الدورية1
فيما كان التجمع حادثا على اختلاف أنواعه المتعاصرة كانت الحركات الدورانية جارية للقيام بمهمة التجمع؛ أي: إن التجمع كان يحدث بحركات دورانية؛ ولذلك لا نرى بدا من شرح نظام الدورية قبل استئناف الشرح لأطوار التنظيم الأخرى: الحياة، والعقل، والاجتماع - التي هي ضروب أخرى من التجمع بأساليب الحركات الدورانية، كما سيتضح جليا حين بحثنا فيها. (1) الاستدارة
ولا بد أن يكون القارئ قد لاحظ في متن كتابنا «جاذبية نيوتن» أن الحركة التي يقتضيها التجمع إنما هي ذات صفتين؛ الأولى: انتقال قدر من المادة من حيز محدود بها إلى حيز آخر. والثانية: أن هذا الانتقال لا يكون في حال من الأحوال في خط مستقيم بالمعنى الإقليدوسي - أقصر مسافة بين نقطتين، ولا يلتقي طرفاه - بل يكون في خط منحن يلتقي طرفاه في محيط دائرة، أو يكون قوسا من دائرة. فالحركة التي يحدثها تجمع وحدات المادة وتوزعها هي تنقل الوحدات من نقطة إلى نقطة مجاورة حسب قاعدة المقدار «الكونتم
Quantum » على التوالي، بحيث يتكون من النقط المتجاورة التي تتنقل عليها المادة في خط منحن، ولذلك يتراءى لمخيلتنا أن حيز مجال الجسم المتحرك من طبعه منحن. والحقيقة أن تحرك المادة الطبيعي هو الذي رسم حيزه أو خططه
2
منحنيا؛ لأن المكان
Space
من طبيعة المادة نفسها، وتحرك المادة من نقطة إلى أخرى في المكان ابتدع الزمن كما علمت في مقدمة هذا الباب، فلو انتفت المادة بتاتا لفني معها المكان والزمن جميعا.
ولا يمكن أن تكون الحركة في خط مستقيم للأسباب التالية: (1)
الانحناء؛ لأن المادة «المتحركة» ليست كتلة غير متناهية، بل هي كتلة محدودة المقدار، فلو تحركت أجزاؤها أو وحداتها في خطوط مستقيمة مختلفة الاتجاهات لتشردت في الفضاء اللامتناهي، ولما حدث شيء من تجمعاتها التي نشاهدها، ولو تحركت جميعا في اتجاه واحد بسرعات متفاوتة لحدث هذا التشرد نفسه، ولو تحركت في اتجاه واحد بسرعة واحدة لكان سكونها وتحركها سيين؛ إذ ليس ما يميز النسبة بين الحالتين. (2)
Shafi da ba'a sani ba