديل لأن النبي صلى الله عليه وعلى وسلم كان يفعل ذلك ومنهم من كره ذلك ومنهم من كره للمتوضئ دون المغتسل والصحيح ما قلنا إلا أنه ينبغي أن لا يبالغ ولا يستقصي فيبقى أهر الوضوء على أعضائه.
(غسالة الميت) من الماء الأول والثاني والثالث فاسدة وما يصيب ثوب الغاسل من ذلك قدر ما لا يمكن الاحتراز عن ذلك يكون عفوا والثوب الذي يمسح به الميت طاهرا اعتبارا بثوب الحي.
(استنجى) فأصاب الماء كمه أو ذيله إن أصابه الماء الأول أو الثاني أو الثالث يتنجس نجاسة غليظة فإن أصابه الماء الرابع يتنجس نجاسة الماء المستعمل ويكره شرب الماء المستعمل.
(المحدث) إذا توضأ في أرض المسجد لا يجوز في قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله لأن عندهما الماء المستعمل نجس وإن توضأ في إناء في المسجد جاز عندهم.
(ويكره) التجرد في المسجد (وكما) يصير الماء مستعملا بإزالة الحدث والجنابة يصير مستعملا بالغسل للأكل قبل الطعام وبعده وكذا لو اغتسل للإحرام أو للإسلام أو للوضوء على الوضوء وصلاة الجمعة وصلاة العيد وليلة عرفة وليلة القدر وكذا إذا اغتسلت المرأة لحيض أو نفاس أو غسل ميتا ثم اغتسل فإن الماء يصير مستعملا في هذه الوجوه لإقامة القربة ولو توضأ الطاهر لإزالة الطين أو العجين أو الدرن أو اغتسل الطاهر للتبرد لا يصير الماء مستعملا في هذه الوجوه.
(الصبي العاقل) إذا توضأ أو اغتسل يريد به التطهير ينبغي أن يصير الماء مستعملا لأنه نوى قربة معتبرة.
Shafi 7
فصل فيما لا يجوز به التوضؤ لا يجوز التوضؤ بماء الفواكه وتسفير أن يدق التفاح أو السفرجل دقا ناعما ثم يعصره فيستخرج منه الماء وقال بعضهم تفسيره أن يدق التفاح أو السفرجل ويطبخ بالماء ثم بعصر فيستخرج منه الماء وفي الوجهين لا يجوز به التوضؤ لأنه ليس بماء مطلق ولا يجوز التوضؤ بماء البطيخ والقثاء والقند ولا بالماء الذي يسيل من الكرم في الربيع كذا ذكره شمس الأئمة الحلواني ولا بماء الورد والزعفران ولا بماء الصابون والحرض إذا ذهبت رقته وصار ثخينا وإن بقيت رقته ولطافته جاز به التوضؤ وكذا لو طبخ بالماء ما يقصد به المبالغة في التنظيف كالسدر والحرض وإن تغير لونه ولكن لم تذهب رقته يجوز به التوضؤ وإن صار ثخينا مثل السويق لا يجوز به التوضؤ ولو توضأ بماء السيل يجوز وإن خالطه التراب إذا كان الماء غالبا رقيقا فراتا كان أو أجاجا وإن كان ثخينا كالطين لا يجوز به التوضؤ وكذا التوضؤ بماء الزعفران وزردج العصفر يجوز إن كان رقيقا والماء غالب فإن غلبته الحمرة وصار متماسكا لا يجوز به التوضؤ أما عند أبي يوسف رحمه الله تعتبر الغلبة من حيث الأجزاء لا من حيث اللون هو الصحيح وعلى قول محمد رحمه الله تعتبر الغلبة بتغير الطعم واللون والريح ويجوز التوضؤ بالماء الذي ألقي فيه الحمص أو الباقلاء ليبتل وتغير لونه وطعمه ولكن لم تذهب رقته ولو طبخ فيه الحمص أو الباقلاء وريح الباقلاء يوجد منه لا يجوز به التوضؤ وذكر الناطقي إذا لم تذهب رقة الماء ولم يسلب منه اسم الماء جاز به الوضوء وكذا لو بل الخبز بالماء وبقي رقيقا جاز به الوضوء فإن صار ثخينا لا يجوز وكذا لو ألقي الزاج في الماء حتى اسود لكن لم تذهب رقته جاز به الوضوء ولو وقع الثلج في الماء وصار ثخينا غليظا لا يجوز به التوضؤ لأنه بمنزلة الحمد وإن لم يصر ثخينا جاز ولو توضأ في الحوض انجمد ماؤه إلا أنه رقيق ينكسر بتحريك الماء جاز وضوؤه وإن كان الجمد على وجه الماء قطعا قطعا إن كان كبير لا يتحرك بتحريك الماء لا يجوز وإن كان قليلا يتحرك بالتحريك يجوز بمنزلة ما لو كان على وجه الماء عود أو خشب يتحرك بتحريك الماء يجوز به التوضؤ وإلا فلا ولو توضأ بالثلج إن كان يذوب ويسيل الماء على أعضائه جاز وإلا فلا وإن بال جاهل في الماء الجاري ورجل أسفل منه يتوضأ إن لم يتغير لون يتغير لو الماء أو طعمه أو ريحه يجوز وإلا فلا وإن كان الماء راكدا إن كان قليلا لا يجوز فيه التوضؤ أصلا وإن كان كثيرا فقد مرت المسألة قبل هذا وكذا لو صب آنية الخمر في نهر عظيم ورجل أسفل منه يتوضأ أو يشرب جاز إن لم يظهر أثره في ذلك إذا كان على بدنه نجاسة فمسحها بخرقة مبلولة ثلاث مرات. (حكي) عن الفقيه أبي جعفر أنه قال يطهر إذا كان الماء متقاطرا على بدنه ولا يجوز التوضؤ بشيء من الأشربة ولا بغيرها من المائعات نحو الخل والمري إلا نبيذ التمر فإنه يجوز التوضؤ به عند عدم الماء المطلق في قول أبي حنيفة الأول ووجوده يمنع التميم في قوله وتفسير النبيذ أن <18> يلقي التمر في الماء فيأخذ الماء حلاوته ولا يصير نخينا ولا سكرا فإن كان سكرا لا يحل شربه ولا يجوز به التوضؤ وإن طبخ أدنى طبخة الصحيح أنه لا يجوز به التوضؤ على قول أبي يوسف رحمه الله يتيمم ولا يتوضأ بنبيذ التمر وهو قول أبي حنيفة الآخر وعلى قول محمد رحمه الله تعالى يجمع بينه وبين التيمم فإن كان معه سؤر الحمار ونبيذ التمر يتوضا بسؤر الحمار ويتيمم ولا يلتفت إلى نبيذ التمر لأن سؤر الحمار كان طهوراص في الأصل وإنما صار مشكلاص بشرب الحمار أما نبيذ التمر ما كان طهورا في الأصل وفي رواية يجمع بين الكل وما يحل شربه إذا أصاب ثوباص لا يفسده (الماء) إذا اختلط بالمخاط أو بالبزاق جاز به التوضؤ ويكره * (فصل في الأسآر)* سؤر طاهر لا كراهة فيه وهو سؤر ما يؤكل لحمه من الحيوان وسؤر الآدمي على أي صفة كان (وسؤر مكروه) وهو سؤر سواكن البيوت كالفأرة والحية والوزغة والهرة في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله واختلف المشايخ في بول الهرة والفأرة منهم من جعله عفواص إذا أصاب ثوباص لا يفسده ومنهم من قدره بالكثير الفاحش والصحيح أنه مفسد وسؤر الدجاجة المخلاة مكروه وكذا سؤر سباع الطير (وسؤر نجس) وهو سؤر الخنزير والكلب وسباع الوحش كالاسد والفهد ونحو ذلك (وسؤر مشكوك) وهو سؤر الحمار والبغل واختلفوا في الشك قال بعضهم الشك في طهارته حتى لو وقع في الماء القليل يفسده وإن أصاب الثوب أو البدن لا يفسده (والصحيح)أن الشك في طهوريته وعرقهما طاهر في ظاهر الرواية لا يفسد الماء والثوب (وذكر) شمس الأئمة الحلواني أن عرقهما نجس وإنما جعل عفواص في الثوب والبدن لمكان الضرورة في طهارة لبن الأتان روايتان (وأما سؤر الفرس) فعن أبي حنيفة فيه روايتان وأظهرهما أنه طاهر وطهور وهو قولهما ثم السؤر لطاهر بمنزلة الماء المطلق فإن استعمل الماء الكره مع القدرة على الماء المطلق صحت طهارته ويكره وفي المشكوك يجمع بينه وبين التيمم ولو اكتفى بأحدهما وصلى لا تجوز صلاته * (فصل في النجاسة التي تصيب الثوب أو الكف أو البدن أو الأرض) * (النجاسة نوعان) غليظة وخفيه (فالخفيفة) لا تمنع ما لم تفحش (والغليظة) إذ زادت على قدر <19> الدرهم تمنع جواز الصلاة واختلفوا في مقدار الدرهم أنه معتبر وزنا أو بسطاص الصحيح أنه في المستجسدة كالعذرة والروث ولحم الميتة يعتبر قد الدرهم وزنا وفي غير المستجسدة كالبول والخمر والدم يعتبر القدر بسطا واختلفوا أيضا فيا الدرهم الذي يقدر به (قال شمس الأئمة) السرخسي رحمه الله يعتبر فيه أكبر دراهم البلد إن كان في البلد دراهم مختلفة ثم النجاسة الغلظة ما لا شبهة في نجاستها ثبتت نجاستها بدليل مقطوع به كالخمر والم المسفوح ولحم الميتة وبول ما لا يؤكل لحمه وأما الروث وأخثاء البقر فعند أبي حنيفة نجس نجاسة غليظة وعند صاحبيه نجاسة خفيفة لا فرق عندهما بين المأكول وغير المأكول وفي كل ما يعتبر فيه الفاحش فهو مقدر بالربع في قول محمد رحمه الله وهو رواية عن أبي حنيفة وقال أبو يوسف رحمه الله شبر في شبر وفي رواية ذراع في ذراع (وبول ما يؤكل لحم) نجس في قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله نجاسة خفيفة لتعارض الأدلة وقال محمد رحمه الله طاهر (العذرة) ونحو الكل ورجيع السباع نجس نجاسة غليظة (خرء) ما يؤكل لحمه من الطيور طاهر إلا ما له رائحة كريهة كخرء الدجاج والبط والإوز فهو نحس نجاسة غليظة (ذرق) سباع الطير كالبازي والدأة لا يفسد الثوب واختلف المشايخ في بول الهرة والفأرة إذا أصاب الثوب قال ببعضهم يفسد إذا زاد على قدر الدرهم وهو الظاهر وقال بعضهم لا يفسد أصلا وقال بعضهم يفسد إذا فحش ويظهر أثر الضرورة في التخفيف لا في سلب النجاسة (دم) السك وما يعيش في الماء لا يفسد الثوب في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله وقال أبو يوسف رحمه الله يفسد إذا فحش دم الحلمة أو الوزغة يفسد الثوب والماء ودم البق أو البعوض أو البرغوث لا يفسد عندنا (الطحال والكبد) طاهران فبل الغسل حتى لو اطلى به وجه الخف وصلى جازت صلاته وما يبقى من الدم في عروق المذكاة بعد الذبح لا يفسد الثوب وإن فحش (وعن أبي يوسف) رحمه الله يفسد الثوب إذا فحش ولا يفسد القدر (الدم) الذي ظهر في رأس الجرح وانتفخ ولم يسل ليس ينجس في قول أبي يوسف وقال محمد نجس (ماء ) الطابق نجس قياساص ولي بنجس <20> استحسانا وصوبته إذا أحرقت العذرة فأصاب ماء الطابق ثوب إنسان لا يفسده استحسانا ما لم يظهر أثر النجاسة فيه وكذا الاصطبل إذا كان حارا وعلى كونه طابق أبيت البالوعة إذا كان عليه طابق فعرق الطابق وتقاطر منه وكذا الحمام إذا أهريق فيه النجاسات فعرق حيطانها وكوتها وتقاطر وكذا لو كان في الاصطبل كوز معلق فيه ماء فترشح من أسفل الكوز في القياس يكون نجساص لأن البلة في أسفل الكوز صارت نجسة ببخار الاصطبل وفي الاستحسان لا يتنجس لأن الكوز طاهر والماء الذي فيه طاهر فما ترشح منه يكون طاهراص (إذا صلى) ومعه شعر الآدمي قد ذكرنا أنه تجوز صلاته ولو قلع إنسان سنه أو قطع أذنه ثم أعادهما إلى مكانهما وصلى أو صلى وسنه أو أذنه في كممه تجوز صلاته في ظاهر الرواية وكذا لو صلى وفي عنقه قلادة فيها سن كلب أو ذئب تجوز صلاته وما يطهر جلده بالدباغ يطهر لحمه بالذكاء ذكره شمس الأئمة الحلواني قيل يشترط أن تكون الذكاة من أهلها في محلها وهو ما بين اللبة واللحيين وقد سمى بحيث لو كان مأكولا لا يحل أكله بتلك الذكاة (وذكر الناطفي) إذا صلى ومعه من لحم السباع كالثلعب ونحوه أكثر من قدر الدرهم لا تجوز صلاته وإن كان مذبوحا ولو صلى ومعه لحم بازي قد ذبح جازت صلاته لأن سؤر الثعلب ونحوه نجس وما كان سؤره نجسا لا يطهر لحمه إلا بالذكاة إنما يطهر إذا لم يكن سؤره نجسا (وعن الفقيه أبي جعفر) إذا صلى ومعه لحم سباع الوحش قد ذبح لا تجوز صلاته ولو وقع في الماء أفسده وذكر الناطفي عن محمد رحمه الله إذا صلى على جلد كلب أو ذئب قد ذبح جازت صلاته (الكلب) إذا أخذ عضو إنسان أو ثوبه بفيه أخذه في الغضب لا يفسده وإن أخذه في اللعب والمزاح يفسده لأنه في الوجه الأول يأخذ بسنه وسنه غير نجس وفي الوجه الثاني يأخذ بفيه ولعابه نجس إذا مشى كلب على ثلج فوضع إنسان رجله على ذلك الموضع إن كان الثلج رطبا بحيث لو وضع عليه شيء يبتل يصير الثلج نجسا فما يصيبه يكون نجسا وإن لم يكن رطبا لا يتنجس وقيل إنه لا يتنجس الثلج وهو محمول على الوجه الثاني وكذا الكلب إذا مشى في طين أو ردغة يتنجس الطين والردغة إذا صلى وهو حامل شهيدا عليه دمه جازت صلاته وإن <21> أصاب دم الشهيد ثوب إنسان أفسده (لعاب الفيل نجس) كلعاب الفهد والأسد إذا أصاب الثوب بخرطومه نجسه الثوب النجس إذا غسل ثلاثا وعصر مرة لا يطهر إلا في رواية عن أبي يوسف رحمه الله فإن غسل ثلاثا وعصر في كل مرة ثم تقاطر منه قطرة فأصابت شيئا إن عصره في المرة الثالثة وبالغ فيه بحيث لو عصره لا يسل منه الماء فالكل طاهر وإلا فما تقاطر منه نجس فإذا أصاب شيئا أفسده إذا غسل الثوب ثلاثا وعصر في كل مرة وقوته أكثر من ذلك ولم يبالغ صيانة للثوب لا تجوز إذا نام الكلب على حصير المسجد إن كان يابسا لا يتنجس وإن كان رطبا ولم يظهر أثر النجاسة فيه فكذلك (إذا) رمى بعذرة في نهر فانتضح الماء من وقوعها فأصاب ثوبا إن ظهر أثر النجاسة فيه يصير نجسا وإلا فلا وكذلك لو بال الحمار في ماء جار فأصاب الرش ثوب إنسان لا يفسده ما لم يتيقن أنه بول وإن كان الماء راكدا فزاده على قدر الدرهم أفسده (الكلب) إذا خرج من الماء وانتفض فأصاب ثوب إنسان أفسده قيل إن كان ذلك من ماء المطر لا يفسده إلا إذا أاب المطر جلده وفي ظاهر الرواية أطلق ولم يفصل إذا صلى ومعه فأرةأو هرة أو حية تجوز صلاته وقد أساء وكذا كل ما يجوز التوضؤ بسؤرهوإن كان في كمه ثعلب أو جرو كلب لا جو صلاته لأن سؤره نجس لا يجوز به التوضؤ به (ولو صلى) ومعه جلد حية أو أكثر من قدر الدرهم لا تجوز صلاته وإن كانت مذبوحة لأن جلدها لا يحتمل الدباغة فلا تقام الذكاة مقام الدبغ وأما قميص الحية ذكر شمس الأئم الحلواني الصحيح أنه طاهر (إذا صلى) وفي كمه بيضة مذرة قد حال محها دما جازت صلاته وكذا البيضة التي فيها فرخ ميت (البيضة) الرطبة أو السلخلة الرطبة إذا وقعت في ثوب لا تفسده في قياس قول أبي حنيفة رحمه الله (امرأة) صلت ومعها صبي ميت إن لم يكن استهل فصلاتها فاسدة غسل أو لم يغسل وإن كان قد استهل ولم يغسل فكذلك وإن كان قد غسل جازت صلاته والمستحب أن لا يصلى على هذه الحالة (ثوب) أصابه عصير ومضى على ذلك أيام جازت الصلاة فيه عند علمائنا رحمهم الله تعالى لأنه لا يصير خمرا في الثوب (امرأة) صلت ومعها دود القز جازت صلاتها لأنه ليس بنجس (ثوب) أصابت <22> النجاسة طرفا منه فنسي ذلك الموضع فغسل منه طرفا جازت الصلاة فيه (إذا قاء ملء الفم) ينبغي أن يغسل فاه فإن لم يغسله حتى صلى جازت صلاته لأنه يطهر بالبزاق عند أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله وكذا إذا شرب الخمر ثم صلى بعد زمان وكذا إذا أصاب النجاسة بعض أعضائه ولحسها بلسانه حتى ذهب أثرها وكذا السكين إذا تنجست فلحسها بلسانه أو مسحها بريقه وكذا الصبي إذا قاء على ثدي الأم ثم مض الثدي مرارا يطهر (إذا صلى) على ثوب محشو بطانته نجسة وظهارته طاهرة جازت صلاته في قول محمد رحمه الله ويجعل كثوبين وعلى قول أبي يوسف رحمه الله لا تجوز ويجعل كثوب واحد ولو صلى على ثوب محشو بطانته طاهرة وظهارته كذلك وحشوه نجس جازت صلاته في قول محمد رحمه الله وذكر في السير ما يدل على هذا وعلى قول أبي يوسف رحمه الله لا تجوز صلاته في الفصلين وقوله أقرب إلى الاحتياط (الأرض)أو الشجر إذا أصابته النجاسة فأصابها المطر ولم يبق لها أثر يصير طاهرا إذا صلى ومعه تكة من شعر الكلب جازت صلاته لأنه تبع (المرأة ) إذا اختضبت بحناء نجس فغسلت ذلك الموضع ثلاثا بماء طاهر يطهر لأنها أتت بما في وسعها وينبغي أن لا يكون طاهرا