182

Falak Dair

الفلك الدائر على المثل السائر (مطبوع بآخر الجزء الرابع من المثل السائر)

Editsa

أحمد الحوفي، بدوي طبانة

Mai Buga Littafi

دار نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع

Inda aka buga

الفجالة - القاهرة

والثاني أن فحوى الكلام: رحمتنا قد دخل فيها قوم، كما يقوم دارنا قد دخلها قوم، والدخول حركة مخصوصة، وكل حركة فهي مرئية بالبصر، فقد أخبر عما لا يدرك بالبصر، وأحد هذين الاعتبارين مغاير للآخر، ألا ترى أن قولهم "فلان قد عضه الدهر" فحواه أمر يدرك بالبصر وهو العض فلأجل تغاير هذين الاعتبارين جعلهما أبو الفتح ﵀ قسمين.
٦٣- قال المصنف: على أن التوكيد ها هنا لا أعلم ما أراد به، لأنه لا يؤتى به في اللغة العربية إلا لمعنيين: أحدهما أنه يرد بألفاظ محصورة، نحو نفسه وعينه وكله وغير ذلك مما هو مذكور في كتب النحاة، والآخر أنه يرد على وجه التكرير، كقولك قام زيد قام، زيد فكرر اللفظ تحقيقا وتوكيدا للمعنى المقصود، وأبو الفتح لم يرد أحد هذين القسمين، فلا يكون له معنى إلا أن يريد إبراز المعنى الموهوم إلى صورة المشاهدة، وقد عبر عنه بالتوكيد، فيكون ذلك هو التشبيه بعينه، فلا حاجة إلى إيراده بالذكر١.
أقول: ما أراد أبو الفتح ﵀ شيئا مما توهمه هذا الرجل، وقد اعترف بأنه لمي فهم مراده مع ظهوره. وذلك أن أحد الأغراض الصحيحة في نقل العبارة عن موضعها الأصلي إلى غيره تأكيد المعنى على وجه يفعل في نفس السامع مالا تفعله الحقيقة، كقوله تعالى: ﴿سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلَانِ﴾ ٢

١ المثل السائر: ٢/ ٨٦ بتلخيص.
٢ سورة الرحمن ٣١ الثقلان: الإنس والجن.

4 / 196