215

Falsafar Ingilishi A Cikin Shekaru Dari (Sashi Na Farko)

الفلسفة الإنجليزية في مائة عام (الجزء الأول)

Nau'ikan

Solipsism )، وهي نتائج لم يتردد في إعلانها صراحة.

ومن الواضح «أن هذه المثالية الجديدة» - على خلاف القديمة - لم تكد تتأثر بالحركة الفكرية التي بدأت بكانت وبلغت قمتها عند هيجل، فهي تشابه المثالية القديمة في مهاجمتها للمادية والحتمية والتطورية وغير ذلك من صور المذهب الطبيعي في القرن التاسع عشر، غير أن هجومها كان قائما على القول بأن العلم الجديد في القرن العشرين قد هدم النظريات العلمية التي ارتكزت عليها هذه المذاهب، وكان هذا هو السبب الجديد الذي قدمه لاستبدال التطور الخلاق بالتطور الآلي، والحرية والتلقائية بالضرورة، والصيرورة بالوجود، والأفعال بالأشياء، والحياة بالمادة، والحدس بالذهن المقالي.

وهكذا ينبغي إدراج مذهب كار ضمن «فلسفات الحياة» التي يتميز بها وقتنا هذا، والتي أثبت برجسون أنه أروع وأقوى ممثل لها. وتقترب هذه الفلسفة في نواح معينة من البرجماتية، وإن لم يكن التقارب معترفا به. أما الصفات التي ادعتها لنفسها فهي أنها مثالية (على غرار ليبنتس وباركلي) في الميتافيزيقا، وإدارية في الأخلاق، ومجددة في الدين، ونسبية في العلم. وعلى الرغم من كل ما بدا عليها من وحدة، فقد تأثرت بعمق بكثرة مصادرها، التي بلغت من التنوع حدا يحول دون إيجاد أي مركب أصيل بينها. وهكذا لم يفلح كار في صهر كل ما وضعه في بوتقته؛ فكانت النتيجة - على أحسن الفروض - خليطا مركبا. وعلى الرغم مما أداه من خدمات هائلة، كانت تنطوي على إنكار للذات يصل إلى حد التضحية، في سبيل إيقاظ الاهتمام الفلسفي ونشر الثقافة الفلسفية، فمن الواجب النظر إليه على أنه مفكر تلفيقي متمكن، أكثر منه مفكرا أصيلا، غير أنه كان أكثر الشخصيات جاذبية وأحقها بالاهتمام من بين أولئك الذين خدموا الفلسفة وهم هواة.

كان مرتس - مثل بلفورت باكس - «دخيلا»، فبعد فترة قصيرة من التدريس الأكاديمي، دخل عالم الصناعة، غير أنه ظل في ميدانه الجديد مخلصا للموضوع الرئيسي لاهتمامه العلمي، فكان يقضي في دراسة الفلسفة أوقات الفراغ البسيطة التي سمحت له بها مسئولياته الضخمة في أعماله الاقتصادية. ولقد ذكر هو ذاته أن مؤلفه الرئيسي، تاريخ الفكر الأوروبي، الذي يقع في أكثر من 2500 صفحة، قد كتب معظمه في ساعات الصباح الباكر، ما بين الساعة الخامسة والثامنة، قبل أن يبدأ العمل في أعبائه الثقيلة، ولكنه لم ينج من المصير المألوف لأي مفكر دخيل؛ فلم يلق من الفلاسفة المحترفين ما يستحقه من الاعتراف، بل إنهم لم ينتبهوا إليه إلا قليلا، أو لم ينتبهوا إليه على الإطلاق.

ولقد أثبت مرتس في هذا الكتاب أنه مؤرخ ومشيد لمذهب في آن واحد، فهو قد أثبت مقدرته من حيث هو مؤرخ؛ إذ إن الكتاب إنتاج تظهر فيه المثابرة وسعة الاطلاع التيوتونية بكل وضوح، ويجمع على نحو موفق بين دقة البحث وبين سعة الأفق والتبصر التاريخي العميق، فهو عمل من الطراز الأول. وكانت المهمة التي أخذها مرتس على عاتقه هي عرض الحياة الروحية للقرن التاسع عشر، بكل مظاهرها المتعددة، في صورة واحدة جامعة. وعلى الرغم من أنه لم يستطع أن ينجز مجلدين كان يعتزم إصدارهما عن الأفكار الشعرية والدينية في ذلك القرن، فإن المجلدات الأربعة المنشورة تكون عملا قويا لم يكتمل، ودليلا بليغا على مقدرة مؤلفها الفريدة ونشاطه الذي لا يكل.