مادام يخرج منه الماء الملون بلون الحناء (إذا كان) على بدن الرجل نفطة يبس ما تحتها من الرطوبة ولم تذهب الجلدة عنها فتوضأ وأمر الماء على الجلدة جازت وإن لم يصب الماء ما تحتها لأن الواجب غسل الظاهر دون الباطن (الحمار) إذا وقع في الملاحة وصار ملحا كان الكل طاهرا حل أكله في قول محمد رحمه الله وعلى قول أبي يوسف نجس وكذا العذرة إذا أحرقت وصارت رمادا والطين النجس إذا جعل منه الكوز أو القدر وطبخ به يكون طاهرا (الجلد المدبوغ) إذا أصابته النجاسة إن كان صلبا لا ينشف النجاسة لصلابته يطهر بالغسل في قولهم وإن كان ينشف النجاسة إن أمكن عصره يغسل ثلاثا ويعصر في كل مرة فيطهر وإن كان لا يمكن عصره فعند أبي يوسف يغسل ثلاثا ويجفف في كل مرة فيطهر وعند محمد رحمه الله لا يطهر أبدا وعلى هذا الخلاف اللحم إذا طبخ بالخمر والحديد إذا موه بالماء النجس عند محمد رحمه الله لا يطهر أبدا وعند أبي يوسف رحمه الله يغلى اللحم في الماء الطاهر ثلاثا فيطهر والحديد يموه بالماء الطاهر ثلاثا <23> ويبرد في كل مرة فيطهر وكذا الحصير من البردي إذا أصابته النجاسة وهو جديد لا يطهر عند محمد رحمه الله وعند أبي يوسف يغسل ثلاثا ويجفف في كل مرة فيطهر وقد ذكرنا هذا في شراك النعل والبوريا من القصب يغسل ثلاثا ويطهر بلا خلاف لأنه لا ينشف النجاسة (وعند محمد رحمه الله) جلد الميتة إذا يبس ووقع في الماء لا يفسد ولو صلى معه جازت صلاته وإن كان أكثر من قدر الدرهم إذا دبغ بالرماد أو بالملح أو السبخة أو ما يمنعه من الفساد ويخرجه عن حد الأكل فهو دباغ (الخشب) إذا أصابته النجاسة فأصابه المطر بعد ذلك كان ذلك بمنزلة الغسل كالأرض إذا أصابتها النجاسة ثم أصابها المطر كان ذلك بمنزلة الغسل فإنه لم يصب المطر فالأرض تطهر بالجفاف إذا لم يبق أثر النجاسة واختلفوا في الشجر والكلأ مادام قائما على الأرض يطهر بالجفاف وإن كان موضوعا ينقل ويحول من مكان إلى مكان إن كانت النجاسة على الجانب الذي يلي الأرض جازت الصلاة عليها وإن كانت النجاسة على الجانب الذي قام عليه المصلي لا تجوز والبساط الذي بعض أطرافه نجس جازت الصلاة على الطاهر منه سواء كان يتحرك الطرف الآخر بتحرك المصلي أولا يتحرك لأن البساط بمنزلة الأرض فيشتر فيه طهارة مكان المصلي بخلاف ما إذا صلى في ثوب وطرفه طاهر ورف منه نجس فلبسن الطرف الطاهر وألقي الطرف النجس على الأرض إن كان ما على الأرض يتحرك بتحركه لا تجوز صلاته إذا أراد أن يصلي على أرض عليها نجاسة فكبسها بالتراب ينظران كان التراب قليلا بحيث لو استشمه يجد رائحة النجاسة لا يجوز وإن كان التراب كثيرا لا يجد ريح النجاسة يجوز (الحجر إذا أصابته النجاسة) إن كان حجرا يتشرب النجاسة كحجر الرحا يكون يبسه طهارته وإن كان لا يتشرب لا يطهر إلا بالغسل (اللبن إذا أصابته النجاسة) وهو غير مفروش لا يطهر بالجفاف لأنه ليس بأرض وإن كان مفروشا وصلى عليه بعد الجفاف جازت صلاته لأنه صار كوجه الأرض فإن قلع بعد ذلك هل يعود نجسا فيه روايتان (إذا قام) <24> المصلي على مكان طاهر ثم تحول إلى مكان نجس ثم عاد إلى الأول إن لم يمكث على النجاسة مقدار ما يمكنه فيه أداء أدنى ركن جازت صلاتهوإلا فلا إذا صلى ومعه نافجة مسك إن كانت النافجة يابسة جازت صلاته لأنهما بمنزلة المدبوغة وإن كانت رطبة إن كانت نافجة دابة مذبوحة جازت صلاته لأنها طاهرة وإن لم تكن مذبوحة فصلاته فاسدة والمسك حلال على كل حال يؤكل في الطعام ويجعل في الأدوية ولا يقال إن المسك دم لأنها وإن كانت دما فقد تغيرت فيصير طاهرا كرماد العذرة (الصب) إذا بال في التنور أو مسحت المرأة التنور بخرقة مبلولة بنجاسة ثم خبزت إن كانت النجاسة قد يبست ولم يبق بللها قبل إلصاق الخبز بالتنور لا يتنجس الخبز لأن النار لما أكلت البلة صارت كالأرض إذا يبست بالشمس وإن ألصقت الخبز بالتنور حال قيام البلة فالخبز نجس وقيل إن كان الخبز خبز حنطة أو شعير لا يتنج وإن كان الخبز خبز الأرز أو الجاورس يتنجس لأن ذلك ينشف (إذا صلى ومعه درهم) تنجس جانباه الصحيح أنه لا يمنع جواز الصلاة لأن الكل درهم واحد وإن صلى في ثوب ذي طاق واحد كالقميص ونحوه وعليه نجاسة أقل من قدر الدرهم قد نفذت النجاسة إلى الجانب الآخر فلو جمعا يكون أكثر من قدر الدرهم لا يمنع جواز الصلاة في قولهم وليس هذا كالنجاسة المتفرقة في ثوب واحد ولو كانت النجاسة على البساط أو الأرض تحت القدمين تجمع كما في ثوب واحد ولو صلى في ثوبين على كل واحد منهما نجاسة أقل من قدر الدرهم ولو جمعا يكون أكثر من قدر الدرهم فإنه يجمع بينهما ويمنع جواز الصلاة ولو صلى في ثوب ذي طاقين فأصابت النجاسة أحد الطاقين ونفذت إلى الآخر على قول أبي يوسف هو كثوب واحد لا يمنع جواز الصلاة وعلى قول محمد يمنع وقيل إن كان مضروبا يمنع عندهم وقول أبي يوسف رحمه الله أوسع وقول محمد رحمه الله أحوط وفيما إذا كانت البطانة نجسة دون الظهارة أو كان الحشو نجسا الأحوط قول أبي يوسف رحمه الله (الماء) الذي يسيل من فم النائم طاهر هو الصحيح لأنه متولد من البلغم إذا جعل السرقين <25> في الطين وطين به شيء فيبس فوضع علي8ه منديل مبلول لا يتنجس (السرقين) الجاف أو التراب النجس إذا هبت به الريح فأصاب ثوبا لا يتنجس ما لم ير فيه أثر النجاسة ولو مر الريح على الجاسة وثمت ثوب مبلول معلق تصيبه الريح قيل بأنه يتنجس إذا أصلح مصارين شاة ميتة وصلى معها جازت صلاته وكذا لو أصلح المثانة ودبغها وجعل فيها اللبن أو السمن جاز وكذا الكرش وكل ما يمنع عن الفساد ويخرج عن حد الأكل فهو دباغكان ذلك بالتراب أو الشمس ونحوهما وقال أبو يوسف رحمه الله الكرش لا يقبل الدباغ لأنه بمنزلة اللحم إذا أدخل المرارة في أصبعه لقرحة يكره ذلك في قول أبي حنيفة رحمه الله لأن عنده لا يباح التداوي ببول ما يؤكل لحمه (الخف) إذا أصابته النجاسة إن كانت النجاسة مستجدة كالعذرة والروث والمني يطهر بالحك إذا يبست وإن كانت النجاسة رطبة في ظاهر الرواية لا يطهر إلا بالغسل ون أبي يوسف رحمه الله إذا مسحها على وجه المبالغة بحيث لا يبقى لها أثر يطهر وعليه الفتوى لعموم البلوى وإن لم تكنالنجاسة مستجسدة كالخمر والبول لا يطهر إلا بالغسل وعن أبي يوسف رحمه الله إذا ألقى عليها ترابا فمسحها يطهر لأنها تصير في معنى المستجسدة وبه نأخذ (والثوب) لا يطهر غلا بالغسل وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى إلا المني فإنه يطهر بالفرك وقيل مني المرأة لا يطهر بالترك لأنه رقيق بمنزلة البول وفي مجموعاتمجد الأئمة البخاري قال وفي فوائد الشيخ القاضي الإمام أبي علي النسفي إنه سئل أبو بكر محمد بن الفضل عن مني المرأة إذا أصاب الثوب هل يطهر بالفرك كمني الرجل قال لا يطهل لأن مني الرجل في غلظة ومني المرأة رقيق أصفر كالبول فلا يطهر إلا بالغسل ثم قال مجد الأئمة قال رحمه الله تعالى يعني أستاذه القاضي الصحيح أنه لا فرق بين مني المرأة ومني الرجل (والبدن) لا يطهر من جميع ذلك إلا بالغسل ولو مسح موضع الحجامة ثلاث مرات بثلاث خرق مبلولة قد مر قبل هذا أنه يجوز إذا كان الماء متقاطرا إذا أصاب الثوب مني ففرك وحكم بطهارته فأصابه ماء بعد ذلك الصحيح أنه لا يعود نجسا (والأرض) إذا أصابتها النجاسة فجفت وذهب أثرها ثم أصابها الماء <26> بعد ذلك الصحيح أنه لا يعود نجسا وكذا لو جفت الأرض وذهب أثر النجاسة ورش عليها الماء وجلس عليها لا بأس به (والتراب الطاهر) إذا جعل طينا بالماء النجس أو على العكس الصحيح أن الطين نجس أيهما كان نجسا (خف) بطانة ساقه من الكرباس فدخل في جوفه ماء نجس فغسل الخف ودلكه باليد وملاه ثلاث مرات وإهراق الماء يصير طاهرا لأنه أتى بما هو الممكن (إذا ذبح شاة) ومسح السكين بصوفها يطهر إذا ذهب أثر الدم وكذا السيف إذا تنجس ومسحه بالتراب أو بالخرقة وذهب أثر الدم (ثوب) أصابته نجاسة رطبة فألقي عليها ثوبا وصلى إن كان ثوبا يمكن أن يجعل من عرضه ثوبين كالنهالي يجوز في قول محمد رحمه الله وإن كان لا يمكن أن يجعل من عرضه ثوبين لا يجوز ولو ألقي عليها لبدا وصلى قال أبو بكر محمد بن الفضل رحمه الله تجوز صلاته وقال الحلواني لا تجوز إلا أن يلقي على هذا الطرف الطرف الآخر فيصير بمنزلة ثوبين وإن كانت النجاسة يابسة جازت صلاته على كل حال لأنها لا تلتصق بالثوب الملقى عليها (إذا) نام الرجل على فراش أصابه مني ويبس فعرق الرجل وابتل الفراش من عرقه إن لم يظهر أثر البلل في جسده لا يتنجس بدنه وإن كان العرق كثيرا حتى ابتل الفراش ثم أصاب ذلك الفراش جسده فظهر أثره في جسده تنجس بدنه وكذا إذا غسل رجليه ومشى على ارض نجسة بغير مكعب فابتلت الأرض من بلل رجليه واسود وجه الأرض لكم لم يظهر أثر بلل الأرض في رجليه فصلى جازت صلاته وإن كان بلل الماء في الرجل كثيرا حتى مشى على رجل الأرض وابتل وجه الأرض فصارت طينا ثم أصاب الطين رجله لا تجوز صلاته وقيل إن كانت النجاسة فيالأرض يابس فمر عليها برجل مبلولة لا تتنجس رجله وإن كانت النجاسة في الأرض ربة ورجله يابسة تتنجس الرجل (رجل)دخل مربطا فأصاب رجله من الأرواث شيء فصلى قالوا لا بأس به ما لم يفحش لعموم البلوى وعن محمد رحمه الله أنه رخص في الأرواث حين قدم الري لما رأى فيه من البلوى وإن أصاب الخف منه شيء يعتبر فيه قدر الربع والمراد من الربع ربع ما دون الكعبين لا ما فوقهما لأن ما فوقهما زيادة على الخف (إذا استنجى) الرجل <27> وجرى ماء الاستنجاء تحت رجله وهو متخفف إن لم يدخل ماء الاستنجاء في خفه لا بأس به ويطهر خفه تبعا لطهارة موضع الاستنجاء كما قلنا في عروة القمقمة إذا أخذها بيد نجسة وغسل يده ثلاثا إذا طهرت يده تطهر العروة تبعا (الحصير من البردي) إذا تنجس إن كانت النجاسة رطبة يغسل بالماء ثلاثا ويقوم على الحصير حتى يخرج الماء من أثقابه وإن كانت النجاسة يبست في الحصير تدلك حتى تلين النجاسة وتزول بالماء ولو كان الحصير من القصب فقد ذكرنا أنه يغسل ثلاثا فيطهر (البساط النجس) إذا ألقي في الماء الجاري فجرى عليه الماء ليلة يطهر (الآجر) إذا تنجس وهو غير مفروش إن كان قديما مستعملا يغسل ثلاثا فيطهر وإن كان جديدا يغسل ثلاثا ويجفف في كل مرة (إذا) إذا تنجست اليد بدهن نجس فغسلها ثلاثا من غير حرض وبقي أثر الدهن في يده على قياس قول أبي يوسف رحمه الله يطهر (إذا) امتخط الرجل في ثوب ورأى فيه أثر الدم لا ينجسه لأن كل ما لا يكون حدثا لا يكون نجسا (إذا) وجد الشعير في بعر الغنم أو الإبل يغسل ثلاثا ويؤكل وإن كان في إخثاء البقر لا يكون (إذا) أحرق الرجل رأس شاة وقد تلطخت بالدم ولم يغسله وطبخه في قدر جاز ولا يفسد المرق (اللحم) إذا كان عليه دم مسفوح كان نجسا وإن لم يكن من الدم المسفوح لا يكون نجسا (الطائر) إذا وقع في قدر ومات فيه إن وقع حال الغليان فالكل فاسد يهراق جميع ما كان فيه وإن وقع بعد ما سكن عن الغليان تصب المرقة ويغسل اللحم الذي كان فيه ويؤكل (إذا صب الطباخ) في القدر مكان الخل خمرا غلطا فالكل نجس لا يطهر أبدا وما روي عن أبي يوسف رحمه الله أنه يغلى ثلاث مرات لا يؤخذ به وكذا الحنطة إذا طبخت بالخمر لا تطهر أبدا قال رحمه الله وعندي إذا صب فيه الخل وترك حتى صار الكل خلا لا بأس به ولو صب الخمر على الحنطة تغسل ثلاثا وتجفف في كل مرة (البعرة) إذا وقعت في المحلب عند الحلب فرمي بها من ساعته لا بأس به وإن تفتت البعرة في اللبن يصير نجسا لا يطهر بعد ذلك (إذا صلى على الدابة) وفي سرجه نجاسة إن كان ذلك من عرق الدابة لا بأس به لأنه مشكل فلا يمنع الجواز وإن كانت من دم أو عذرة أكثر من قدر الدرهم لا يجوز <28> (بعر الفأرة) إذا وقع في حنطة وطحنت الحنطة لا بأس بأكل الدقيق إلا أن يكون كثيرا يظهر أثره بتغير الطعم وغيره (خبز) وجد في خلاله بعر الفأرة إن كان البعر على صلابته يرمى البعر ويؤكل الخبز (خمر) صب في قدر الطعام ثم صب فيه الخل وصار حامضا بحيث لا يمكن أكله لحموضيته وحموضيتها حموضة الخل لا بأس بأكلها وعلى هذا في جميع المسائل إذا صب في الخمر الخل وصار خلا لا بأس بأكلها (فأرة) وقعت في خمر ثم استخرجت قبل التفتت ثم صارت خلا لا بأس بأكله وإن تفسخت في الخمر ثم استخرجت ثم صار الخمر خلا لا يحل أكله وكذا الكلب إذا ولغ في عصير ثم تخمر ثم تخلل لا يحل أكله لأن لعاب الكلب قائم فيه وإنه لا يصير خلا الخمر إذا صب في ماء أو الماء صب في خمر ثم صار خلا اختلفوا فيه قال بعضهم يحل أكله وكذلك خل أبكته (الخل النجس) إذا صب في خمر فصار خلا يكون نجسا لأن النجس لم يتغير (دن) الخمر إذا غسل ثلاثا إن كان عتيقا مستعملا يطهر وكذا لو صب فيه الخل يصير طاهرا (دن) العصير إذا غلا واشتد وقذف بالزبد وسكن عن الغليان وانتقص ثم صار خلا إن ترك الخل فيه حتى طال مكثه وارتفع بخار الخل إلى رأس الدن يصير طاهرا في قول من يقول بتطهير النجاسة بما سوى الماء من المائعات وكذا الثوب الذي أصابه الخمر إذا غسل بالخل (الرغيف) إذا ألقي في الخمر ثم صار الخمر خلا اختلفوا فيه والصحيح أنه طاهر إذا لم يبق فيه رائحة الخمر وكذا البصل إذا ألقي في الخمر ثم تخلل لأن ما فيه من أجزاء الخمر صار خلا (التين النجس) إذا جعل في الطين إن كان التين قائما ترى عينه كان نجسا إن كان كثيرا وإلا فلا (إذا) صلى في قميص من غير سراويل إن كانت الركبة والسرة مستورتين جازت صلاته وكذا لو كانت الركبة مستورة والسرة مكشوفة جازت وعلى العكس لا تجوز وكذا لو صلى على هذا الوجه في إزار واحد لأن السرة ليست بعورة في رواية الاستحسان وهذا على قول من يجعل الركبة عضوا كاملا أما على قول من يجعل الركبة مع الفخذ عضوا واحدا تفسد صلاته لأن الركبة لا تبلغ ربع الجملة (الجنب) إذا دخل الحمام واتزر وصب الماء على جسد وخرج يحكم بطهارة الإزار وإن لم بعصره مروي ذلك عن أبي يوسف رحمه الله وإن لم يكن الرجل <29> مستنجيا فهو أفحش (إذا شرب قمحا) ونام فسال من فمه شيء على وسادته إن كان لا يرى فيه عين الخمر ولا ريحه ينبغي أن يكون طاهرا في قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله ويطهر الفم وكذا قاء الرجل وصلى فهو على هذا الوجه (الأرض) إذا تنجست ببول واحتاج الناس إلى غسلها فإن كانت رخوة يصب الماء عليها ثلاثا تطهر وإن كانت صلبة قالوا يصب الماء عليها وتدلك ثم تنشف بصوف أو خرقة يفعل ذلك ثلاث مرات فتطهر وإن صب عليها ماء كثير حتى تفرقت النجاسة ولم يبق ريحها ولا لونها وتركت حتى جفت تطهر (إذا كانت النجاسة) تحت القدم أكثر