Falsafar Nau'o'i da Matsaloli
الفلسفة أنواعها ومشكلاتها
Nau'ikan
Naturalistic
إلى العالم، بل إن هذه النظرية هي الأثيرة لدى القائل بالمذهب الطبيعي، ما دامت تذهب إلى أنها تقدم تفسيرا طبيعيا بحتا لتلك المشكلة التي يعدها أصحاب المذاهب الآلية والمادية والطبيعية مشكلة حساسة بحق - وأعني بها: كيف دخل الذهن إلى المجال الكوني؟ وهناك نتيجة ثانية، لنظرية الانبثاق، هي أنها توحي بميل إلى نظرية «الظاهرة الثانوية»، وقد يصبح هذا الميل من آن لآخر أكثر من مجرد الإيحاء. فكثير من أنصار هذه النظرية يعترفون بأنه إذا كان الذهن قد ظهر متأخرا في التاريخ التطوري، ولم يكن ظهوره إلا نتيجة لازدياد التعقد والتخصص الوظيفي في الجهاز العصبي، فإن من الواضح نتيجة لذلك أن أهميته السببية ليست كبيرة جدا . ومثل هذا الاعتراف يعود بنا مرة أخرى إلى نظرية «الظاهرة الثانوية»، ويظل علينا أن نواجه الاعتراضات التي أثيرت في وجه هذه النظرية. ومع ذلك فإن أولئك المفكرين الذين يؤيدون نظرية الانبثاق يكونون عادة ميالين إلى نوع من مذهب التأثير المتبادل. فمهما يكن من اعتماد الذهن في وجوده على مستوى جديد من التكامل العصبي، فسيظل من الممكن أن ينظر إليه على أنه يؤثر في الجسم؛ ذلك لأن اعتماد أصله على غيره ليس دليلا على عجزه من ناحية السببية. ومن جهة أخرى فهناك أنصار لنظرية الانبثاق يفضلون الفرض المادي، ويذهبون إلى أن نتيجة النمو التطوري للجهاز العصبي لا يمكن، على أحسن الفروض، أن تكون إلا مجموعة جديدة من ردود الأفعال والوظائف الجسمية الأخرى.
وهكذا يتضح لنا أن نظرية الانبثاق ليست وجهة نظر في طبيعة الذهن بقدر ما هي تفسير لأصله. وعلى هذا الأساس، فمن الممكن أن ينطبق عليها الوصف الذي قيل عن فلسفة حديثة مشهورة؛ فهي أشبه بممر تطل على جانبيه أبواب متعددة؛ إذ إن في استطاعة الأفراد الذين ينتمون إلى مدارس فرعية متباينة داخل إطار المذهب الطبيعي أن ينتقلوا إلى حجراتهم الخاصة، عبر هذا الممر الواحد. ومع ذلك فهناك شيء ينبغي أن نكون على يقين منه، فليس من المحتمل أن نجد مثاليا واحدا يتجول خلال ممر الانبثاق هذا. ذلك لأنه، وإن يكن من الممكن منطقيا أن نقول بأن أذهاننا البشرية الفردية؛ أعني الذهن المتناهي دون أي تفخيم - قد انبثقت بالطريقة التي وصفناها الآن، فإن المثالي يضطر إلى القول بأن الانبثاق لم يكن إلا الوسيلة التي تدخل بها «الذهن» الكوني الشامل في العالم الجسمي. ذلك لأن المثالية لا تستطيع أن تؤمن بأن هذا الظهور المتأخر للذهن في العملة التطورية هو أول ظهور «للذهن» الشامل في الكون. وحتى لو أثبت البحث البيولوجي يوما ما إن فرض الانبثاق قد أصبح بمنأى عن الشك، فإن المثالي يستطيع مع ذلك أن يظل يعتقد (ويكاد يكون من المؤكد أنه سيظل يعتقد) بأن الانبثاق لم يكن إلا الأداة أو الاستراتيجية التي حقق بها «الذهن» الشامل ذاته في العالم العضوي. فهو سيقول، تمشيا مع نظرته العامة إلى العالم ، إن الانبثاق ليس إلا مفهوما منهجيا، وليس مفهوما كونيا (كسمولوجيا)، فقد يكون في استطاعة النظرية أن تنبئنا بالطريقة التي ظهر بها الذهن، ولكنها لا يمكن أن تنبئنا بسبب حدوث ذلك ولا بالعلاقة بين الذهن وبين الواقع.
تلخيص : قد يكون من المستحسن أن نتريث ونلقي نظرة إلى الوراء على الأرض التي استكشفناها في هذا الفصل؛ إذ إن من المعترف به أن مشكلات الذهن من أصعب المشكلات في الفلسفة.
فقد بدأنا بإيضاح الخلط الشائع بين «المخ» و«الذهن»، وبينا أن الأول جزء من العالم المادي وله كل الخصائص التي يتصف بها أي موضوع مادي، على أن الذهن يبدو محتاجا إلى مقومات خاصة تنطبق عليه وحده، وبعد ذلك عرضنا الرأي التقليدي أو الجوهري في الذهن، وهو الرأي الذي يعد جوهرا روحيا فريدا له وجود مستقل ولا يتوقف وجوده بأية حال على علاقاته (بالجسم أو بالعالم الخارجي). وقد لاحظنا كيف أن هذه النظرة إلى الذهن تؤدي بسهولة إلى الثنائية أو المثالية، فضلا عن الاعتقاد بأولوية العالم الروحي وخلود النفس.
ثم أشرنا بعد ذلك إلى نقد هيوم لهذه النظرية الجوهرية، وهو نقد مبني على نظرة تجريبية خالصة إلى المشكلة، ولا يجد أساسا تجريبيا للاعتقاد بوجود جوهر روحي مستقل. وجاء بعد ذلك رد فعل كانت على هجوم هيوم الثوري هذا على الرأي التقليدي، ولاحظنا كيف صاغ المفكر الألماني العظيم مذهبا وسطا يترك مجالا كاملا للعنصر الذهني القبلي أو الأولي
A Priori
وللعنصر الذهني المستمد من الحواس.
وقد حللنا بعد ذلك الرأي المادي، الذي يناقض تماما النظرة إلى الذهن على أنه روحي. وفي هذا الصدد أكدنا بوجه خاص النقص الواضح للموقف، المتطرف لدى الماديين الأوائل، على الأقل، وهم المفكرون الذين اتهمهم الكثيرون «بمغالطة الرد»؛ أعني إرجاع الذهن إلى «مجرد» مادة ولكن بشكل آخر. ومن ذلك انتقلنا إلى وجهة نظر إلى الذهن، محببة جدا إلى قلوب علماء النفس، تؤكد التعريف الإجرائي
Operational
Shafi da ba'a sani ba