وكانت ليلة مشرقة حقا، ضاحكة حقا. نبذت فيها الكلفة، وأرسلت النفوس على سجيتها، وأعد فيها كل ما يبهج ويسر، وكانت نجلاء في روعة جمالها، وحسن زينتها ولطف حديثها، شرك القلوب، وملتقى العيون. أما أبو فراس فقد استخفه الطرب، فطار مع اللذات حيث طارت، وقذف بثوب الوقار من النافذة، وكانت نجلاء تكثر من تحية قرعويه، ومن الإقبال عليه كأنه لم يكن منه ما كان، وكأن لم يخش منه ما يكون. والنساء النساء لا يلذ لهن تسميم أعدائهن إلا في كوب عسل! وقامت صبح فأتقنت الرقص، وأجادت الحركات.
وكانت دقات صنوجها فنا من الفن، وطربا من الطرب، وغنت نشوة من قول أبي فراس:
ولما ثار سيف الدين ثرنا
كما هيجت آسادا غضابا
أسنته إذا لاقى طعانا
صوارمه إذا لاقى ضرابا
دعانا والأسنة مشرعات
فكنا عند دعوته الجوابا
وكنا كالسهام إذا أصابت
مراميها فراميها أصابا
Shafi da ba'a sani ba