من قدر الدرهم تمنع جواز الصلاة وإن كانت النجاسة تحت كل قدم أقل من قدر الدرهم ولو جمعت تصير أكثر من قدر الدرهم فإنها تجمع وتمنع الصلاة وكذا لو كانت النجاسة في موضع السجود أو في موضع الركبتين أو اليدين يعني يمنع جواز الصلاة قال ولا يجعل كأنه لم يضع العضو على النجاسة وهذا كما لو صلى رافعا إحدى قدميه جازت صلاته ولو وضع القدم على النجاسة لا تجوز ولا يجعل كأنه لم يضع وتكره الصلاة في سبع مواضع في قوارع الطرق لأنه يصير غاصبا حق الغير وفي معاطن الإبل والمزبلة والمجزرة والمخرج والمغتسل والحمام لأن هذه المواضع لا تخلو عن النجاسة غالبا فإن غسل في الحمام موضعا ليس فيه تماثيل وصلى فيه لا بأس به وكان واحد من الزهاد يفعل كذلك ولا بأس بالصلاة في موضع جلوس الحمامي لأنه لا نجاسة فيه ومنها الصلاة في المقبرة لأنه تشبه باليهود وإن كان فيها موضع أعد للصلاة فيه ليس فيه قبر ولا نجاسة لا بأس به ومنها الصلاة على سطح البيت وأراد به الكعبة لما فيه من ترك التعظيم ولا بأس بالصلاة والسجود على الحشيش والحصر والبواري والبسط ولو صلى على وجه الأرض وبسط كمه على الأرض لصيانة الوجه عن التراب <30> أو لدفع حر الأرض أو بردها فسجد على الكم لا بأس به ولو كانت الأرض نجسة فخلع نعليه وقام على نعليه جاز أما إذا كان النعل ظاهره وباطنه طاهرا فطاهر وإن كان ما يلي الأرض منه نجسا فكذلك وهو بمنزلة ثوب ذي طاقين أسفله نجس وقام على الطاهر وقد مر وإن كان الرجل في نعليه أو في مكعبه لا يجوز وكذا لو بسطكه على موضع النجاسة وسجد على كمه لا يجوز (ذباب المستراح) إذا جلس على ثوب لا يفسده إلا أن يغلب ويكثر وتجوز الصلاة على الثلج إن كان لبده ويستقر فيه الجبين لأنه بمنزلة الأرض وإن كان يغيب فيه الجبين ولا يستقر لا يجوز كما لو سجد على الهواء وكذا التبن والقطن المحلوج وكل ما لا تستقر فيه الجبهة كالدخن والجاورس ويجوز على الحنطة والشعير لأنه يستقر في الجبين ويجد حجم ما تحته ولو سجد على ظهر الميت إن كان على الميت لبد لا يحج حجم الميت جازت صلاته لأنه سجد على اللبد وإن كان يجد حجم الميت لا يجوز لأنه سجد على الميت ولا يصلي على طين وردغة لأن فيه تلطيخ الوجه والثوب وإن كانت الأرض ندية بحيث لو وضع جبهته عليها لا يتلطخ لا بأس به ولا بأس بالصلاة على العجلة إن كانت موضوعة على الأرض لأنها بمنزلة السرير وإن كانت في عنق الدابة وهي تسير أو لا تسير فهي صلاة على الدابة (إذا) صلى في ملك الغير فهو على وجهين إن كان لمسلم أو لكافر فإن كان لكافر فلا تجوز لأنه لا يرضى بصلة المسلم في أرضه وإن كانت لمسلم فإن كانت مزروعة أو مكروبة لا يصلي لأنه لا يرضى به صاحب الأرض وإن لم تكن مزروعة لا تضرها الصلاة لا بأس به لأن صاحب الأرض يرضى بذلك وإذا ابتلي بين أن يصلي في الطريق وبين أن يصلي في أرض غير مزروعة كانت الصلاة في الطريق أولى لأن له حقا في الطريق ولا حق له في أرض الغير (المنيلة) إذا تنجست فأصابها المطر ثلاث مرات والشمس ثلاث مرات تطهر إذا فتق الرجل جبه فوجد فيها فأرة ميتة إن لم يكن للجبة ثقب يعيد كل صلاة صلى بها من حين لبسها وإن كان للجبة ثقب يعيد صلاة ثلاثة أيام ولياليها في قول أبي حنيفة رحمه الله وعندهما لا يعيد إلا أن يعلم الوقت الذي ماتت فيه كما قلنا في البئر ولو شرع في الصلاة وفي كمه فرخة <31>حية فلما فرغ من الصلاة نظر فيها فإذا هي ميتة إن لم يغلب على ظنها أنها ماتت في الصلاة لا تلزمه الإعادة وإن غلب على ظنه أنها ماتت في الصلاة لزمته الإعادة (إذا) شرع الرجل في الصلاة فرأى في ثوبه نجاسة أقل من الدرهم إن كان مقتديا وعلم أنه لو قطع الصلاة وغسل النجاسة يدرك إمامه في الصلاة أو يدرك جماعة أخرى في موضع آخر فإنه يقطع الصلاة ويغسل الثوب لأنه قطع للإكمال وإن كان في آخر الوقت أو لا يدرك جماعة أخرى مضى على صلاته ولو رأى في ثوب إمامه نجاسة أقل من قدر الدرهم فإن كان من مذهب المقتدي أن النجاسة القليلة لا تمنع الصلاة ومذهب الإمام أنها تمنع فصلى الإمام وهو لا يعلم جازت صلاة المقتدي ولا تجوز صلاة الإمام وإن كان مذهبهما على العكس فحكمهما على العكس (إذا) رأى رجل في ثوب غيره نجاسة أكثر من قدر الدرهم إن كان في قلبه أنه لو أخبره بذلك يغسل النجاسة فإنه يخبره ولا يسعه أن لا يخبره وإن كان في قلبه أنه لا يلتفت إلى كلامه وسعه أن لا يخبره والأمر بالمعروف على هذا إذا انكشف ما بين السرة والعانة قدر الربع منع جواز الصلاة لأنه انكشاف ربع عضو كامل والمراد حول جميع البدن من ذلك الموضع (رجل) صلى في قميص واحد محلول الجيب جازت صلاته وإن كان بصره يقع على عورته في الركوع سواء كان عريض اللحية أو لم يكن وعورته لا تظهر في حقه إنما تظهر في حق الغير ولو وقع نظر المصلي على عورة الغير لا تفسد صلاته في قول أبي حنيفة رحمه الله ولو نظهر المصلي إلى فرج امرأة بشهوة حرمت عليه أمها وابنتها ولو نظر إلى فرج أم امرأته حرمت عليه امرأته ولو نظر إلى فرج امرأته التي طلقها طلاقا رجعيا يصير مراجعا ولا تفسد صلاته في الوجوه كلها عند أبي حنيفة رحمه الله (الدهن) النجس إذا أصاب ثوب إنسان أقل من قدر الدرهم ثم انبسط وصار أكثر من قدر الدرهم بعضهم اعتبر فيه وقت الإصابة وقالوا لا يمنع جواز الصلاة وإذا بسط الثوب الطاهر اليابس على أرض نجسة مبتلة وظهرت البلة في الثوب لكن لم يصر رطبا ولا يحال لو عصر يسيل منه شيء متقاطر لكن موضع الندوة يعرف من سائر المواضع الصحيح أنه لا يصير نجسا وكذا لو لف الثوب النجس في ثوب طاهر والنجس <32> رطب مبتل وظهرت ندوته في الثوب الطاهر لكن لم يصر بحال لو عصر يسيل منه شيء متقاطرا لا يصير نجسا.
باب الوضوء والغسل وفيه سبعة فصول:
فصل في صفة الوضوء وفصل فيما ينقضه وفصل في النوم وفصل في صفة الغسل وفصل فيما يوجبه وفصل في المسح على الخفين وفصل في الحيض.
Shafi 14
[فصل في صفة الوضوء] فرض الوضوء غسل الأعضاء المعروفة والوضوء أنواع ثلاث فرض وهو وضوء المحدث عند القيام إلى الصلاة وواجب وهو الوضوء للطواف إن طاف بالبيت بدونه جاز طوافه ويكون تاركا للواجب ومندوب وذلك غير معدود. * [الوضوء المندوب] فمنها الوضوء للنوم إذا أراد النوم يستحب له أن يتوضأ ومنها المحافظة على الوضوء وتفسيره أن يتوضأ كلما أحدث ليكون على الوضوء في الأوقات كلها ومنها الوضوء بعد الغيبة وبعد إنشاد الشعر ومنها الوضوء على الوضوء ومنها الوضوء إذا ضحك إذا ضحك قهقهة ومنها الوضوء لغسل الميت. (وسنن الوضوء كثيرة) فمنها الاستنجاء إذا أراد أن يتوضأ بعد ما أحدث فإنه يغسل موضع النجاسة فإن ترك الاستنجاء واستنجى بالحجر أو المدر جاز ولا يعتبر فيه العدد إنما المعتبر فيه الإنقاء والاستنجاء بالماء بعد الاستنجاء بالحجر أدب عندنا ويغسل يديه واختلفوا أن يغسل يديه قبل الاستنجاء أو بعده والأصح أنه يغسلهما مرتين مرة قبل الاستنجاء ومرة بعد ويسمي واختلفوا أيضا في وقت التسمية والأصح أنه يسمي مرتين مرة قبل كشف العورة ومرة بعد الفراغ من الاستنجاء وستر العورة ولا يسن الاستنجاء في حدث الريح والنوم وإن جاوزت النجاسة موضع الشرج إن كان المجاوز أكثر من قدر الدرهم يفترض غسلها بالماء وإن كان درهما ما دونه لا يفترض غسلها بالماء في قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله فإن لم يغسل النجاسة وصلى جاز وينبغي أن يمشي خطوات ثم يستنجي وصورة الاستنجاء بالماء أن يرخي موضع الاستنجاء كل الإرخاء حتى يتم التنظيف ويستنجي بإصبع أو إصبعين وثلاثة ببطون الأصابع لا برؤوسها احترازا عن الاستمتاع بالإصبع والمرأة في ذلك كالرجل إلا أنها تقعد متفرجة بين رجليها وتغسل ما ظهر منها ولا تدخل الإصبع في فرجها لما قلنا وفي الاستنجاء بالحجر يدبر بالحجر الأول ويقبل بالحجر الثاني ويدبره بالثالث إن كان في الصيف وفي الشتاء يقبل <33> الرجل بالحجر الأول ويدبر بالثاني ويقبل بالثالث لأن في الصيف خصيتيه متدليتين فلو أقبل بالأول تتلطخ خصيتاه فلا يقبل ولا كذلك في الشتاء والمرأة تفعل ما يفعل الرجل في الشتاء في الأوقات كلها فإن كان صائما لا ينبغي أن يقوم عن موضع الاستنجاء حتى ينشف ذلك الموضع بخرقة كيلا يصل الماء إلى باطنه فيفسد صومه ولا يتنفس في الاستنجاء لهذا والاستنجاء بالماء أفضل إن أمكنه ذلك من غير كشف العورة وإن احتاج إلى كشف العورة يستنجي بالحجر ولا يستنجي بالماء قالوا من كشف العورة للاستنجاء يصير فاسقا ويبالغ في الاستنجاء في الشتاء فوق ما يبالغ في الصيف فإن استنجى في الشتاء بماء مسخن كان بمنزلة ما لو استنجى في الصيف إلا أن ثوابه لا يبلغ ثواب المستنجي بالماء البارد ويستنجي باليسرى فإن شلت يده اليسرى ولا يجد من يصب الماء عليه لا يستنجي إلا أن يقدر على الاستنجاء بالماء بيده اليمنى فأن كان على ضفة نهر جار وإن شلت يداه وعجز عن الوضوء والتيمم يمسح ذراعيه مع المرفقين على الأرض ووجهه على الحائط ولا يدع الصلاة وكذا قالو في المريض إذا لم يكن له امرأة وعجز عن الوضوء وله ابن أو أخ فإنه يوضيه إلا أنه لا يمس فرجه إلا من يحل له وطؤها والمرأة المريضة إن لم يكن لها زوج وعجزت عن الوضوء لها بنت أو أخت توضيها ويسقط عنها الاستنجاء (إذا أراد) المتوضئ أن يغسل يديه يأخذ الإناء بيده اليسرى ويصب على اليمنى بالإناء ثلاثا ثم اليسرى وإن لم يكن معه إناء فإنه يغترف من التور بأصابع يده اليسرى مضمومة لا بالكف ثم يغسل وجهه يضع الماء على جبينه حتى ينحدر الماء إلى أسفل الذقن ولا يضع على خذه ولا على أنفه ولا يضرب على جبينه ضربا عنيفا ويغسل شعر الشارب والحاجبين وما كان من شعر اللحية على أصل الذقن ولا يجب إيصال الماء إلى منابت الشعر إلا أن يكون الشعر قليلا تبدو المنابت منه ولا يجب إيصال الماء إلى داخل العينين ومن الناس من قال لا يضم العينين كل الضم ولا يفتح كل الفتح حتى يصل الماء إلى أشفاره وجوانب عينيه فإن كان الرجل ملتحيا لا يجب غسل ما استرسل من الذقن وكذا لو جعل شعره ذؤابتين وشدهما حول رأسه أو أرسلهما <34> وكذا المحرم إذا تلبد رأسه فوصل الماء إلى أصول شعره كفاه كما في شعر اللحية ولا يسن تخليل اللحية في قول أبي حنيفة رحمه الله ويستحب أن يمسح ثلث اللحية أو ربعها وفي بعض الروايات كلها وهو الصحيح ويغسل الموضع المنكشف بين العذار والأذن في قول محمد رحمه الله وهو رواية عن أبي حنيفة رحمه الله فإن أمر الماء على شعر الذقن ثم حلقه لا يجب عليه غسل الذقن وكذا لو حلق الحاجب أو الشارب أو مسح رأسه ثم حلق أو قلم أظافيره لا يلزمه الإعادة ولو كان به قرحة فارتفع جلدها وأطراف القرحة متصلة بالجلد إلا الطرف الذي كان يخرج منه القيح فغسل الجلدة ولم يصل الماء إلى ما تحت الجلدة جاز وضوءه لأن ما تحت الجلدة غير ظاهر فلا يفترض غسله إذا اغتسلت المرأة من الحيض والجنابة وفي أظفارها عجين أو الطيان أو الخباز أو الصباغ إذا توضأ أو اغتسل وفي أظفاره عجين أو طين أو ما أشبه ذلك اختلفوا فيه قال بعضهم يتم غسله ووضوءه لأن ذلك لا يمنع تمام الغسل والوضوء لأنه يتولد من ذلك الموضع وكذا الطعام إذا بقي في أسنانه وذكر الناطفي رحمه الله أن الطعام يمنع تمام الغسل إلا أن يخرج الطعام ويجري الماء على ذلك الموضع (الأقلف) إذا اغتسل من الجنابة ولم يصل الماء تحت الجلدة وغسل ما فضل من الجلدة على رأس الحشفة وما يخرج منه البول عن رأس الحشفة يخرج من الجنابة لأن ذلك خلقي وعن بعضهم أنه لا يخرج وكذا ما يكون على البدن يقال بالفارسية فلنباج لا يمنع تمام الغسل لأنه يتولد من البدن بمنزلة الدرن ولو كان على يديه خبز مصنوع قد جف ويبس واغتسل لا يخرج عن الجنابة حتى يدلك ذلك الموضع ويجري الماء تحته لأنه لا حرج فيه ولو كان على أعضاء وضوءه قرحة نحو الدمل عليها جلدة رقيقة فتوضأ وأمر الماء على ظاهر الجلدة ثم نزع الجلدة ولم يغسل ما تحتها وصلى جازت صلاته ولو كان في إصبعه خاتم إن كان واسعا لا يحتاج إلى تحريكه وإن كان ضيقا ولم يحركه روى الحسن عن أبي حنيفة وأبو سليمان عن أبي يوسف ومحمد رحمهم الله أنه يجوز وقال بعضهم في الضيق لا بد من التحريك ثم يمسح رأسه فرضا <35> وسنة بماء واحد وقال الشافعي رحمه الله يمسح ثلاث مرات بثلاث مياه وعندنا لو فعل ذلك لا يكره ولكن لا يكون سنة ولا ندبا ومقدرا المفروض ربع الرأس بثلاثة أصابع فإن مسح بإصبع واحدة ظهرا وبطنها وجنبا ووقع ذلك في ثلاث مواضع جاز وإن مسح بإصبعين لا يجوز إلا أن يمسح بالإبهام والسبابة مفتوحتين يضعهما مع ما بينهما من الكف على رأسه فيجوز ويكون ذلك بمنزلة ثلاثة أصابع وإن مسح بثلاثة أصابع موضوعة غير ممدودة روى هشام عن أبي حنيفة وأبي يوسف وابن رستم عن محمد رحمهم الله أنه يجوز الاستيعاب في مسح الرأس سنة وصورة ذلك أن يضع أصابع يديه على مقدم رأسه وكفيه على فوديه ويمدهما إلى قفاه فيجوز وأشار بعضهم إلى طريق آخر احترازا عن استعمال الماء المستعمل إلا أن ذلك لا يمكن إلا بكلفة ومشقة فيجوز الأول ولا يصير الماء مستعملا ضرورة إقامة للسنة فإن مسح بثلاثة أصابع ممدودة غير أنه وقع على الشعر إن وقع على شعر تحته رأس جاز وإن وقع على شعر تحته جبهة أو رقبة غير الرأس لا يجوز لأن ما على الرأس لا يجوز لأن ما على الرأس يكون من الرأس ولهذا لو حلف أن لا يضع يده على رأس فلان فوضع على شعر تحته رأس حنث ولو مسحت المرأة فوق الخمار إن وصل الماء إلى الشعر جاز وإلا فلا وقال بعضهم إن كان الخمار جديدا غير مغسول لا يجوز لأنه لا يقبل الماء وقال بعضهم إن ضربت يدها مبلولة فوق الخمار حتى يصل الماء إلى شعرها جاز والأفضل أن يمسح تحت الخمار ويمسح الأذنين بماء الرأس وإن لم يمسح على الرأس ومسح على الأذنين لا ينوب ذلك عن مسح الرأس ولم ينقل لنا أصحابنا إدخال الأصابع في صماخ الأذنين وعن أبي يوسف أنه كان يفعل ذلك وأما مسح الرقبة ليس بأدب ولا سنة وقال بعضهم هو سنة وعند اختلاف الأقاويل كان فعله أولى من تركه ولو غمس رأسه في إناء جاز عن المسح في قول أبي يوسف وقد مر قبل هذا ثم يغسل رجليه كما قال في الكتاب ويسمي عند غسل كل عضو ويقول أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له أشهد أن محمدا عبده ورسوله ويشرب فضل وضوءه قائما والغسل عن الجنابة والحيض والنفاس واحد بصورة واحدة يتوضأ وضوءه للصلاة ثم يفيض الماء على رأسه وسائر جسده ثلاثا واختلفوا <36> أنه هل يمسح رأسه في الوضوء قبل الغسل قال بعضهم لا يمسح وقال بعضهم يمسح وهو الصحيح.
