ولكن أرسطبس لم يلبث أن انفصل عن صاحبه أيضا في أن ابن قورينة، كان أول فيلسوف رجع عن كل ما هو خيالي وفرضي إلى البحث فيما تقوم عليه الحياة الإنسانية من الحقائق.
وكان يعتقد - كما اعتقد أستاذه سقراط - أن البحث في السعادة ونيلها بداية علم الأخلاق وغايته، ومن أجل أن يقع على حقيقتها وماهيتها المقومة لعناصرها؛ رجع إلى مناقشة الحقائق واختبارها، وأنف من أن يجعل التحديد التصوري أو الخيالي أو التعاريف لبحوثه في هذه الناحية أساسا.
يقول دراپر: «كان أرسطبس القوريني من تلاميذ سقراط، وقد أسس مدرسة قورينة الفلسفية، إحدى فروع المذهب الهيدوني، ومن الظاهر أنه لم يأبه للاهوت، وكان كأستاذه سقراط يحتقر التأمل في الطبيعة، وينزع إلى التأمل في الأخلاق.»
24
أما الأستاذ إردمان
25
فيقول: إن أرسطبس جرى على القاعدة التي جرى عليها كل الفلاسفة منذ عهد أنكساغوراس فأكب على البحث في الغاية التي من أجلها وجدت الأشياء ، وهو كأستاذه سقراط لم يعن إلا بالإنسان؛ ولذلك تراه قد وجه كل همه نحو «الغاية العليا» التي ينشدها الإنسان؛ أي «الخير» أو «السعادة.» لهذا نفر أرسطبس من كل البحوث الفلسفية التي لا تؤدي إلى «قصد» أو «غاية» وأخرجها من مجال بحثه، وقضى بأن الرياضيات والمنطق والطبيعة ليس لها من قيمة ذاتية، ولكن قيمتها إنما توزن من ناحية خضوعها للأغراض الأدبية؛ لأن الفضيلة كما قال سقراط هي: «المعرفة» وما دامت الفضيلة هي «المعرفة» فيترتب على هذا أن يكون البحث فيها هو الناحية المنطقية من الفلسفة، أما ما عدا هذا من الأشياء التي تجر العقل إلى الخطأ، فإنها تبعدنا عن الغايات العليا. (5) شروح في بعض اصطلاحات
بدأنا الآن ندخل في المفاوز التي لا بد لنا من أن نجتازها حتى نستطيع أن نشرح مذهب أرسطبس، وبدأنا نحتاج إلى استعمال بعض المصطلحات، لهذا نمضي في شرح بعض الاصطلاحات الفلسفية، توطئة للفحص عن مفصلات المذهب. (5-1) ما هي الهيدونية؟
الهيدونية
Hedonism
Shafi da ba'a sani ba