فالشخصية الإنسانية ترتقي في الجمال الأخلاقي، كلما ارتقت في الاستعداد «للتبعة» ومحاسبة النفس على حدود الأخلاق.
وليس للتفاوت في جمال الخلق مقياس أصدق من هذا المقياس، ولا أعم منه في جميع الحالات، وفي جميع المقابلات بين الخصال المحمودة، أو بين أصحاب تلك الخصال.
وقد ألمعنا إلى ذلك في كتابنا «هتلر في الميزان»؛ حيث قلنا: إن «مقاييس التقدم كثيرة، يقع فيها الاختلاف والاختلال ... فإذا قسنا التقدم بالسعادة فقد تتاح السعادة للحقير ، ويحرمها العظيم، وإذا قسناه بالغنى؛ فقد يغنى الجاهل، ويفتقر العالم، وإذا قسناه بالعلم فقد تعلم الأمم المضمحلة الشائخة، وتجهل الأمم الوثيقة الفتية، إلا مقياسا واحدا، لا يقع فيه الاختلاف والاختلال، وهو مقياس المسئولية واحتمال التبعة؛ فإنك لا تضاهي بين رجلين، أو أمتين إلا وجدت أن الأفضل منهما هو صاحب النصيب الأوفى من المسئولية، وصاحب القدرة الراجحة على النهوض بتبعاته، والاضطلاع بحقوقه وواجباته، ولا اختلاف في هذا المقياس كلما قست به الفارق بين الطفل القاصر، والرجل الرشيد، أو بين الهمجي والمدني، أو بين المجنون والعاقل، أو بين الجاهل والعالم، أو بين العبد والسيد، أو بين العاجز والقادر، أو بين كل مفضول، وكل فاضل على اختلاف أوجه التفضيل».
والقرآن يقرر التبعة الفردية، وينوط بها كل تكليف من تكاليف الدين وكل فضيلة من فضائل الأخلاق:
ولا تكسب كل نفس إلا عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى .
1
كل نفس بما كسبت رهينة .
2
لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت .
3
Shafi da ba'a sani ba