Shafi 16
فصل فيما ينقض الوضوء الغائط ينقض الوضوء قل أو كثر وكذا البول والريح يخرج من الدبر وإن خرج الريح من الذكر أو من قبل المرأة لا ينقض والمفضاة إذا خرج من قبلها ريح قال الشيخ الإمام أبو حفص البخاري هو حدث وعن محمد رحمه الله تعالى أنه سئل عنه فقال إن كان ريحه يوجد فهو حدث وقيل إن كان مسموعا أو منتنا فهو حدث وإلا فلا وقال الكرخي رحمه الله تعالى يستحب لها أن تتوضأ ولو خرجت الدودة من قبل المفضاة فهي بمنزلة الريح الذي يخرج من قبلها (الدود) إذا خرج من الدبر فهو حدث وإذا خرج من قبل المرأة أو الذكر فكذلك وكذلك الحصى ولو سقطت الدودة من الجرح لا ينقض (القيح) والدم والصديد إذا سال من الجرح نقض الوضوء وإن علا وانتفخ ولم يسل لا ينقض الوضوء ولو ألقى عليه ترابا أو رمادا أو مسحه بخرقة ثم وثم إن كان بحال لو تركه يسيل نقض الوضوء وإلا فلا والرعاف ينقض وكذا لو نزل الدم من الرأس إلى ما لان من الأنف ولم يظهر على الأرنبة نقض الوضوء ولو قاء ملء الفم طعاما أو ماء نقض الوضوء وإن لم يملأ لا ينقض واختلفوا في ملء الفم قال بعضهم ما لا يمكن إمساكه إلا بكلفة ومشقة يكون ملء الفم وقال بعضهم ما لا يمكن الكلام معه يكون ملء الفم وإن قاء مرتين أو مرارا ولو جمع يكون ملء الفم إن كان قبل سكون الغثيان يجمع وإن قاء دما نقض الوضوء وإن لم يملأ الفم في قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمها الله تعالى وإن قاء بلغما ملء الفم لا ينقض الوضوء في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى وإن كان الرجل أغلف وخرج البول من إحليله وبقي في غائته نقض الوضوء وكذا لو خرج البول من الفرج الداخل للمرأة دون الخارج نقض الوضوء ولو نزل البول من المثانة إلى الإحليل ولم يظهر على رأس الإحليل ولو كان في بطنه جائفة فسقط منها دودة لا ينقض (المجبوب) إذا خرج منه ماء يشبه البول إن كان قادرا على إمساكه إن شاء أمسكه وإن شاء أرسله فهو بول ينقض وإن كان لا يقدر على إمساكه لا ينقض ما لم يسل (إذا) <37> تبين الخنثى أنه رجل فالفرج الآخر منه بمنزلة الجرح وإن تبين أنها إمرأة فالفرج الآخر منها بمنزلة الجرح لا ينقض الوضوء ما يخرج منه ما لم يسل ولو كان بذكر الرجل جرح له رأسان أحدهما ينزل منه ماء يسيل في مجرى البول والثاني يخرج منه ماء لا يسيل في مجرى البول فالأول بمنزلة الإحليل إذا ظهر البول على رأسه نفض الوضوء وإن لم يسل ولا وضوء في الثاني ما لم يسل (إذا) أدخل في إحليله قطنة وغيبها ثم خرجت أو أخرجها نقض الوضوء وإن كان طرفا منه خارجا لا ينقض الوضوء وإن أقطر في إحليله دهنا ثم عاد فلا وضوء عليه بخلاف ما لو احتقن بدهن ثم عاد ولو أدخل شيئا في دبره وطرف منه خارج وأخرجه لا وضوء عليه قالوا تأويل هذا إذا لم تكن عليه بلة فإن كان نقض الوضوء وكذا لو حمل شيئا وطرف منه خارج ثم خرج إن كان عليه بلة نقض الوضوء وإلا فلا وإن صب الدهن في أذنه ثم عاد بعد يوم إن خرج من أنفه وأذنه لا وضوء عليه وكذا الماء وإن خرج من الفم نقض الوضوء لأن ما يخرج من الفم لا يخرج إلا بعد الوصول إلى الجوف فإنه موضع النجاسة أما الأول ينزل من الدماغ والدماغ ليس موضع النجاسة وكذا السعوط إذا عاد من الأنف بعد أيام لا ينقض ولو احتشت المرأة في الفرج الخارج فابتل الجانب الداخل بطلت طهارتها لأن الفرج الخارج منها بمنزلة الإليتين يعتبر الخروج من الفرج الداخل فإن خرج البول من الفرج الداخل فابتل ما كان من الفرج الخارج ينقض الوضوء. (الدودة) إذا سقطت من الأذن أو الأنف لا تنقض الوضوء والغرب في العين بمنزلة الجرح فما يسيل منه ينقض الوضوء بخلاف الدمع. (رجل) يسيل الدم من أحد منخريه فتوضأ والدم سائل ثم احتبس من الدم وسال من المنخر الآخر نقض الوضوء ولو كان به جدري بعضها يسيل وبعضها ليس بسائل فتوضأ فسال الذي لم يكن سائلا نقض الوضوء فإنه بمنزلة القروح لا بمنزلة جرح واحد إذا خاف الرجل خروج البول فحشا إحليله بقطنة ولولا القطنة لخرج منه البول فلا بأس به ولا ينتقض وضوءه حتى يظهر البول على القطنة وإن ابتل الطرف الداخل من القطنة وكذلك ما لم يبتل الطرف الظاهر منها. (المباشرة) الفاحشة تنقض الوضوء <38> استحسانا وتفسيرها أن يباشرها متجردين وانتشرت آلته ولاقى فرجه فرجها وقال محمد رحمه الله تعالى لا تنقض الوضوء ما لم يعلم بالخروج والإغماء ينقض الوضوء في الأحول كلها قل أو كثر وخروج المني لا عن شهوة بأن سقط من مكان مرتفع أو ما أشبه ذلك لا يوجب الغسل وينقض الوضوء والمذي ينقض الوضوء وهو ماء رقيق يخرج عند الشهوة وكذا الودي وهو ماء غليظ يخرج بعد البول إذا مصته العلقة وامتلأت من الدم نقض الوضوء لأنها لو شقت لخرج منها دم سائل والقراد بمنزلة البعوض والذباب لا ينقض الوضوء وإن كان كبيرا يخرج منها دم سائل فهو بمنزلة العلقة ولو بزق الرجل وفيه دم فإن كان الدم غالبا نقض الوضوء وإن كانا على السواء فكذلك استحسانا وإن عض شيئا فرأى عليه دما من أسنانه لا وضوء عليه وكذا الخلال لأنه ليس بسائل. (القهقهة) في صلاة لها ركوع وسجود تنقض الطهارة والصلاة فرضا كانت أو نفلا ولا تنقض الطهارة خارج الصلاة ولو قهقه في سجدة التلاوة أو في صلاة الجنازة يبطل ما كان فيها ولا تنتقض الطهارة (والضحك) يبطل الصلاة ولا يبطل الطهارة والتبسم لا يبطل الصلاة ولا الطهارة والقهقهة ضحك لها صوت مسموع بدت أسنانه أو لم بتد رواه الحسن عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى والضحك ما تبدو أسنانه وليس له صوت والقهقهة عامدا كان أو ناسيا تنقض الوضوء ولا تنقض طهارة الغسل وإن كان في الصلاة ويبطل التيمم كما يبطل الوضوء ولو صلى الفريضة بالإيماء بعذر وقهقه فيها انتقض الوضوء لأنها ذات ركوع وسجود وقام الإيماء مقام الركوع والسجود ولو صلى المكتوبة أو التطوع راكبا خارج المصر أو القرية وقهقه فيها انتقض وضوءه وإن كان في مصر أو قرية لا ينتقض في قول أبي حنيفة رضي الله عنه ولو صلى في المصر ركعة تطوعا راكبا ثم خرج من المصر يريد السفر فقهقه لا وضوء عليه في قول أبي حنيفة ولو صلى راكبا وهو منهزم من العدو والدابة واقفة أو سائرة <39>أو تعدو به وهو يؤمئ إيماء إلى القبلة أو إلى غيرها ثم قهقه كان عليه الوضوء. (إذا) خرج الإمام من صلاته لا على وجه القطع بل على وجه الإفساد بأن قهقه أو أحدث متعمدا ثم قهقه المأموم لا ينتقض وضوء المأموم لأن الجزء الذي لاقته القهقهة والحدث العمد من صلاة الإمام قد فسد وبفساده فسد ذلك الجزء أيضا من صلاة المأموم ولهذا لو كان المأموم مسبوقا تفسد صلاة المسبوق فإذا فسدت صلاة المأموم لا تنتقض طهارته بالقهقهة ولو تكلم الإمام أو سلم متعمدا بعد التشهد ثم قهقه المأموم انتقضت طهارته لأن سلام الإمام وكلامه لا يخرج المقتدي من الصلاة في الصحيح من الجواب فإذا قهقه المقتدي في صلاته انتقضت طهارته ولهذا لو تكلم الإمام أو سلم عامدا بعد الفراغ من التشهد كان على المقتدي أن يسلم في أظهر الروايتين عن أبي حنيفة رحمه الله ولو قهقه الإمام أو أحدث متعمدا لا سلام على المقتدي ولو قهقه القوم بعد التشهد ثم الإمام تمت صلاتهم وانتقضت طهارتهم وكذا لو قهقه الإمام والقوم معا تمت صلاة الكل وانتقضت طهارة المقتدي ولو سلم المقتدي قبل سلام الإمام بعد ما قعد قدر التشهد ثم قهقه لا وضوء عليه لأنه صح خروجه عن الصلاة قبل خروج الإمام فلا تنتقض طهارته ولو صلى فريضة عند طلوع الشمس أو عند غروبها سوى عصر يومه لم يكن داخلا في الصلاة فلا تنتقض طهارته بالقهقهة ولو شرع في التطوع عند طلوع الشمس أو عند غروبها ثم قهقه كان عليه الوضوء. (مسافر) صلى ركعة من الظهر بغير قراءة أو صلاهما ثم قعد قدر التشهد ثم ضحك قهقهة كان عليه الوضوء في قول أبو حنيفة وأبو يوسف رحمهما الله تعالى لأن التحريمة باقية وكذا المقيم إذا صلى ركعة من الفجر بغير قراءة ثم قهقه وكذا الرجل إذا صلى من الفجر ركعة ثم طلعت الشمس ثم قهقه في قياس قول أبو حنيفة وكذا مصلي المكتوبة إذا تذكر فائتة ثم ضحك قهقهة وكذا الرجل إذا نوى إمامة النساء فجاءت امرأة وقامت بجانبه واقتدت به ثم قهقه كان عليه الوضوء قال شمس الأئمة الحلواني رحمه الله هذا إذا وقفت بجنب الإمام وكبرت بعد تكبيره فأما إذا كبرت مع <40> الإمام لا تنعقد تحريمة الإمام فلا تنتقض طهارة الإمام ولو وقعت المرأة بجانب إمام يؤمها ثم ضحكت قهقهة فيه روايتان في رواية لا وضوء عليها لأنها ليست في صلاة وفي رواية عليها الوضوء. * إذا سلم الإمام ثم تذكر أن عليه سجدة التلاوة ثم ضحك قهقهة كان عليه الوضوء في رواية كتاب الصلاة. * إذا شرع في ركعتين تطوعا فصلى ركعة بغير قراءة وصلاهما ثم ضحك قهقهة في رواية كان عليه الوضوء. * مسافر صلى الظهر ركعتين وسلم ثم نوى الإقامة ثم ضحك قهقهة لا وضوء عليه ونية الإقامة بعد السلام تكون قطعا للصلاة. * المصلي بالتحري إذا علم في الصلاة أنه صلى إلى غير جهة القبلة فمضى على صلاته بعد العلم فسدت صلاته * وإن ضحك قهقهة لا وضوء عليه في رواية * ماسح الخف إذا انقضت مدة مسحه في الصلاة ثم قهقه لا وضوء عليه وكذا ماسح الجبيرة إذا برئ ثم قهقه لا وضوء عليه * الصحيح إذا افتتح المكتوبة قاعدا أو مضطجعا ثم قهقه كان عليه الوضوء في رواية * وكذا القارئ إذا اقتدى بالأمي أو الأخرس أو الصحيح إذا اقتدى بالمومي ثم قهقه كان عليه الوضوء * وكذا المتوضئ إذا اقتدى بالمتيمم والمتوضئ يرى الماء والإمام لا يرى ثم ضحك المتوضئ كان عليه الوضوء * وكذا المقتدي إذا كان يعلم أن إمامه يصلي إلى غير القبلة والإمام لا يعلم فضحك المقتدي كان عليه الوضوء * وإن كان الإمام يعلم أنه افتتح الصلاة إلى غير القبلة فضحك المقتدي لا وضوء على المقتدي * وكذا لو كان المقتدي يعلم أن على الإمام فائتة والإمام لا يعلم فضحك المقتدي كان عليه الوضوء * رجل صلى بقوم فقعدوا قدر التشهد ولم يتشهدوا ثم ضحك الإمام ثم ضحك القوم فإن الإمام يعيد الوضوء ولا يعيد القوم في قول أبو حنيفة وأبو يوسف رحمهما الله تعالى * الأمي إذا تعلم سورة في الصلاة ثم قهقه روى عن أبي يوسف رحمه الله أن عليه الوضوء * العاري إذا صلى ركعة ثم وجد ثوبا ثم قهقه في رواية لا وضوء عليه لأنه لم يبق في الصلاة* وفي رواية عليه الوضوء وكذا الأمة إذا صلت بغير قناع ركعة ثم أعتقت وهي تعلم بالعتق ثم ضحكت قهقهة في رواية لا وضوء عليها * وفي رواية عليها الوضوء * رجل افتتح العصر خلف من يصلي الظهر والمقتدي كان لا يعلم كان <41> شارعا في التطوع ويؤمر بالمضي وإن قهقه كان عليه الوضوء *رجل افتتح المكتوبة وعليه مكتوبة يومه وهو ذاكر لها أو كان في صلات العيد فزالت الشمس أو كان في الجمعة ودخل وقت العصر أو صلى ومقامه طاهر وموضع سجوده نجس ثم قهقه كان عليه الوضوء * إذا أحدث الرجل في الصلاة فتوضأ للبناء ثم قهقه كان عليه الوضوء.
