وسمع الشبلي قوله تعالى:
منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة ،
5
فصاح صيحة عظيمة وقال: فأين الذين يريدون الله تعالى؟ وكان يقول في قوله تعالى:
كلوا واشربوا :
6 «إن كان ظاهره إنعاما فباطنه انتقام وابتلاء واختبار؛ لينظر تعالى من هو معه ومن هو من حظ نفسه.» •••
فوصف الحقائق بالمحسوسات - كما رأينا - تعبير يفهمه الخواص الذين يرتفعون بالفهم وبمطالب النفس الباقية عن طبقة الجهلاء.
ولكن هل التعبير بالمعاني المجردة والحقائق المثالية مفهوم عند هؤلاء الجهلاء؟ إننا نعلم جميعا أن أحوج الناس إلى الإيمان بالحساب - بل أحوجهم إلى وازع الدنيا كله - هم طبقة الجهلاء الذين تستغرقهم المحسوسات ولا يخلصون منها إلى تجريد المعاني والشعور بحب الحقيقة وتقديس الكمال، وهؤلاء لا يعتقدون إلا بما يحسون ويفقهون، فإما عقيدة تمتزج عندهم بشعورهم وتصورهم، وإما إباق من كل عقيدة وفكاك من كل تكليف، وبهذا تبطل كلمة العقيدة في الجماعات البشرية كل البطلان.
ولا معدى إذن من إحدى صورتين لعقائد الجماعات البشرية.
إما أسلوب يحقق الحكمة من العقيدة عند جميع الناس خاصة وعامة، ولا بد فيه من التعبير عن المعاني بالمحسوسات.
Shafi da ba'a sani ba