Falsafar Ingilishi A Cikin Shekaru Dari (Sashi Na Farko)
الفلسفة الإنجليزية في مائة عام (الجزء الأول)
Nau'ikan
وهكذا فإن المرحلة الأولى في مذهب تيلور الأخلاقي تنتهي إلى نزعة نفسية ونسبية وشكاكة، فليس فيها نتائج إيجابية.
غير أن هذا الوصف وحده غير كاف؛ إذ إن دلالة هذه المرحلة السلبية هي أن الفكر الأخلاقي قد ألقي به في دوامة ديالكتيكية يضطر فيها إلى الابتعاد عن جميع الارتباطات التوكيدية لكي يعود إلى الحياة العينية ذاتها، ويعترف بتنوعها ومرونتها وتنافرها. والواقع أن تيلور قد فاق جميع المفكرين الآخرين في إظهار المرونة الكامنة في الحياة الأخلاقية، والنقائض والممتنعات التي تنشأ عن دراستها، ففي بوتقة تيلور الديالكتيكية يذوب كل شيء. ولقد كان فكره أكثر مرونة وليونة من أن يستقر على موقف واحد، وإنما هو ينتقل بلا انقطاع إزاء الكثرة الزاخرة من المظاهر المرتبطة بموضوعه من قضية إلى نقيضها دون أن يرضى بأيهما. وإذن فنزعة الشك التي تنساب في جميع أرجاء هذا الكتاب المبكر النابض بالحياة، الذي وضع بعد تفكير عميق، ليست شكا هداما فحسب، وإنما هي زاخرة بالأفكار القيمة التي لا تنتظر إلا عملية التشكيل.
فإذا كانت الحياة الأخلاقية حلا وسطا ووهما باطلا، وإذا كان جزء من ماهيتها يتألف من قدر معين من الخداع أو النفاق (
Cant ) - والكلمة ترجع إلى تيلور ذاته - فإن لنا أن نتساءل عما إذا كان يجوز لنا أن نعدها صورة نهائية للتجربة البشرية. ويحاول تيلور أن يجيب عن هذا السؤال الأخير في الفصل الأخير من كتابه، وعنوانه: «وراء الخير والشر»، وهو فصل يتضمن تلميحا للاتجاه الذي ستتحرك فيه أفكاره الأخلاقية فيما بعد. وعلى الرغم مما يوحي به هذا العنوان، فإن الإجابة ليست تلك التي قدمها نيتشه، صحيح أن تيلور كان أول مفكر إنجليزي افتتن بعمق بتفكير نيتشه، ولكنا لا نستطيع أن نتحول عن موضوعنا لنبحث في النواحي التي تأثر فيها به، فهو في هذا الفصل يرى أن مآل الأخلاق إلى الدين. ففي السلوك الأخلاقي البحت ننظر إلى التمييز بين الخير والشر، والصواب والخطأ، والرفيع والمنحط، على أنه تمييز نهائي، غير أن هذه الأضداد الخشنة لا تكفي على الإطلاق للتعبير عن بعض التمييزات الأدق التي توجد تحت السطح الظاهر، والتي تتغلغل في قلب الأشياء. وفضلا عن ذلك فالمشكلة لا تنحصر فقط في أن الأخلاقي الأعلى لم يبلغ بعد، وإنما في أن بلوغه مستحيل؛ إذ إن كل ما يبدو تحققا له يتضح فيما بعد أنه وهم باطل؛ لذلك كان من الضروري تجاوز التجربة الأخلاقية على مستوى يعلو على أضدادها المعرفة. وهذا المستوى لا يوجد إلا في التجربة الدينية، فهذه التجربة هي التعبير الأعلى والنهائي عن مسعانا العملي، وليس المثل الأعلى فيها شيئا مفارقا لا يبلغ، أو حقيقة دائمة متجاوزة لهذا العالم، وإنما هو شيء حقيقي ومتحقق بالفعل لا بالمعنى المألوف، وإنما بأكمل وأيقن معنى، أي معنى كونه هو الحقيقة العليا، والحقيقة الوحيدة التي يصدق عليها هذا الاسم. فالموقف الأخلاقي المتطرف للدين يتخذ صورة تعاطف شامل وتراحم مقصود هو حقا مبني، في كثير من الأحيان، على الخير الأخلاقي، غير أنه لا يتقيد به بالضرورة.
أما المرحلة المتأخرة من أبحاث تيلور الأخلاقية، وهي المرحلة التي لا يتسع المقام هنا لمعالجتها على أي نحو كامل، فيمثلها كتاب كان أشمل حتى من الكتاب السابق، ولكنه أقل منه تركيزا، وهو كتاب ينبئنا عنوانه منذ البداية - وهو «إيمان مفكر أخلاقي» - بأن الكاتب قد اهتدى إلى أرض صلبة، هذا الكتاب - الذي يفصله عن كتابه الأخلاقي الأول جيل كامل - يكشف عن تقدمه المستمر خلال هذه الفترة نحو ميادين جديدة من الموضوعات ومجموعات جديدة من المشكلات، وكان الميدان الرئيسي الذي أضافه إلى عتاده الذهني هو اللاهوت، وذلك بفضل دراسته الموسعة لتفكير العصور الوسطى. كما أضاف إلى تمكنه السابق من الفلسفة الكلاسيكية القديمة، معرفة أوثق بالفلسفة القديمة في العصر التالي للعصر الكلاسيكي، ولا سيما فلسفة الأفلاطونية المحدثة. أما بين المحدثين فقد ازداد اقترابا من جاليليو وديكارت وهبز وليبنتس وريد، وأجرى اتصالات مثمرة مع مفكرين معاصرين له من أمثال ألكسندر وفاريسكو
Varisco
115
وورد ورويس وبرجسون وهويتهد. كما أصبح مدينا في بعض النواحي الهامة لكتاب فون هوجل ووب في فلسفة الدين، ولكتاب أ. ر. بيفان
E. R. Bevan ، «الهلينية والمسيحية
Hellenism & Christianity ».
Shafi da ba'a sani ba