فصل في النوم
تكلم العلماء في تفصيل أحوال النوم وهو على وجهين * الأول أن يكون في الصلاة والثاني أن يكون خارج الصلاة أما الأول فظاهر المذهب أن النوم في الصلاة لا يكون حدثا نام قائما أو راكعا أو ساجدا إلا أن مضطجعا أو متكئا والاضطجاع على نوعين إن غلبت عيناه فنام ثم اضطجع في حال نومه فهو بمنزلة ما لو سبقه الحدث يتوضأ ويبني وإن تعمد النوم في الصلاة مضطجعا فإنه يتوضأ ويستقبل* ومن عجز عن الصلاة قائما أو قاعدا فصلى مضطجعا فنام فيها ينقض وضوءه * ولو نام ساجدا في الصلاة ذكرنا أنه لا يكون حدثا في ظاهر الرواية * فإن تعمد النوم في سجوده تنتقض طهارته وتفسد صلاته* ولو تعمد النوم في قيامه أو ركوعه لا تنتقض طهارته في قولهم* وأما الوجه الثاني إذا نام خارج الصلاة على هيئة الركوع والسجود قال شمس الأئمة الحلواني رحمه الله يكون حدثا في ظاهر الرواية وقيل إن كان ساجدا على وجه السنة بأن كان رافعا بطنه عن فخذيه مجافيا عضديه عن جنبيه بحيث يرى من خلفه عفرة إبطيه لا يكون حدثا* وإن كان ساجدا على غير وجه السنة بأن ألصق بطنه بفخذيه وافترش بذراعيه كان حدثا وإن كان قاعدا مستويا إليتيه على الأرض مستوثقا مسكته ولم يسند ظهره إلى شيء لا وضوء عليه* وإن نام قاعدا واضعا إليتيه على عقبيه كما يفعله الكلب لا وضوء عليه في قول أبو يوسف رحمه الله * وقيل هو قول أبي حنيفة رحمه الله * وإن نام قاعدا مستويا إليتيه على الأرض مستندا إلى حائط أو إلى اسطوانة عن أبو حنيفة رحمه الله أنه لا وضوء عليه * وهكذا قال الفقيه أبو الليث رحمه الله * وإن نام متربعا وقد أسند ظهره إلى شيء قال شمس الأئمة الحلواني رحمه الله لا يكون حدثا * وقال الطحاوي <42> رحمه الله إن كان بحال لو أزيل السند يسقط فهو حدث وإلا فلا * وإن نام جالسا وهو كان يتمايل وربما يزول مقعده عن الأرض قال شمس الأئمة الحلواني رحمه الله ظاهر المذهب أنه لا يكون حدثا وإن نام جالسا وسقط قال شمس الأئمة الحلواني رحمه الله ظاهر المذهب عن أبو حنيفة رحمه الله أنه إن انتبه قبل أن يزول مقعده عن الأرض لا ينتقض وضوءه * وإن انتبه بعدما زال مقعده عن الأرض انتقض وضوءه سقط أو لم يسقط وإن نام قاعدا متوركا فهو بمزلة ما لو نام قاعدا وهو كان يتمايل وربما يزول مقعده عن الأرض * وحقيقة المعنى في ذلك أن المعتبر استرخاء المفاصل فإذا لم يسقط على وجهه ولم يقرب إلى السقوط حتى انتبه فقد انعدم الاستراخاء * وإن نام على رأس التنور وهو جالس قد أدلى رجليه كان حدثا لأن ذلك سبب لاسترخاء المفاصل* وإن نام على ظهر الدابة في سرج أو اكاف لا ينتقض الوضوء وهو قليل نوم لا يشتبه عليه أكثر ما يقال ويجري عنده * السكران إذا أفاق إن سكرانا لا يعرف الرجل من المرأة عليه الوضوء لأنه بمنزلة الإغماء. * مس الذكر أو المرأة لا ينقض الوضوء عندنا.
Shafi 19
فصل فيما يوجب الغسل أسباب الغسل ثلاثة الجنابة والحيض والنفاس. * الجنابة تثبت بسببين أحدهما انفصال المني عن شهوة والثاني الإيلاج في الآدمي. *واختلفت عبارات السلف في الإيلاج الذي يتعلق به الجنابة. * عن محمد رحمه الله تعالى إذا التقى الختانان وتوارت الحشفة يجب الغسل وعن أبو يوسف رحمه الله تعالى إذا توارت الحشفة في قبل أو دبر الآدمي يجب الغسل على الفاعل والمفعول به وهو الصحيح فإن الإيلاج في الدبر يوجب الغسل على الفاعل والمفعول به وإن لم يوجد فيه التقاء الختانين * والإيلاج في البهائم لا يوجب الغسل ما لم ينزل لأنه ناقص في قضاء الشهوة بمنزلة الاستمتاع بالكف فلا يوجب الغسل بدون الإنزال * والإيلاج في الميتة في منزلة الإيلاج في البهائم لمكان النقصان في قضاء الشهوة وكذا الإيلاج في الصغيرة التي لا يجامع مثلها لا يوجب الغسل في قول محمد رحمه الله تعالى بدون الإنزال * إذا أتى الرجل امرأته وهي عذارء أو جامعها فيما دون الفرج لا غسل عليه ما لم ينزل لأن قيام العذرة يمنع موارة الحشفة وبدونها لا يجب الغسل ما لم ينزل. * ولا غسل على المرأة أيضا ما لم تنزل لانعدام السبب في حقها وهي موارة الحشفة. *وكذا إذا كانت ثيبا ولم تتوارى الحشفة * فإن خرج منه ودي أو مذي كان عليه الوضوء. *إذا جومعت المرأة فيما دون الفرج ووصل المني إلى رحمها وهي بكر أو ثيب لا غسل عليها لفقد السبب هو الإنزال أو موارة الحشفة حتى لو حبلت كان عليها الغسل لوجود الإنزال. *غلام ابن عشر سنين جامع امرأته البالغة عليها الغسل لوجود السبب وهو موارة الحشفة بعد توجه الخطاب ولا غسل على الغلام لانعدام الخطاب إلا أنه يؤمر بالغسل اعتيادا وتخلقا كما يؤمر بالطهارة والصلاة *ولو كان الرجل بالغا والمرأة صغيرة فالجواب على العكس. *وجماع الخصي يوجب الغسل على الفاعل والمفعول به لموارة الحشفة. * وإذا اغتسلت المرأة بعد الجماع فخرج منها مني الزوج لا يلزمها إعادة الغسل في قولهم لأن الخارج إذا لم يكن مي المرأة كان بمنزلة الحدث. *المرأة إذا احتلمت ولم يخرج منها المني حكي عن الفقيه أبي جعفر رحمه الله تعالى أنه قال ما لم يخرج المني من الفرج الداخل لا يلزمها الغسل في الأحوال كلها* وبه أخذ شمس الأئمة الحلواني رحمه الله وإليه أشار الحاكم الشهيد في المختصر فإنه قال * والمرأة في الاحتلام كالرجل وفي احتلام الرجل لا بد من خروج المني فكذا احتلام المرأة إلا أن الفرج الخارج منها بمنزلة الإليتين فيعتبر الخروج من الفرج الداخل إلى الفرج الخارج *وقال بعضهم إذا وجدت المرأة لذة الإنزال كان عليها الغسل *ذكر في صلاة ابن عبد الله بن المبارك امرأة قالت معي جني يأتيني في النوم مرارا وأجد في نفسي ما أجد إذا جامعني زوجي قال لا غسل عليها وليس للرجل أن يجامع امرأته إذا كان الحجاب الذي بين القبل والدبر قد انقطع إلا أن يمكنه إتيانها في قبلها من غير تعد. *إذا احتلم الرجل وانفصل المني عن موضعه إلا أنه لم يظهر على رأس <44> الإحليل لا يلزمه الغسل لأن الجنابة تتعلق بخروج المني وهو الانتقال من موضع إلى موضع يلحقه حكم التطهير * وفي المرأة ذكرنا أنه يعتبر الخروج من الفرج الداخل إلى الفرج الخارج. * إذا استيقظ الرجل من منامه وهو يتيقن بالاحتلام ولم ير شيئا ولا يتذكر الإنزال لا غسل عليه * وإن انتبه ورأى على فراشه أو فخذه منيا كان عليه الغسل تذكر الاحتلام أو لم يتذكر * وإن رأى المذي يلزمه الغسل في قول أبو حنيفة ومحمد رحمهما الله تذكر الاحتلام أو لم يتذكر *وقال أبو يوسف رحمه الله إن تذكر الاحتلام يلزمه الغسل وإلا فلا. * وفي صلاة الأصل إذا استيقظ وعنده أنه لم يحتلم ووجد بللا عليه الغسل في قول أبو حنيفة ومحمد رحمهما الله. * الجنب إذا اغتسل قبل أن يبول وصلى جازت صلاته فإن خرج منه المني بعد ذلك كان عليه الغسل في قول أبو حنيفة ومحمد رحمهما الله خلافا لأبي يوسف رحمه الله تعالى ولا يعيد ما صلى. *وعلى هذا الخلاف إذا استمتع بالكف فلما انفصل المني أخذ بإحليله حتى سكنت شهوته ثم خرج المني وكذا إذا جامع امرأته فيما دون الفرج أو احتلم فاستيقظ قبل خروج المني فأخذ بذكره حتى سكنت شهوته ثم خرج منه المني كان عليه الغسل في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله. *ولو اغتسل بعد ما بال ثم خرج منه مني أو مذي لا غسل عليه في قولهم. *إذا استيقظ الرجل من منامه فوجد على طرف إحليله مني أو مذي فإنه يغتسل إلا أن يكون قد انتشر ذكره قبل النوم فلما استيقظ وجد البلة فهاهنا لا غسل عليه لأنه إذا كان منتشرا قبل النوم فما وجد من البلة بعد الانتباه يكون من آثار ذلك الانتشار فلا يلزمه الغسل إلا أن يكون أكثر رأيه أنه مني فحينئذ يلزمه الغسل *أما إذا كان ذكره ساكنا حين نام يجعل تلك البلة منيا ويلزمه الغسل *قال شمس الأئمة الحلواني رحمه الله تعالى هذه مسألة يكثر وقوعها والناس عنها غافلون فلا بد من حفظها. * إذا نام الرجل قائما أو قاعدا أو ماشيا فوجد مذيا كان عليه الغسل في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى بمنزلة ما لو نام <45> مضطجعا. *الرجل إذا صار مغمى عليه ثم أفاق فوجد مذيا قالوا لا غسل عليه *وكذا السكران إذا أفاق ثم وجد مذيا *وهذا ليس كالنوم لأن ما يراه النائم سببه ما يجده من اللذة والراحة التي تهيج منها الشهوة وأما الإغماء والسكر فليسا من أسباب الراحة. *إذا نام الرجل والمرأة في فراش واحد فلما استيقظا وجدا منيا بينهما وكل واحد منهما ينكر الاحتلام وأن يكون ذلك منيه قال الإمام أبو بكر محمد بن الفضل رحمه الله تعالى الغسل عليهما احتياطا *وقال غيره إن كان الماء غليظا أبيضا فهو من الرجل وإن رقيقا أصفرا فمن المرأة *وقال بعضهم إن وقع طولا فمن الرجل وإن كان مدورا فمن المرأة. *وعلى الرجل ثمن ماء الاغتسال والوضوء للمرأة لأنه من الحوائج الدائرة فيكون بمنزلة المأكول والملبوس. * الكافر إذا أجنب ثم أسلم قال الشيخ الإمام شمس الأئمة السرخسي رحمه الله تعالى عليه الغسل *قال ولو حاضت الكافرة ثم طهرت من حيضها ثم أسلمت لا غسل عليها وأشار إلى الفرق في السير الكبير قال لأن السبب في حق الجنب هو الجنابة والجنابة مما يستدام فكان لدوامهما حكم الابتداء فيصير كأنه أجنب بعد الإسلام *وقال بعضهم لا غسل عليهما * وفرق هذا القائل بين هذا وبين الكافر المحدث إذا أسلم ثم أراد أن يصلي كان عليه الوضوء قال لأن السبب في حق المحدث هو القيام للصلاة وذلك وجد بعد الإسلام بخلاف الحيض والجنابة فإن ثمة لم يوجد السبب بعد الإسلام *وهذه فصول أربعة الأول والثاني ما قلنا والثالث الصبي إذا بلغ بالاحتلام والرابع المرأة إن بلغت بالحيض بعضهم قالوا في المرأة إذا بلغت يجب الغسل وفي الصبي لا يجب *والأحوط وجوب الغسل في الفصول كلها. *المرأة إذا أجنبت ثم حاضت إن شائت اغتسلت وإن شائت أخرت الاغتسال لأنه لا فائدة في التعجيل فإنها كانت تخرج من الجنابة لا تخرج من الحيض وحكمهما واحد. إذا أمنى الرجل من غير شهوة وانتشار لا غسل عليه في قول أبو حنيفة وأبو يوسف رحمهما الله وإن بال الرجل فخرج منه مني إن كان <46> ذكره منتشرا كان عليه الغسل وإلا فلا. *الرجل إذا كان عزبا به شبق وفرط شهوة قالوا له أن يعالج بذكره لتسكين الشهوة ولا نقول هو مأجور فعن أبي حنيفة رحمه الله أنه قال حسبت أن ينجو رأسا برأس. *الجنب إذا أراد أن يأكل أو يشرب فالمستحب له أن يغسل يديه وفاه وإن ترك لا بأس به *واختلفوا في الحائض قال بعضهم هي والجنب سواء *وقال بعضهم لا يستحب هاهنا لأن بالغسل لا يزول نجاسة الحيض عن الفم واليد بخلاف الجنابة. * وينبغي للجنب أن يدخل إصبعه في سرته عند الاغتسال *وإن علم أنه يصل الماء من غير إدخال الإصبع أجزأه. *ومن احتلم وهو في المسجد يخرج من ساعته فإن كان في جوف الليل وخاف الخروج يستحب له أن يتيمم. *إذا توضأ المحدث أو اغتسل الجنب بعد البول ثم رأى على ذكره بللا ولا يعلم أنه ماء أو بول فإنه يعيد الوضوء *وإن اعترض له ذلك في الصلاة والشيطان يوسوسه بذلك كثيرا وهو لا يتيقن بالنجاسة فإنه يمضي في صلاته ولا يلتفت إليه حتى يستيقن أنه بول وينبغي لمن ابتلي بذلك أن ينضح فرجه بالماء حتى إذا رأى بللا يجعل ذلك من الماء لا من البول.<46>(فصل في المسح على الخفين): المسح على الخفين جائز عند عامة العلماء بآثار مشهورة قريبة من المتواتر وري عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه أنه سئل عن والجماعة فقال السنة أن تحب الشيخين ولا تطعن في الختنين وتمسح على الخفين. وعن أبي حنيفة رحمه الله تعالى أنه قال من السنة أن تفضل الشيخين وتحب الخنتين وترى المسح على الخفين. وعن الكرخي رحمه الله تعالى من أنكر المسح على الخفين يخشى عليه الكفر وكل من أنكر ذلك من الصحابة رضى الله تعالى عنهم فقد رجع عنه قبل موته. والخف الذي يجوز عليه المسح ما يكون صالحا لقطع المسافة والمشي المتتابع عادة ويستر الكعبين وما تحتهما. وصورة المسح على الخفين أن يضع أصابع يده اليمنى على مقدم خفه الأيمن ويضع أصابع يده اليسرى على مقدم خفه الأيسر ويمدها إلى الساق فوق الكعبين ويفرج بين أصابعه وإن بدأ من أصل الساق ومد إلى الأصابع جاز <47>ولا يسن فيه التكرار. وإن مسح برؤوس الأصابع والكف لا يجوز إلا أن يبلغ ما ابتل من الخف عند الوضع مقدار الواجب وذلك ثلاثة أصابع من أصغر أصابع اليد. وإن مسح بإصبع أو إصبعين لا يجوز. وإن مسح بالإبهام والسبابة إن كانتا مفتوحتين جاز لأن ما بينهما مقدار إصبع آخر وقد ذكرنا هذا في مسح الرأس وإن مسح بإصبع واحد ثم بلها فمسح الخف ثانيا وثالثا إن مسح كل مرة غير الموضع الذي مسحه جاز كأنه مسح بثلاثة أصابع ويجوز المسح على الخف ببلل الغسل كانت البلة قاطرة أو لم تكن ولا يجوز ببلل بعد المسح وتفسيره إذا توضأ ثم مسح الخف ببلة بقيت على كفه بعد الغسل جاز ولو مسح برأسه ثم مسح الخف ببلة بقيت على الكف بعد المسح لا يجوز لأنه مسح الخف ببلة مستعملة بخلاف الأول ولا يمسح بعد مضي المدة ومدة المقيم يوم وليلة ومدة المسافر ثلاثة أيام ولياليها يعتبر المدة من وقت الحدث لا من وقت اللبس ولا من وقت المسح عندنا وتفسير ذلك أن المقيم إذا أحدث بعد طلوع الفجر فتوضأ ودام على وضوئه إلى الضحوة ولبس خفيه ثم أحدث بعد الزوال ولم يتوضأ حتى دخل وقت العصر ثم توضأ فإنه يمسح إلى ما بعد الزوال من الغد ويعتبر المدة من وقت الحدث بعد اللبس وإذا انقضت المدة وهو على وضوئه فإنه ينزع خفيه ويغسل رجليه خاصة. وإن انقضت مدة المسح وهو محدث فإنه ينزع خفيه ويستقبل الوضوء. ولو نزع خفيه قبل انقضاء مدة المسح أو نزع إحدى الخفين وهو على وضوئه فإنه ينزع خفيه ويغسل رجليه. وإن نزع بعض الخف فإن خرج أكثر العقب إلى الساق فهو بمنزلة ما لو خرج الكل في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى إذا خرج الأكثر ظهر القدم فهو كخروج الكل وهن محمد رحمه الله تعالى إذا بقي في الخف مقدار ثلاثة أصابع من ظهر القدم لا ينتقض مسحه. ولو كان صدر القدم في موضعه والعقب يخرج ويدخل لا ينتقض مسحه. إذا لبس مكعبا لا يرى من كعبيه أو قدميه إلا مقدار إصبع أو إصبعين جاز المسح وهو بمنزلة الخف الذي لا ساق له ولو لبس خفا إن فتق خرزه أو أصابه شق يدخل فيه ثلاثة أصابع
