وقالوا: طوبى لك.
وفي البيت وجه، وهو أن يُجعل من في قوله من فواقعها زائدة على مذهب أبي في الحسن، زيادة من في الواجب، فإنه يذهب إلى ذلك١.
ويحتج بقوله تعالى: "فيها من برد" أي فيها برد، وعلى هذا يكون فعلى من البيت مضافة، وقد وقع الاتفاق على جوازه.
_________
١ أبو الحسن الأخفش، يرى هو والكسائي وهشام زيادة "من" بلا شرط مستدلين بقوله تعالى: "ويغفر لكم من ذنوبكم" لأن "من" في حيز الإيجاب وهي زائدة داخلة على المعرفة، قالوا: ولو لم نقل بزيادتها في الآية لزم التناقض بينها وبين قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا﴾، وأجيب بأن قوله تعالى: ﴿يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ﴾ خطاب لقوم نوح، وقوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا﴾ خطاب لأمة محمد ﵊. على أنه لو كان الخطاب لأمة واحدة لم يلزم التناقض بين الآيتين؛ لأن غفران بعض الذنوب، لا يناقض غفران كلها، بل عدم غفران بعضها يناقض غفران كلها.
والصحيح أن "من" في الآية تبعيضية، أي يغفر لكم شيئا من ذنوبكم كما قال سيبويه، والجمهور يشترط لزيادة "من" ثلاثة شروط:
أحدها: أن تكون مسبوقة بنفي نحو ﴿مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلا نَذِيرٍ﴾ أو نهي بلا نحو ﴿وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ﴾ أو استفهام بهل خاصة.
مثل قوله تعالى: ﴿هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ﴾ وبعضهم ألحق الهمزة بهل في هذا الباب.
الثاني: أن يكون مجرورها نكرة كما تقدم.
الثالث: أن يكون مجرورها المنكر فاعلا أو مبتدأ أو اسما لكان أو مفعولا به.
وبعض الكوفيين أجازوا زيادتها بشرط تنكير مجرورها فقط.
ونقل السعد عن القوم أن "من" لا تزاد في الإثبات إلا في تمييز كم الخبرية إذا فصل منها بفعل متعد كقوله تعالى: ﴿كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ﴾ .
4 / 44