Falsafar Ingilishi A Cikin Shekaru Dari (Sashi Na Farko)
الفلسفة الإنجليزية في مائة عام (الجزء الأول)
Nau'ikan
Coleridge ، الذي اتصل به عن طريق قراءاته الخاصة من جهة، ومن جهة أخرى عن طريق صداقته الشخصية لأصدقاء شبان لكولريدج، مثل فردريك د. موريس
Frederick D. Maurice
وجون سترلنج
John Sterling ، صديق كارليل
Carlyle
الذي مات صغيرا، وأخيرا من كارليل ذاته، الذي بدأ في ذلك الحين يكشف عن العالم الروحي الألماني لمواطنيه. ولقد كان كارليل في نظر مل شخصية جذابة من ناحية ومنفرة من ناحية أخرى، وعلى الرغم من مقاومته لتأثيره، فإنه لم يستطع أن ينأى بنفسه تماما عن هذا التأثير، الذي لا يعزى إليه الاتجاه الذي أصبح تفكيره يتخذه في ذلك الحين فحسب، بل تعزى إليه أيضا تلك الحدود التي ظل ذلك التفكير محصورا فيها. وعلى أية حال فإن الأمر الذي كان مل على ثقة منه عندئذ، هو أنه قد انشق إلى غير رجعة على طريقة أبيه في التفكير.
كل هذا ظهر بوضوح في بحثين نشرهما مل في عامي 1838 و1840 في «مجلة وستمنستر
Westminster Review »، أولهما كان عن بنتام، والثاني عن كولردج (وقد أعيد نشرهما فيما بعد في المجلد الأول من كتابه: «أبحاث ومناقشات
Dissertations and Discussions » (1859)، ويستحق هذان البحثان اهتماما خاصا؛ إذ إن مل كان فيهما من أوائل من عرضوا التقابل الحاسم الذي انقسمت به الحياة الروحية لعصره إلى معسكرين بينهما خصومة عنيفة والشخصية التي يتجسد فيها أحد طرفي هذا التضاد، والتي ترمز له بوضوح، هي شخصية بنتام، الذي واصل تراث القرن السابع عشر، أما الشخصية التي تمثل الطرف الآخر، فهي شخصية كولردج، الذي تركزت فيه تلك القوى الروحية الجديدة التي ظهرت في القرن التاسع عشر، وعبرت عن نفسها من خلاله. ولقد أحس مل، الذي كان بحكم الأصل والبيئة والتعليم ملتزما بالانضمام إلى معسكر بنتام، ثم تأثر فيما بعد تأثرا عميقا بعالم كولردج؛ أحس بالتوتر الذي جعل من هاتين الشخصيتين، ومن القوى الديالكتيكية التي عبرت عن نفسها من خلالهما، قطبين يتنافر كل منها مع الآخر بشدة، وقد أدرك بنظره الثاقب التقابل المطلق بين أفكارهما وآرائهما في الحياة «إن كل إنجليزي اليوم هو ضمنيا إما مشايع لبنتام أو لكولردج.» وقدم لهما وصفا كان في عمومه صحيحا، فقال: إن مذهب كولردج أنتولوجي، محافظ، ديني، عيني، تاريخي، شعري، أما مذهب بنتام فتجريبي، تجديدي، غير مؤمن، مجرد، واقعي، وعملي في أساسه. ولقد نظر إلى هذا التقابل - بمعنى أوسع - على أنه يمثل التقابل بين القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، أو بين عصر التنوير والعصر الرومانتيكي، أو بين الروح الإنجليزية والروح الألمانية، وفي الوقت ذاته أحس بضرورة التوفيق بين هذين الضدين وتخفيف توتراتهما، وبنداء باطن يدعوه إلى إيجاد مركب بينهما، واثقا من أن «كل من تسنى له استيعاب مقدماتهما والجمع بين منجيهما ملك ناصية الفلسفة الإنجليزية في هذا العصر بأسرها.»
ولقد أدت الصدمة التي تلقاها من كولردج - ذلك المفكر الذي عده مل بحق ناطقا إنجليزيا بلسان المثالية الألمانية - إلى إبعاده مؤقتا على الأقل عن التقيد الحرفي بمدرسة بنتام، وقد ناقش في مقاله عن بنتام مذهب هذا الأخير، وأوضح الأخطاء والنواقص في تعاليمه، ثم تبرأ كما قال فيما بعد «على نحو قاطع من المذهب البنتامي الضيق الأفق الذي تبدى في كتاباته الأولى.» وقد رأى بوضوح أن فلسفة بنتام لم تمس إلا السطح الخارجي للأمور، وأن الأوجه الأعمق والأدق للحياة قد خفيت عليها، أما كولردج فقد ألقى الضوء على هذه الأوجه؛ ولذا فإن مل قد التمس لديه المشورة في تلك المسائل الحاسمة التي تخلى فيها - كما كان يعتقد - عن الطريقة التقليدية في التفكير ، فإذا ما تأملنا الآن تفكير مل كما يتمثل في مؤلفاته الرئيسية، التي تنتمي كلها إلى فترة تالية لهذين المقالين، كان لنا أن نتساءل عن مدى الفائدة التي عاد بها عليه تأثير كولردج، ومقدار تغير وجهة نظره نتيجة لهذا التأثير، وإن الإجابة الصحيحة عن هذا السؤال لكفيلة أيضا بأن تحدد بدقة موقع مل التاريخي.
Shafi da ba'a sani ba