Shafi 22
<48>إذا أدخلت إلا أنه لا يرى شيء من قدميه جاز عليه المسح لأن المانع انكشاف ما يجب غسله ولم ينكشف وكذا إذا ظهر إصبع أو إصبعان. وكذا ولو كان طول الخرق أكثر من ثلاثة أصابع وانفتاحه أقل من ثلاثة أصابع جاز المسح عليه. وإن كان انفتاحه ثلاثة أصابع يظهر منه أطراف ثلاثة أصابع من أصغر أصابع الرجل لا يجوز لأن الثلاث أكثر القدم فإذا ظهر ذلك يجب غسله فيجب غسل الباقي هذا إذا كان الخرق في مقدم الخف في أعلى القدم أو في أسفله فإن كان الخرق في موضع العقب إن كان يخرج منه أقل من نصف العقب جاز عليه المسح وإن كان أكثر لا يجوز. وعن أبي حنيفة رحمه الله تعالى في رواية أخرى يمسح حتى يبدو أكثر من نصف العقب ولو كان الرجل أعرج يمشي على صدر قدميه وقد ارتفع العقب عن موضع عقب الخف كان له أن يمسح ما لم يخرج قدمه إلى الساق ولو كان الخف واسعا إذا رفع القدم حتى يخرج العقب وإذا وضع القدم عاد العقب إلى موضعه وهذا مما لا بأس به يجوز عليه المسح. ولو قطع رجله إن بقي من ظهر القدم مقدار ثلاثة أصابع فلبس عليها الخف إذا كان مسحه يقع على جميع الباقي وإن كان الذي بقي من ظهر القدم أقل من ثلاثة أصابع لا يجوز عليه المسح. وكذا لو بقي مما يلي العقب مقدار ثلاثة أصابع ولم يبق من قبل الأصابع مقدار ذلك لا يجوز المسح لأن محل المسح المقدم دون المؤخر. وكذا لو قطعت رجله من الكعب لا يمسح لأن غسل محل القطع واجب عندنا فيجب عليه غسل الرجل الأخرى. ولو لم يكن له إلا رجل واحدة فلبس عليها الخف جاز له أن يمسح. ولو ظهر من الخف الخنصر والوسطى والإبهام من كل إصبع منها شيء لا يجوز المسح ولو ظهر من الخرق الإبهام وهي مقدار ثلاثة أصابع من غيرها جاز عليها المسح يعتبر في هذا نفس الأصابع ويستوي فيه الصغير والكبير ولو كان في إحدى الخفين خرق قدر إصبع وفي الأخرى قدر إصبعين جاز المسح عليهما ولو كان في خف واحد خرق في مقدم الخف قدر إصبع وفي مؤخره مثل ذلك وفي جانبه مثل ذلك كل ذلك كان في الأسفل من الساق لا يجوز لأنه إذا جمع يصير <49>قدر ثلاثة أصابع وإن تفرق ذلك في الخفين لا يمنع المسح لأن ما في الخفين لا يخل في صلاحيتهما لقطع المسافة بخلاف النجاسة المتفرقة في الثوب فإنها تجمع كانت في ثوب أو ثوبين وكذا النجاسة تحت القدمين إذا كان تحت كل قدم من قدر الدرهم وعند الجمع يصير أكثر وكذا لو كانت النجاسة على الخف فإنها تجمع كانت في خف أو خفين لأن المائع ثمة استعمال النجاسة الكثيرة ولا يعتبر الخرق في الساق لأن عدم الساق لا يمنع المسح فالخرق أولى المرأة في المسح على الخفين بمنزلة الرجل لاستوائها في الحاجة. لابس الخف إذا احتاج إلى المسح فخاض الماء أو أصابه مطر وابتل جاز وكذا لو أمر غيره بأن يمسحه فمسحه جاز. المسافر إذا انقضت مدة مسحه وهو يخاف ذهاب الرجل من البرد جاز له أن يمسح لمكان الضرورة وإن كان لا يخاف على رجله ينزع خفيه ويغسل رجليه. ماسح الخف إذا أم الغاسل جاز بخلاف صاحب الجرح السائل إذا أم الصحيح. ماسح الخف إذا أحدث في الصلاة فانصرف ليتوضأ ثم انقضت مده مسحه قبل أن يتوضأ كان له أن يغسل رجليه ويبني على صلاته كالمصلي بالتيمم إذا أحدث في صلاته فانصرف ثم وجد ماء كان له أن يتوضأ ويبني على صلاته. ماسح الخف إذا كان مسافرا فأقام بعد ما استكمل مدة الإقامة فإنه ينزع خفيه ويغسل رجليه وإن أقام قبل استكمال مدة الإقامة يتم مدة الإقامة فإنه ينزع خفيه ويغسل رجليه لأنه لما انقضت مدة الإقامة ثبت حكم الحدث السابق في الرجل فيلزمه غسل رجليه ولا يلزمه غسل سائر الأعضاء وإن سافر قبل استكمال مدة الإقامة إن سافر بعد الحدث قبل المسح كان له أن يمسح مدة السفر ثلاثة أيام ولياليها. وإن سافر بعد الحدث وبعد المسح فكذلك عندنا. وشرط جواز المسح على الخف أن يكون لابس الخف على طهارة كاملة قبل الحدث سواء لبس خفيه بعدما توضأ وغسل رجليه أو غسل رجليه أولا ثم لبس خفيه قبل الحدث أو غسل إحدى رجليه ولبس الخف عليها ثم غسل الرجل الأخرى ولبس الخف عليها ثم أكمل الطهارة قبل الحدث. رجل له خف
Shafi 23
<50>واسع الساق إن بقي من قدمه خارج الساق في الخف مقدار ثلاثة أصابع سوى أصابع الرجل جاز مسحه وإن بقي من قدمه خارج الساق مقدار ثلاثة أصابع بعضها من القدم وبعضها من الأصابع لا يجوز المسح عليه حتى يكون مقدار ثلاثة أصابع كلها من القدم لا اعتبار للأصابع. ماسح الخف إذا دخل الماء خفه وابتل من رجله قدر ثلاثة أصابع أو أقل لا يبطل مسحه لأن هذا القدر لا يجزي عن غسل الرجل فلا يبطل به حكم المسح وإن ابتل جميع القدم وبلغ الماء الكعب بطل المسح يروى ذلك عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى. ماسح الخف إذا انقضت مدة مسحه في الصلاة ولم يجد ماء فإنه يمضي على صلاته لأنه لا فائدة في قطع الصلاة لأن حاجته بعد انقضاء المدة إلى غسل الرجلين. ولو قطع الصلاة وهو عاجز عن غسل الرجلين من التيمم فلهذا يمضي على صلاته ومن المشايخ من قال تفسد صلاته والأول أصح. المحدث إذا تيمم عند عدم الماء ولبس الخف ثم وجد ماء فإنه ينزع خفيه ويغسل رجليه لأن المتيمم عند وجود الماء يصير محدثا بالحدث السابق. وكما يجوز المسح على الخف يجوز المسح على الجبائر إذا كان يضره المسح على الجراحة وإذا كان لا يضره المسح على الجراحة لا يجوز المسح على الجبائر. وكذا المفتصد قالوا هذا إذا كان الفصد والجراحة في موضع لرجل بالرباط أمكنه أن يشده بنفسه وإن كان لا يمكن جاز المسح على الجبيرة والرباط وإن كان لا يضره المسح على الجراحة. وإذا مسح على الجبيرة هل يشترط فيه الاستيعاب ذكر الشيخ الإمام المعروف بخواهر زاده رحمه الله تعالى أنه لا يشترط فيه الاستيعاب. وإن مسح على الأكثر جاز وإن مسح على النصف وما دونه لا يجوز وبعضهم شرطوا الاستيعاب وهو رواية الحسن عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى. وللمفتصد أن يؤم غيره وقيل من غلبه الدم لا يؤم غيره لأنه يخاف خروج الدم وقيل لا يؤم على الفور ويؤم بعد زمان. صاحب الجرح السائل إذا منع خروج الدم بعلاج أو رباط لا يكون صاحب جرح سائل. والمفتصد ليس بصاحب جرح سائل لأنه يتمكن من منع الدم أو غيرها فلهذا كان له أن يؤم <51>غيره. رجل بإحدى رجليه قرحة فجعل عليها الجبيرة وغسل رجله الصحيحة ولبس الخف عليها ثم أحدث فإنه لا يمسح على الخف لأنه لو مسح على الخف يمسح على الجبيرة والمسح على الجبيرة كالغسل لما تحتها فيصير جامعا بين الغسل والمسح ولو لبس الخف عليهما كان له أن يمسح لأنه لبس الخف عليهما بعد الغسل رجل بإحدى رجليه بثرة فغسل رجليه ولبس الخف عليهما ثم أحدث ومسح على الخفين وصلى صلاة فلما فرغ نزع الخف وجد البثرة قد انشقت وسال منها الدم وبطل مسحه وهو لا يعلم أنها متى انشقت قال الشيخ الإمام أبو بكر محمد بن الفضل رحمه الله تعالى ينظر إن كان رأس الجراحة قد يبس وكان الرجل قد لبس الخف عند طلوع الفجر ونزع الخف بعد العشاء الأخيرة فإنه لا يعيد الفجر ويعيد ما بعدها من الصلاة وإن نزع الخف ورأس الجراحة مبلول بالدم فإنه لا يعيد شيئا من الصلاة. إذا مسح الخف ثم تقشرت الجلدة الظاهرة من الخف وبقيت الباطنة لا يلزمه إعادة المسح لأن الخف بحكم التركيب صار كشيء واحد فلا يلزمه إعادة المسح. صاحب الجبيرة إذا مسح على الجبيرة ولبس الخف عليها ثم أحدث ومسح على الخف ثم سقطت الجبيرة عن برء بطل المسح على الخف. رجل بإصبعه قرحة وأدخل المرارة في إصبعه وهي تجاوز موضع القرحة فتوضأ ومسح عليها جاز لمكان الضرورة وكذا ولو كان على يده أو رجله جراحة أو قرحة وجعل عليها الجبائر والجبائر تزيد على موضع القرحة والجراحة كان له أن يمسح عليها وكذلك المفتصد قيل هذا إذا مسح جميع المواضع الذي أخذته العصابة حكي عن القاضي الإمام أبي علي النسفي رحمه الله تعالى أنه كان لا يجيز المسح على عصابة المفتصد ويجيز على خرقة المفتصد وقال ما يأخذ العصابة يغسل وبعضهم جوز المسح على العصابة أيضا وعليه الاعتماد إذا مسح على العصابة ثم سقطت العصابة فبدلها بالأخرى الأولى أن يعيد المسح على الثانية وإن لم يعد أجزه لأن المسح على الأولى بمنزلة الغسل ولهذا لا يتوقت بوقت فصار كما لو مسح رأسه ثم حلق بخلاف ما إذا مسح على الخف وسقط ولبس خفا أخر لا يجوز له المسح على الثاني وإن مسح على الجوربين فهو على وجوه إن كان رقيقين غير
Shafi 24
<52>منعلين لا يجوز المسح عليهما في قولهم وإن كانا ثخينين منعلين جاز المسح عليهما في قولهم ثم على رواية الحسن ينبغي أن يكون النعل إلى الكعبين وفي ظاهر الرواية إذا بلغ النعل إلى أسفل القدم جاز والثخين أن يقوم على الساق من غير شد ولا يسقط ولا ينشف وقال بعضهم لا ينشفان معنى قوله لا ينشفان أي لا يجاوز الماء القدم وقيل معنى قوله لا ينشفان أي لا ينشف الجورب الماء إلى نفسه كالأديم والصرم وإن كان ثخينين غير منعلين لا يجوز المسح عليهما في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وفي قول صاحبيه يجوز وعن أبي حنيفة رحمه الله تعالى أنه رجع إلى قولهما قبل موته. يجوز المسح على الخف يكون من اللبد وإن لم يكن منعلا لأنه يمكن قطع المسافة به وكذا على الخف الذي يقال له بالفارسية بيش بند وهو أن يكون مشقوقا مشدودا وما يقال بالفارسية جاروق إن كان يستر القدم ولا يرى من العقب ولا من ظهر القدم إلا قدر إصبع أو إصبعين جاز المسح عليه في قولهم وإن لم يكن كذلك فعلى قياس ظاهر الرواية وهو قول عامة المشايخ لا يجوز وبعضهم جوز ذلك لأن عوام الناس يسافرون به خصوصا في بلاد المشرق ويجوز المسح على الجرموقين أما إذا لبسهما من غير خف فظاهر لأنهما في قطع المسافة بمنزلة الخف هذا إذا كان الجرموق من الأديم أو الصرم فإن كان من جلد يقال بالفارسية كشت فكذلك وإن كان من الكرباس لا يجوز المسح عليه وإن لبسهما على الخفين لا يخلو إن لبسهما بعد ما لبس الخفين أو أحدث ومسح على الخفين أو لبسهما بعد ما أحدث قبل أن يمسح على الخفين لا يجوز المسح على الجرموقين بالإجماع وإن لبس الجرموقين قبل أن يحدث ويمسح جاز المسح على الجرموقين عندنا خلافا للشافعي رحمه الله تعالى وإن لبس الخفين فوق الخفين هو على هذه التفاصيل أيضا وإن لبس الخفين وأحد الجرموق جاز له أن يمسح على الخف الذي لا جرموق عليه وعلى الجرموق ولو لبس الخفين ولبس عليهما الجرموقين ومسح على الجرموقين ثم نزع الجرموقين فإنه يعيد المسح على الخفين وإن نزع الجرموقين في ظاهر الرواية يمسح على الخف البادي وعلى الجرموق الباقي وروى الحسن عن أبي حنيفة رحمه <53>الله تعالى أنه يمسح على الخف البادي لا غير وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى في رواية ينزع الجرموق الباقي ويمسح على الخفين. (باب التيمم في الباب فصول) فصل في صورة التيمم فصل فيمن يجوز له التيمم فصل فيما يجوز به التيمم فصل فيما ينتقض به التيمم. أما صورة التيمم ما ذكر في الأصل قال يضع يديه على الصعيد وفي بعض الروايات يضرب يديه على الصعيد فاللفظ الأول أن يكون على وجه اللين والثاني أن يكون الوضع على وجه الشدة وهذا أولى ليدخل التراب في أثناء الأصابع ثم قال أبو يوسف رحمه الله تعالى يقبل بها ويدبر وهو غير لازم إن شاء فعل وإن شاء لم يفعل ثم ينفضهما ويمسح بهما وجهه ثم يضرب يديه مرة أخرى على الأرض ثم ينفضهما ويمسح بهما وجهه ثم يضرب يديه مرة أخرى على الأرض ثم ينفضهما ثم يضع بطن كفه اليسرى على ظهر كفه اليمنى ويمد من رؤوس الأصابع إلى المرفق ويمسح المرافق ثم يدبرهما إلى بطن الساعد ويمدهما إلى الكف وهل يمسح الكف تكلموا فيه قال بعضهم لا يمسح لأنه مسح مرة حين ضرب يديه على الأرض ثم يضع بطن كفه اليمنى على ظهر كفه اليسرى ويفعل ما فعل باليمنى ولم يذكر في الكتاب تخليل الأصابع ولا بد منه ليتم الاستيعاب وإن تيمم بإصبع أو إصبعين لا يجوز لما قلنا في مسح الخف ومسح الرأس وإن مسح وجهه وذراعيه بضربة واحدة لا يجزيه ولو تمعك في التراب فأصاب التراب وجهه وكفيه وذراعيه جاز. ولو قام في مهب الريح أو هدم حائطا فأصاب الغبار وجهه وذراعيه لم يجز حتى يمسح وينوي به التيمم وكذا لو ذر رجل على وجهه ترابا لم يجز فإن مسح ينوي به التيمم والغبار عليه جاز في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى واستيعاب العضوين في التيمم شرط في ظاهر الرواية حتى لو لم يمسح ما بين الحاجبين والعينين ولم يحرك الخاتم إن كان ضيقا وكذا المرأة السوار لم يجز وشرطه شيئان النية والعجز عن استعمال الماء أما النية إذا نوى به التطهير جاز ولا يشترط نية التيمم للجنابة والحدث وقال بعضهم لا بد من ذلك وعن محمد رحمه الله تعالى الجنب إذا تيمم يريد به الوضوء أجزأه عن الجنابة وإن تيمم لمطلق الصلاة والتطوع أو للمكتوبة جاز له أن يصلي بذلك التيمم أية صلاة كانت وكذا ولو تيمم لصلاة الجنازة أو لسجدة التلاوة وهو مسافر جاز له أداء الصلاة بذلك التيمم ولو تيمم لقراءة القرآن
Shafi 25
