23
والذين قالوا بغلبة الدليل الخطابي على الدليل القاطع في هذه الحجة زعموا أن الاختلاف بين الإلهين الاثنين أو بين الآلهة الكثيرة غير لازم عقلا لجواز الاتفاق.
وهو زعم مردود ظاهر البطلان؛ لأن الكمال المطلق لا يكون كمالين، ولأن الأبد لا يكون أبدين، ولأن الوجودين اللذين يتفقان في البداية والنهاية وفي تقدير كل شيء وتصريف كل عمل، ولا يختلفان في وصف من الأوصاف ولا في لازمة من لوازم هذه الأوصاف، هما وجود واحد لا وجودان، وليس بينهما من فاصل الذات عن الذات ما يجعلهما ذاتين اثنتين.
أما الآلهة المتعددة فهي إن أطاعت الله ولم تخرج عن قضائه وقدره فحكمها حكم المخلوقات، وإن كانت لا تطيعه فهي تنازعه وتبتغي
إلى ذي العرش سبيلا
فلا يستقيم على ذلك أمر الوجود. •••
ومتى ثاب المسلم إلى هذه الحكمة القرآنية في أمر الإله فقد تزود من كتاب دينه بعقيدة تصحح أخطاء الديانات كما تصحح أخطاء الفلاسفة؛ إذ كانت الديانات قائمة على الإيمان، ولا أحق بالإيمان من إله أحد صمد سميع مجيب ليس كمثله شيء وهو محيط بكل شيء، وإذ كانت الفلسفة قائمة على القياس، ولا يصح القياس ما لم يثبت في مقياسه كل فارق بين وجود الأبد ووجود الزمان.
مسألة الروح
ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا .
1
Shafi da ba'a sani ba