ب- وكان ابن الأثير قد نبه الكُتَّاب على أن يعلموا فيما يعلمون ما يتصل بالنحو والصرف واللغة وقال: "وأما الإدغام فلا حاجة إليه لكاتب، لكن الشاعر ربما احتاج إليه؛ لأنه قد يضطر في بعض الأحوال إلى إدغام حرف، وإلى فك إدغام من أجل إقامة الميزان الشعري". ثم قال بعد ذلك: "وإنما قصدنا أن يكون الكتاب الذي يكتب في هذا المعنى مشتملا على الترغيب والترهيب والمسامحة في موضع والمحاققة في موضع".
وتلقف ابن أبي الحديد كلمة "المحاققة" فعلق عليها بقوله: قد ظهرت فائدة علم الإدغام في باب الكتابة، فإن الكاتب أراد أن يوازن لفظة المسامحة بلفظة المحاققة، وسها عن أن المحاققة بفك الإدغام غير جائزة.
جـ- قال ابن الأثير: "وقد مدح أبو الطيب كافورا بقوله:
فما لك تغني بالأسنة والقنا ... وجدك طعان بغير سنان؟
وما لك تختار القسي وإنما ... عن السعد يرمي دونك الملوان؟
وهذا يحتمل المدح والذم، بل هو بالذم أشبه؛ لأنه يقول إنك لم تبلغ ما بلغته بسعيك واهتمامك، بل بجد وسعادة، وهذا لا فضل فيه؛ لأن السعادة ينالها الخامل والجاهل ومن لا يستحقها. وأكثر ما كان المتنبي يستعمل هذا الفن في القصائد الكافوريات.
وعلق ابن أبي الحديد على هذا تعليقا يدل على ذوقه الصائب، واطلاعه الواسع، وتحرره مما تناقله الناس، فقال: إن الناس واقع لهم واقع ظريف مع المتنبي في هذا الباب، وكان أصله الشيخ أبو الفتح عثمان بن جني ﵀.
4 / 24