<54>عن ظهر القلب أو عن المصحف أو لزيارة القبر أو لدفن الميت أو للأذان أو الإقامة أو لدخول المسجد أو لخروجه بأن دخل المسجد وهو متوضئ ثم أحدث أو لمس المصحف وصلى بذلك التيمم اختلفوا فيه قال عامة العلماء لا يجوز قال أبو بكر بن سعيد البلخي رحمه الله تعالى يجوز. ولو تيمم للسلام أو لرد السلام لا يجوز له أداء الصلاة بذلك التيمم ولو تيمم الكافر للإسلام وأسلم لا يجوز له أداء الصلاة بذلك التيمم في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى وكذا لو تيمم يريد به تعليم الغير لا يجوز له أداء الصلاة بذلك التيمم في ظاهر الرواية. (فصل فيما يجوز له التيمم) ويجوز التيمم للحدث والجنابة والحيض عند عامة العلماء وهل يشترط لجوازه طلب الماء في العمرانات يشترط وفي الفلواة لا يشترط إلا أن يغلب على ظن المسافر أنه لو طلب الماء يجده لو أخبر بذلك فحينئذ يفترض عليه الطلب يمينا ويسارا على قدر غلوة ولا يبلغ ميلا وكيلا يضر بنفسه أو أصحابه ومن خرج من المصر أو السواد للاحتطاب أو للاحتشاش أو لطلب الدابة فحضرته الصلاة فإن كان الماء قريبا منه لا يجوز له التيمم وإن خاف خروج الوقت اختلفوا في حد القرب قال الفقيه أبو جعفر رحمه الله تعالى أجمع أصحابنا رحمهم الله تعالى على أنه يجوز للمسافر أن يتيم إذا كان بينه وبين الماء ميل وإن كان أقل من ذلك لا يجوز إذا كان يعلم به المسافر وإن خاف خروج الوقت ولا يجوز للمقيم أن يتيمم إذا كان بينه وبين الماء ميل ولا شيء في الزيادة عن أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله تعالى وعن محمد رحمه الله تعالى أن يجوز إذا كان الماء على قدر ميلين وهو اختيار الفقيه أبي بكر بن الفضل رحمه الله تعالى ون الكرخي رحمه الله تعالى أنه قال إذا خرج المقيم من المصر أو من السواد للاحتطاب أو الاحتشاش فإن كان في موضع يسمع صوت أهل الماء فهو قريب وإن كان لا يسمع فهو بعيد وبه أخذ المشايخ رحمهم الله تعالى وإذا كان هذا في المقيم فما ظنك في المسافر وعن أبي جعفر رحمه الله تعالى إذا كان خارج المصر ولا يسمع أصوات إنسان أجزأه التيمم وقليل السفر وكثيره سواء في التيمم والصلاة على الدابة خارج المصر إنما الفرق بين القليل والكثير في ثلاثة في قصر الصلاة والإفطار والمسح على الخفين ولو كان مع المسافر ماء وهو يخاف على نفسه <55>العطش جاز له التيمم ولو كان رأى مع رفيقه ماء فإن كان في غالب ظنه أنه يعطيه لا يجوز له أن يتمم بل يسأله فإن لم يعطه بغير عوض يستام منه ولا يعجل بالتيمم فإن باعه بمثل الثمن أو بغبن يسير فإن كان معه مال زيادة على ما يحتاج إليه في الزاد لا يتيمم وإن باعه بثمن غال يجوز له التيمم واختلفوا في حد الغالي عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى إن كان لا يبيع إلا بضعف القيمة فهو غال وقال بعضهم ما لا يدخل تحت تقويم المقومين فهو غال ويعتبر قيمة الماء في أقرب المواضع من الموضع الذي يعز فيه الماء ولو كان في رحله ماء زمزم وقد رصص رأس القمقمة يحمله للهدية أو ما أشبه ذلك وهو لا يخاف على نفسه العطش لا يجوز له التيمم قالوا الحيلة في ذلك أن يهبها من غير وبسلم قال مولانا رضي الله عنه هذا ليس صحيح عندي فإنه لو رأى مع غيره ماء يبيعه بمثل الثمن أو بغبن يسير يلزمه الشراء ولا يجوز له أن يتيمم فإذا تمكن من الرجوع في الهبة كيف يجوز له التيمم ولو رأى مع رفيقه ماء فتيمم قبل أن يسأل وصلى جاز وإن سأله بعد ذلك فأعطاه الماء يلزمه الإعادة وإن سأله فأبى ثم تيمم فصلى ثم أعطاه لا يلزمه إعادة الصلاة ولو كان معه سؤر حمار فإنه يجمع بينه وبين التيمم فإن توضأ بسؤر الحمار وصلى ثم تيمم وصلى تلك الصلاة الصحيح أنه لا يلزمه الإعادة وكذا لو بدأ بالتيمم وصلى ثم توضأ بسؤر الحمار وصلى لا يلزمه الإعادة ولو تيمم وصلى ثم أهراق سؤر الحمار يلزمه إعادة التيمم والصلاة لاحتمال أن سؤر الحمار كان طهورا جماعة من المتيممين إذا رأوا ماء في صلاتهم قدر ما يكفي لأحدهم إن كان الماء مباحا فسدت صلاتهم وإن كان مملوكا كالرجل فقال المالك أبحت لكل واحد منكم أو قال من شاء منكم فليتوضأ فسدت صلاتهم وإن قال أبحت لكم جميعا لم تفسد صلاتهم المسافر إذا شرع في الصلاة بالتيمم ثم جاء إنسان معه ماء فإنه يمضي في صلاته فإذا سلم فسأله إن منع جازت صلاته وإن أعطاه بطلت صلاته وعن محمد رحمه الله تعالى إذا رأى في الصلاة مع غيره ماء وفي غالب ظنه أنه يعطيه بطلت صلاته المتيمم إذا صلى بقوم متيممين ركعة فجاء رجل معه كوز من ماء يكفي لأحدهم فقال هو لفلان لرجل من القوم فسدت صلاة ذلك الرجل ويمضي القوم على صلاتهم فإذا فرغوا سألوه الماء إن أعطى الإمام
Shafi 26
<56>توضأ الإمام ويستقبل الصلاة ويستقبل القوم معه وإن منع الإمام والقوم فصلاة الكل تامة فلو أن الذي جاء بالكوز قال للمتيممين قبل الشروع في الصلاة من شاء منكم فليتوضأ انتقض تيممهم وإن قال هو لكم أو هو بينكم لا ينتقض تيممهم قوم من المتيممين شرعوا في الصلاة فجاء رجل ومعه ماء يكفي لأحدهم فقال من يريد منكم الماء ينتقض تيممهم قوم من المتيممين منهم متيمم من الجنابة ومنهم متيمم للوضوء وإمامهم متوضئ فجاء رجل بكوز من ماء يكفي لأحدهم فقال هذا الكوز من الماء لمن شاء منكم فسدت صلاة المتيممين عن الحدث ولم تفسد صلاة المتيممين عن الجنابة لوجود القدرة على الماء لكل واحد من الفريق الأول دون الثاني ولو كان الإمام متيمما للحدث فسدت صلاة الكل بفساد صلاة الإمام ولو كان الإمام متيمما للجنابة والماء لا يكفي للجنابة فصلاة الإمام ومن خلفه من المتوضئين والمتيممين للجنابة تامة لعجزهم عن الطهارة بالماء وفسدت صلاة المتيمم للحدث لقدرتهم على الطهارة بالماء وإن كان الماء يكفي للجنابة فإن كان الإمام متوضئا فصلاته وصلاة المتوضئين تامة وصلاة المتيممين فاسدة وإن كان الإمام متيمما عن أي شيء كان فسدت صلاة الكل رجلان يصليان أحدهم عريان والآخر متيمم فجاء رجل وقال معي ماء فتوضأ به أيها المتيمم ومعي ثوب فخذ أيها العرينان فسدت صلاتهما كذا قال الشيخ الإمام أبو بكر محمد بن الفضل رحمه الله تعالى متيمم مر على الماء وهو نائم ذكر في بعض الروايات أنه على قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى ينتقض تيممه وقيل ينبغي أن لا ينتقض عند الكل لأنه لو تيمم وبقربه ماء لا يعلم به يجوز تيممه عند الكل إنما الخلاف بين أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله تعالى فيما إذا تيمم وفي رحله ماء لا يعلم به ثلاثة في السفر جنب وحائط وميت وثم ماء قدر ما يكفي لأحدهم فإن كان الماء ملكا لأحدهم فهو أولى به وإن كان الماء له جميعا لا يصرف إلى أحدهم ويباح التيمم للكل وإن كان الماء مباحا كان الجنب أولى لأن غسله فريضة وغسل الميت سنة والرجل يصلح إماما للمرأة فيغسل الجنب وتيمم المرأة ويمم الميت ولو كان الماء بين الأب والابن فالأب أولى به <57>لأن له حق تملك مال الابن ولو وهب لهم رجل ماء قدر ما يكفي لأحدهم قال الرجل أولى به لأن الميت ليس من أهل قبول الهبة والمرأة لا تصلح لإمام الرجل قال مولانا رضي الله تعالى عنه وهذا الجواب لا يستقيم على قول من يقول أن هبة المشاع فيما يحتمل القسمة لا تفيد الملك وإن اتصل بها القبض المسافر إذا انتهى إلى بئر وليس معه دلو كان له أن يتمم لعجزه عن استعمال الماء وكذا إذا كان معه دلو وليس معه رشاء قالوا هذا إذا لم يكن معه منديل يصلح لذلك فإن كان معه منديل يصلح لذلك لا يتمم ولو كان معه رفيقه دلو مملوك لرفيقه وقال له رفيقه انتظر حتى أستقي الماء ثم أدفعه إليك فالمستحب له أن ينتظر إلى آخر الوقت فإن تيمم ولم ينتظر جاز وكذا لو كان عريانا ومع رفيقه ثوب فقال له انتظر حتى أصلي ثم أدفعه إليك يستحب له أن ينتظر إلى آخر الوقت فإن لم ينتظر وصلى عريانا جاز في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى ولو كان مع رفيقه ماء يكفي لهما فقال انتظر حتى أفرغ من الصلاة ثم أدفعه إليك لزمه أن ينتظر وإن خاف خروج الوقت ولو يتمم ولم ينتظر لا يجوز فالأصل عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى أن في المملوك لا تثب القدرة بالبذل والإباحة وفي الماء تثب القدرة بالإباحة المصلي بالتيمم إذا وجد الماء بعد الفراغ من الصلاة لا يلزمه الإعادة ولو وجد في خلال الصلاة فسدت صلاته وكذا ولو وجدت بعد الفراغ من الأركان قبل التشهد وكذا ولو وجد بعد التشهد قبل السلام عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى وإن وجد بعد ما سلم تسليمة واحدة لم تفسد صلاته وكذا ولو وجد بعد ما سلم وعليه سهو إن وجد بعد ما عاد إلى سجود السهو فسدت صلاته في قول أبي حنيفة رضي الله تعالى عنه وإن وجد قبل أن يعود لا تفسد عند الكل المصلي بالتيمم إذا أحدث في صلاته فانصرف ليتمم إلا أنه لم يجد ترابا فلم يتمم حتى وجد ماء ذكر بعض العلماء فيما جمع من الفتاوى أنه يتوضأ ويبني قال مولانا رضي الله تعالى عنه قد ذكرت المسئلة كذلك في فصل مسح الخف وذكر الحاكم الشهيد رحمه الله تعالى في المختصر أنه يتوضأ ويستقبل الصلاة وذكر شمس الأئمة الحلواني رحمه الله تعالى في
Shafi 27
<58>شرح كتاب الصلاة فقال كان الشيخ الإمام اسماعيل الزاهد رحمه الله تعالى يقول وجد رواية عن أبي يوسف رحمه الله تعالى أنه يتوضأ ويبني قال وهذا أقيس لمذهبه لأن اقتداء المتوضئ بالمتيمم يجوز عنده فكذلك بناء الوضوء على التيمم فيحتمل أن ما ذكره الحاكم الشهيد قول محمد رحمه الله تعالى. مسافر أجنب فشرع في الصلاة بالتيمم ثم سبقه الحدث فوجد ماء قدر ما يكفي للوضوء فإنه يتوضأ به ويبني ذكره البقالي في فتاواه قال وهذا قول آخر لمحمد رحمه الله تعالى وهو رواية عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى المصلي بالوضوء إذا سبقه الحدث فذهب ليتوضأ فلم يجد ماء فتيمم ثم قبل انصرافه إلى مقامه وجد الماء توضأ وبنى ولو انصرف إلى مقامه ثم وجد الماء توضأ وبنى ولو انصرف إلى مقامه ثم وجد الماء توضأ واستقبل استحسانا. الجنب إذا كان به جراحات في عامة جسده وهو لا يستطيع غسل الجراحات ويستطيع غسل ما بقي فإنه يتيمم ويصلي لأنه لو غسل غير موضع الجراحات ربما يصل الماء إلى جراحته فيضره لا جرم لو أمكنه أن يغسل غير موضع الجراحة ويمسح الجراحة بالماء إن كان لا يضره المسح أو يعصبها بخرقة ويمسح على الخرقة فعل وإن كان أكثر أعضائه صحيحا فإن كانت الجراحة على رأسه وسائر جسده صحيح فإنه يدع الرأس ويغسل سائر الأعضاء ويمسح موضع الجراحة لأن للأكثر حكم الكل وكذا لو كان محدثا به جراحات فإن كان أكثر أعضاء الوضوء جريحا تيمم ولم يستعمل الماء وإن كان أكثر أعضائه صحيحا غسل الصحيح ويمسح الجراحة إن أمكنه مسحه من غير ضرر حتى لو كانت الجراحة على رأسه ووجهه ويده وليس على رجليه جراحة يباح له التيمم وعلى عكسه لا يباح وقيل يعتبر الكثرة في الأعضاء حتى لو كان على رأسه ووجهه ويديه جراحة وليس على رجليه جراحة لا يباح له التيمم إذا لم يكن الأكثر من كل عضو جريحا وإن استوى الجريح والصحيح تكلموا فيه قال بعضهم لا يسقط غسل الصحيح وهو الصحيح لأنه أحوط كما يباح التيمم عند خوف الهلاك أو تلف عضو يباح له التيمم عندنا إذا خاف زيادة المرض وإذا زال المرض المبيح للتيمم ينتقض تيممه الجنب الصحيح في المصر إذا خاف الهلاك من الاغتسال يباح له التيمم في قول أبي حنيفة <59>رحمه الله تعالى والمسافر إذا خاف الهلاك من الاغتسال جاز له التيمم في قولهم وأما المحدث في المصر إذا خاف الهلاك من التوضؤ اختلفوا فيه على قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى والصحيح أنه لا يباح له التيمم قال مشايخنا رحمهم الله تعالى في ديارنا لا يباح للمقيم أن يتيمم لأن في عرف ديارنا أجر الحمام يعطى بعد الخروج فيمكنه أن يدخل الحمام ويغتسل فيتعلل بالعسرة عند الخروج ومن به جدري أو حصبة يجوز له التيمم لأن الاغتسال يضره ومن لا يقدر على الوضوء إلا بمشقة لا يباح له التيمم المسافر إذا مر في الفلاة بماء موضوع في جب أو نحوه لا ينتقض تيممه وليس له أن يتوضأ منه لأنه وضع للشرب لا للوضوء والمباح في نوع لا يجوز استعماله في نوع آخر إلا أن يكون الماء كثيرا ويستدل لكثرته على أنه وضع للشرب والوضوء جميعا فحينئذ يتوضأ ولا يتيمم وذكر القاضي البكر الإمام أبو علي النسفي عن الشيخ الإمام أبي بكر محمد بن الفضل أن الماء الموضوع للشرب يجوز منه التوضؤ والموضوع للوضوء لا يباح منه الشرب الأسير في دار الحرب إذا منعه الكافر عن الوضوء والصلاة يتيمم ويصلي بالإيماء ثم يعيد إذا خرج وكذا الرجل إذا قال له غيره إن توضأت حبستك أو قتلتك فإنه يصلي بالتيمم ثم يعيد بمنزلة المحبوس في المصر إذا لم يجد ماء ووجد ترابا نظيفا فإنه يتيمم ثم يعيد ولو أن المحبوس إذا لم يجد ماء ولا ترابا نظيفا لا يصلي في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى وأجمعوا على أن الماشي لا يصلي وهو يمشي ولا السابح وهو يسبح ولا السائف وهو يضرب بالسيف وإن خاف خروج الوقت ولو جلس الرجل الطاهر في المكان النجس يصلي بالإيماء ثم يعيد كان ذلك في الحضر أو السفر قال محمد رحمه الله تعالى في السفر لا يعيد وفي الحضر يعيد المصلي بالتيمم إذا رأى سرابا وظن أنه ماء فانصرف ثم علم أنه كان سرابا فسدت صلاته جاوز موضع صلاته أو لم يجاوز (ومن هذا الجنس مسائل) إحداها هذه ومنها إذا رأى حمرة على ثوبه فظنها أنها نجاسة فانصرف ليغسلها ثم علم أنها لم تكن نجاسة ومنها إذا ظن أنه ترك مسح الرأس أو لم يتوضأ أصلا فانصرف ثم علم أنه كان قد توضأ ومسح ومنها إذا ظن في الظهر أن لم يصل الفجر فانصرف ثم علم أنه