كذلك وضع مرتس لنفسه، في ميدان الفلسفة، خططا طموحة، مستهدفا تشييد مذهب قائم على أسس واسعة، وهنا أيضا لم يستطع إنجاز خططه وإكمالها، غير أن من الممكن بسهولة إدراك الاتجاه الذي كان يسير فيه تفكيره، من خلال تلك الأسس التي وضعها بالفعل لمذهبه، فقد كان التأثير الحاسم على تفكيره هو تأثير الفلاسفة الألمان، وهو لم يتأثر بكانت وهيجل بقدر ما تأثر بليبنتس وشيلر ماخر ولوتسه، وأهمهم هذا الأخير، الذي اتصل به شخصيا خلال الفترة القصيرة التي درس فيها في جوتنجن. وبعد عودته إلى إنجلترا تأثر أيضا بالاتجاهات الفكرية الإنجليزية المميزة، ولا سيما تلك التي ارتبطت بباركلي وهيوم، والنوع الجديد من علم النفس الاستبطاني الذي استحدثه وورد وجيمس، أما الحركة المثالية الجديدة في إنجلترا فلم تكد تؤثر فيه على الإطلاق.

ولقد كان جهده الأساسي، الذي عبرت عنه كتاباته التاريخية والفلسفية على السواء منصرفا إلى بلوغ ما أسماه بالنظرة «الجامعة

Synoptic » إلى الواقع، بحيث ينظر إلى أي كل، لا في كثرة أجزائه وعلاقاته فحسب، بل في كليته أيضا؛ فتلك في نظره هي المهمة المميزة للفلسفة، التي ترتد لهذا السبب آخر الأمر إلى نوع من الرؤية الفنية، على الرغم من كل ما في تفاصيلها من دقة وما في براهينها من إحكام. ومن هنا كان حرصه على التوفيق بين العلم والدين، اللذين كان انفصالهما وتنافرهما في رأيه خطرا يهدد وحدة حياتنا الروحية. ولقد طبق على هذه المشكلة العامة منهجه الجامع، كما طبقه على عدد من المشكلات الخاصة، كمشكلة العلاقة بين العالم الباطن والعالم الخارجي، وبين الذات والموضوع، وبين الواقع والقيمة، وحاول، مستلهما روح لوتسه، أن يزيل الشقاق القديم بين حاجات القلب ونتائج البحث العلمي، ولم يكن يحتقر العلم - فقد كان له هو ذاته إلمام واسع بالفيزياء والكيمياء - ولكنه رأى أن كل بحث علمي لا يتعلق بالتجربة أو الواقع من حيث هو كل، وإنما بوجه محدود جدا له، متبعا في سيره مناهج الانتقاء والتجريد والتحليل والتصنيف. ولا ينتقل إلى مرحلة الإدراك التركيبي إلا في مرحلة متأخرة، وفضلا عن ذلك فالعلم لا يدرس إلا الوقائع لا القيم. أما وجهة النظر الدينية فهي - على العكس من ذلك - تدرك التجربة من حيث هي كل، وتؤكد الارتباطات الإيجابية الهامة في داخلها، وتتجاوز الوقائع إلى القيم، وتركز اهتمامها على الطابع الشخصي للعالم الخاص الذي تكونه القيم، في مقابل العالم اللاشخصي للعلم، والمنهج المتبع في حالة الدين جامع موجه صراحة إلى كشف لغز الشخصية، الإنسانية منها والإلهية، وهي المشكلة التي يعجز العلم الطبيعي عن حلها، وفي هذا التأكيد لمشكلة الشخصية يقترب مرتس من لوتسه.

ولقد أدى تطبيق مرتس لهذه النظرة الجامعة على مشكلات علم النفس ونظرية المعرفة إلى وقوفه موقف المعارضة الشديدة من هيوم، الذي كان يحمل له مع ذلك احتراما شديدا ويدين له بالكثير. فقد أوضح أن هيوم، عندما حل الوعي إلى حزمة من الانطباعات تتصور على مثال الذرات المادية، قد أغفل حقيقة واضحة هي أن الوعي سابق على تحليله، وينبغي أولا أن يوجد لكي يمكن القيام بأي تحليل له. وهكذا كان مرتس متفقا تماما مع علم النفس الجديد عند وورد في استعاضته عن الفكرة القديمة القائلة بمجموعة متراكمة من المعطيات المنفصلة المفككة، بفكرة المجرى المتصل للوعي، وفي إدخاله للمعطيات الانفعالية والإرادية داخل هذا المجرى المتصل إلى جانب الإحساسات. وقد أدى به التفكير في وحدة الوعي إلى القول بأن التنوعات والتميزات التي تجلبها التجربة - والتجربة وحدها - تفترض كلها نوعا من الوعي «الأولي

primordial »، الذي يتصف هو ذاته بعدم التنوع وعدم الانقطاع، والذي يتخلص بالتالي من أنواع الانفصال، كذلك الذي يوجد بين الذات والموضوع، أو بين الذهن والجسم. وواضح أن هذا الرأي يشبه إلى حد بعيد فكرة برادلي في التجربة التي لا تعرف توسطا، والتي تتألف من إحساس محض. وليس من المؤكد إن كان مرتس قد استمدها من برادلي أو توصل إليها مستقلا، غير أن الواضح أن هذه الفكرة يمكن أن تندرج - بطريقة طبيعية عضوية - في مذهب كذلك الذي يتطلبه مثله الأعلى في النظرة الجامعة إلى الأمور.

Shafi da ba'a sani ba