Shafi 28
<60>قد صلاها ومنها ماسح الخف إذا ظن أنه انقضت مدة مسحه ثم علم أنها لم تنقض فسدت صلاته في هذه الوجوه بالاستدبار جاوز موضع صلاته أو لم يجاوز (ويفارق هذا الجنس مسئلتان) الأولى إذا ظن في صلاته أنه رعف فانصرف ثم علم أنه لم يرعف والثانية قوم صلوا بالجماعة فرأوا سواد وظنوه عدوا فانصرف بعضهم ليقوم بإزاء العدو ثم علموا أنه كان غبارا أو دواب إن جاوزوا موضع صلاتهم فسدت صلاتهم وإلا فلا المصلي بالتيمم إذا رأى سرابا كان أكبر رأيه أنه مباح له أن ينصرف وإن استوى الظنان لا يحل له قطع الصلاة وإذا فرغ من الصلاة إن ظهر أنه كان ماء يلزمه الإعادة وإلا فلا المتوضئ إذا اقتدى بالمتيمم ثم رأى المقتدي ماء ولم ير إمامه فسدت صلاة المقتدي ولم تفسد صلاة الإمام المتيمم إذا مر بالماء وهو نائم ينتقض تيممه في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وقيل لا ينتقض عند الكل كما لو كان يقظانا فمر بموضع بقربه ماء ولم يعلم به مريض لا يضره الماء إلا أنه لا يقدر على استعمال الماء بنفسه إن لم يكن أحد هناك يعينه جاز له التيمم بالإتفاق وإن كان معه أحد يعينه على استعمال الماء إن كان المعين حرا أو امرأة جاز له التيمم في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وإن كان معه مملوك اختلف المشايخ رحمهم الله تعالى فيه على قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى قال بعضهم لا يجوز له التيمم وقيل إن كان المعين يعينه بغير بدل لا يجوز له التيمم عند الكل (ومن جنس هذا مسائل) إحداها هذه ومنها أنه إذا كان لا يقدر على التوجه إلى القبلة بنفسه وثم من يوجهه إلى القبلة ومنها إذا كان على فراش نجس لا يمكنه أن يتحول إلى مكان طاهر وثم أحد يحوله أجمعوا على أنه إذا عجز عن القيام بنفسه وثمة أحد يعينه فصلى قاعدا جاز وعلى هذا الخلاف الأعمى إذا وجد قائدا إلى الحج أو إلى الجمعة عند أبي حنيفة لا يلزمه الجمعة والحج المقعد إذا وجد من يحمله إلى صلاة الجمعة ذكر الشيخ الإمام أبو بكر محمد بن الفضل رحمه الله تعالى لا جمعة عليه عند الكل وينبغي أن لا يكون عليه الحج ولا حضور الجماعات بلا خلاف وذكر القاضي الإمام أبو علي السغدي أن الكل على الخلاف المسافر إذا لم يكن على <61>طمع من الماء فإنه يتيمم ويصلي ليكون محرزا ثواب الأداء في أول الوقت وإن كان على طمع من الماء يستحب له أن ينتظر لكن لا يفرط في التأخير حتى لا تقع الصلاة في وقت مكروه ولا يؤخر العصر إلى تغير الشمس مسافرا جنب ولم يجد ماء فتيمم وصلى ثم أحدث ثم وجد ماء يكفي للوضوء ولا يكفي للجنابة فإنه لا يتيمم مسافر أجنب فغسل رأسه ووجهه وذراعيه فلم يبق الماء فإنه يتيمم للجنابة لأنها باقية فإن تيمم وشرع في الصلاة ثم قهقه ثم وجد ماء يكفي للاغتسال فإنه يغسل به أعضاء وضوئه وما بقي من جسده لم يكن غسلها في المرة الأولى ولا يغسل فرجه فإنه لو أحدث حدثا غير ضحك ثم وجد ماء يغسل به أعضاء وضوئه وما بقي من جسده لم يكن غسلها في المرة الأولى لانتقاض التيمم في أعضاء الوضوء برؤية الماء وقد ذكرنا قبل هذا أن الضحك في الصلاة ينقض طهارة الوضوء ولا ينقض طهارة الغسل ومن الناس من أجرى اللفظ على ظاهره أنها لا تنقض طهارة الغسل والصحيح أنها تنقض ويلزمه الوضوء عن أبي يوسف رحمه الله تعالى أنه لا يلزمه غسل ما غسل من أعضاء الوضوء أيضا
(فصل فيما يجوز به التيمم) يجوز التيمم بكل ما كان من أجزاء الأرض كالتراب والرمل والجص والنورة والمغرة والسبخة والزرنيخ والمرداسيخ والإثمد والكحل والطين الأحمر والحجر الذي عليه غبار أو لم يكن بأن كان مغسولا أو أملس مدقوقا أو غير مدقوق في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وقال محمد رحمه الله تعالى إن كان الحجر مدقوقا أو عليه غبار جاز به التيمم وإلا فلا ولو تيمم بأرض قد رش عليها الماء وبقي فيها ندوة جاز ويجوز التيمم بالآجر والحصى والكيزان والجباب والحيطان من المدر ولا يجوز بالغضارة إن كان وجهها مطليا بالآنك فإن لم يكن مطليا أو تيمم بظهرها جاز ولو تيمم بالخزف إن كان عليه غبار جاز وإن لم يكن عليه غبار فإن كان متخذا من التراب الخالص ولم يجعل فيه شيء من الأدوية جاز وإن جعل فيه شيء من الأدوية ولم يكن عليه غبار لا يجوز ولو كان الرجل في طين طاهر لا يتيمم به لكن يلطخ به بعض ثيابه أو جسده ويترك حتى يجف ثم يتيمم به وقال الشيخ الكرخي رحمه الله
Shafi 29
<62>تعالى يجوز التيمم بالطين وذكر شمس الأئمة الحلواني رحمه الله تعالى أنه لا ينبغي أن يتيمم بالطين لأن فيه تلطيخ الوجه ولو فعل جاز ولو نفض ثوبه أو لبده أو سرجه فتيمم بغبار جاز ويجوز التيمم بالعقيق والزبرجد لأنهما من أجاز الأرض ولا يجوز بالآلئ لأنها خلقت من الماء ولا يجوز التيمم بالذهب والفضة والحديد والرصاص والنحاس والصفر وكل ما يذوب وينطبع ولا بالملح المائي واختلفوا في الجبلي والصحيح هو الجواز ولا يجوز بالرماد لأنه من أجزاء الشجر لا من أجزاء الأرض ولو تيمم بالثوب أو اللبد لا يجوز وإن ضرب يده عليه ولزق به تراب فتيمم به جاز وكذا ولو ضرب يده على حنظة أو شعير فلزق التراب أو الغبار بيده فتيمم بذلك جاز وإذا أحرقت الأرض بالنار إن اختلط بالرماد يعتبر به الغالب إن كانت الغلبة للتراب جاز به التيمم وإلا فلا وكذا التراب إذا خالطه ما ليس من أجزاء الأرض يعتبر به الغلبة الأرض إذا أصابتها النجاسة فيبست وذهب أثرها جازت الصلاة عليها ولا يجوز بها التيمم مسافر معه سؤر حمار وماء طاهر ولا يعرف أحدهما من الآخر قال محمد رحمه الله تعالى يتوضأ بهما ولا يتيمم المصلي بالتيمم إذا رأى سؤر الحمار فإنه يمضي إلى صلاته ولا يقطع بالشك ثم يعيد بسؤر الحمار ولو رأى نبيذ التمر فكذلك عند محمد رحمه الله تعالى وقال أبو حنيفة رحمه الله تعالى قطع صلاته ويصلي بنبيذ التمر واعتراض الردة على المتيمم لا يبطل حتى لو أسلم وصلى بذلك التيمم يجوز عندنا جنب تيمم للظهر وصلى ثم أحدث فحضرته العصر ومعه ماء يكفي للوضوء فإنه يتوضأ لأن الجنابة قد زالت بالتيمم فإذا أحدث بعد التيمم ومعه ماء يكفي للوضوء فإنه يتوضأ به فإن توضأ للعصر وصلى ثم مر بما وعلم به ولم يغتسل حتى حضرته المغرب وقد أحدث أو لم يحدث ومعه ماء قدر ما يتوضأ به لأنه لما مر بماء يكفي للاغتسال عاد جنبا فهذا جنب معه ماء لا يكفي للاغتسال فيتيمم إذا تيمم ثم شك في تيممه أنه أحدث أو لم يحدث فهو على تيممه ما لم يستيقن بالحدث كما إذا توضأ ثم شك بالحدث إذا تلا آية سجدة في العصر وليس معه ماء لا يجوز له التيمم لأنه لا يخاف فوتها يتوضأ بعد ذلك ثم يسجد إذا شهد الجنابة يوم <63>العيد مع الإمام وخاف الفوت واشتغل بالوضوء جاز له الشروع بالتيمم فإذا أحدث في صلاته جاز له البناء بالتيمم إذا كان الشروع بالوضوء في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وقال صاحباه لا يجوز البناء بالتيمم ولو أحدث في صلاة الجمعة لا يبني بالتيمم لأن الجمعة تفوت إلى خلف وهو الظهر ولا يتيمم السلطان لصلاة العيد ولا الولي لصلاة الجنازة رجل رأى التيمم إلى الرسغ أو الوتر ركعة واحدة وفعل ذلك زمانا ثم رأى الوتر ثلاثا والتيمم إلى المرفق لا يعيد ما صلى قبل لأنه كان مجتهدا فيما فعل ولو لم يكن من أهل الرأي ففعل ذلك من غير أن يسأل أحد ثم سأل فأفتي أن التيمم إلى المرفق وأن الوتر ثلاثا فإنه يعيد ما صلى لأنه ما كان مجتهدا فيه وإذا تيمم الرجل عن موضع تيمم عنه غيره جاز مسافر أحدث ومعه ثوب نجس فوجد ماء قدر ما يكفي للوضوء أو للنجاسة ولا يكفي لهما فإنه يغسل الثوب به ويصلي بالتيمم فإن توضأ بالماء وصلى في الثوب النجس جاز ويكون مسيئا فيما فعل وإذا تيمم لصلاة الجنازة وصلى جاز له أن يصلي بذلك التيمم على جنازة أخرى قبل أن يقدر على الوضوء كما لو تيمم للمكتوبة وصلى كان له أن يصلي مكتوبة أخرى رجل أتى ماء من المياه أي حيا وطلب ماء فلم يجد وصلى بالتيمم فهو على وجهين إن رأى قوما من أهله فلم يسألهم فصلى بالتيمم ثم سألهم فأخبروه بالماء لم يجز وإن سألهم فلم يخبروه أو لم ير قوما من أهله جازت صلاته مسافر نسي الماء في رحله أو في رحله ماء ولم يعلم به فتيمم فصلى جاز الصلاة في قول أبي حنيفة ومحمد رحمها الله تعالى وكذا ولو كان على شط نهر أو جنب بئر ولم يعلم به وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى في هذين الفصلين روايتان ولو صلى عريانا ومعه ثوب لا يعلم به ذكر الشيخ الكرخي رحمه الله تعالى أنه على هذا الخلاف المسافر إذا وجد ماء قدر ما يغسل به كل عضو مرة واحدة لا يجوز له التيمم إلا إذا خاف على نفسه العطش أو على دابته ولو كان متيمما فوجد ماء قدر ما يكفي كل عضو مرة واحدة فغسل بعض أعضائه ثلاثا ثلاثا فلم يبق الماء فإنه يعيد التيمم إذا أحدث الإمام في صلاة الجنازة قال الفقيه أبو بكر محمد بن الفضل رحمه الله تعالى إن استخلف متوضئا ثم تيمم وصلى خلفه أجزأه في قولهم جميعا وإن
<64>تيمم هذا الذي أحدث وأم الناس وأتم جازت صلاة الكل في قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله تعالى وعلى قول محمد وزفر رحمهما الله تعالى صلاة المتوضئين فاسدة وصلاة المتيممين جائزة وهذه المسئلة دليل على أن في صلاة الجنازة يجوز البناء والاستخلاف ويجوز فيها اقتداء المتوضئ بالمتيمم كما في غيرها من الصلاة إذا أراد أن يتيمم فضرب ضربة واحدة ثم أحدث فمسح بذلك التراب وجهه ثم ضرب ضربة أخرى لليدين إلى المرفقين جاز المصلي بالتيمم إذا قال له نصراني خذ الماء فإنه يمضي على صلاته ولا يقطع لأن كلامه قد يكون على وجه الاستهزاء فلا يقطع بالشك فإذا فرغ من الصلاة سأله إن أعطاه أعاد الصلاة وإلا فلا إذا تيمم الرجل ثم أصاب بعض بدنه نجاسة أكثر من قدر الدرهم فإنه يمسحها بخرقة أو تراب ويصلي لأن المسح يقلل النجاسة وإن كان لا يستأصلها وإن صلى ولم يمسح جاز وهذا والاستنجاء بالحجر سواء إذا طهرت المسافرة من حيضها وأيامها أقل من عشرة فتيممت إن صلت بذلك التيمم حل للزوج أن يطأها عند الكل وإن لم تصل لا ذكر لها في الأصل واختلف فيه المشايخ رحمهم الله تعالى قال بعضهم يحل للزوج وطؤها قبل الصلاة عند محمد رحمه الله تعالى ولا يحل عندهما لأن عندهما لا ينقطع حق الرجعة قبل الصلاة وعلى قول محمد رحمه الله تعالى ينقطع والأحوط أن لا يطأها المسافر إذا لم يجد الماء ووجد الثلج إن كان ذلك في مكان البرد وزمانه يجوز له التيمم لأن التوضؤ بالثلج لا يجوز إلا بشرط أن يسيل الماء على أعضائه ويتقاطر وذلك لا يتصور في زمان الشتاء فإذا عجز عن التوضؤ يباح له التيمم رجل لم يجد إلا سؤر الكلب فإنه يتيمم لأنه نجس فكان وجوده كعدمه جنب مر بمسجد فيه عين ماء لا يجد ماء غيره لا يباح له أن يدخل المسجد عندنا من غير تيمم قال الشافعي رحمه الله تعالى يباح له الاجتياز ولا يباح القعود ولو كان الرجل في المسجد فغلبه النوم واحتلم تكلم فيه قال بعضهم لا يباح له الخروج قبل التيمم وقال بعضهم يباح
Shafi 30
(فصل في المسجد) تكره المضمضة والوضوء فيه إلا أن يكون ثمة موضع اتخذ لذلك لا يصلى فيه أو توضأ في إناء وقد مر قبل هذا ولا يبزق في المسجد لا فوق البواري ولا تحت الحصير لأنا أمرنا بتعظيم المسجد وصونه <65>عن النجاسة فيأخذ النخامة بثوبه ولا يلقيها في المسجد وإن اضطر إلى ذلك كان الإلقاء فوق الحصير أهون من الإلقاء تحت الحصير لأن البواري ليست للمسجد حقيقة وما تحتها مسجد حقيقة فإن لم يكن فيه بواري يدفنها في التراب أو تحت الحصير ولا يتركها على وجه الأرض ولا يبزق على أساطين المسجد ولا على حيطانه من الداخل إلى القبلة أو غيرها ويكره مسح الرجل من طين والردغة باسطوانة المسجد أو بحائطه ولو مسح بقطعة حصير ملقاة في المسجد لا يصلى عليها فالأولى أن يفعل ذلك وإن فعل فلا بأس به وإن مسح بتراب في المسجد إن كان ذلك التراب مجموعا في ناحية غير منبسط لا بأس به وإن كان منبسطا مفروشا يكره لأنه بمنزلة أرض المسجد وإن مسح بخشبة موضوعة في المسجد لا بأس به لأن الخشبة ليست من المسجد وإن كان في المسجد عش خطاف لا بأس بأن يرمى بها تنزيها للمسجد ولا يحفر في المسجد بئر ماء لأنه لو حفر يدخل فيه النسوان والصبيان فيذهب حرمة المسجد ومهابته ولو كان البئر قديما يترك كبير زمزم وإن حفر في المسجد بئر فتلف فيه شيء إن حفر أهل المسجد أو رجل آخر بإذن أهله لا يضمن الحافر وإن حفر بغير إذن أهل المسجد يضمن المسجد ما تلف فيه سواء كان البئر يضر بالمسجد أو لا يضر كما لو حفر بئرا في ملك الغير بغير إذنه وكما لو علق رجل ليس من أهل المسجد قنديلا أو بسط حصيرا فتلف به إنسان كان ضامنا في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى ويكره غرس الشجر في المسجد لأنه يشبه البيعة ويشغل مكان الصلاة إلا أن يكون منفعة للمسجد بأن كانت الأرض نزة لا تستقر أساطينها فيغرس فيه الشجر لتقل النزة ولا بأس بأن يتخذ في المسجد بيت يوضع فيه الحصير ومتاع المسجد به جرت العادة من غير نكير ولا يجوز أن يتخذ في المسجد طريقا يمر فيه من غير عذر فإن فعل بعذر جاز ويصلي في كل يوم تحية المسجد مرة واحدة لا في كل مرة ولو تعلق بثياب المصلي شيء من بردى المسجد أو حصيره فأخرجه ولم يتعمد ذلك لا يجب عليه الإعادة لأنه يسير لا يعتبر ويكره أن يخيط في المسجد لأنه أعد للعبادة دون الاكتساب وكذا الوراق والفقيه إذا كتب
Shafi 31