237

Encyclopedia of Groups Attributed to Islam - Al-Dorar Al-Sunniya

موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام - الدرر السنية

Mai Buga Littafi

موقع الدرر السنية على الإنترنت dorar.net

Nau'ikan

٥ـ يثبت صفة الكلام على مذهب الأشاعرة، ويشرح بعض الأمور المتعلقة به، فيقول: "فأما كلام الله الذي هو صفة من صفات ذاته، غير بائن منه: فكلام واحد، شيء واحد، يفهم منه ويسمع مالا يحصى ولا يعد من الفوائد والمعاني، ونظير ذلك ما نقول: إن علمه واحد، ولكنه يحيط بمعلومات لا تتناهى، والذي تقع عليه الكثرة والقلة من المعلومات دون العلم ... "، وما نسمعه من كلام الله هو عبارة عنه، وكلام الله ليس بحرف ولا صوت، يقول: "اعلم أن كلام الله تعالى ليس بحرف ولا صوت عندنا، وإنما العبارات عنه تارة تكون بالصوت والعبارات هي الدالة عليه، وأمارات له تظهر للخلق، ويسمعون عنها كلام الله فيفهمون المراد، فيكون ما سمع موسى ﵇ من الأصوات مما سمع يسمى كلام الله ﷿، ويكون ذلك في نفسه غير الكلام، ويحتمل أن يكون معناه: أن يسمي العبارة كلام الله، كما يسمي الدلالة على الشيء باسمه، وكما يسمي الواقع عن القدرة قدرة، والكائن عن الرحمة رحمة"، ويقول في موضع آخر "وقد بينا فيما قبل أن معنى ذلك راجع إلى العبارات والدلالات، التي هي الطريق إلى الكلام وبها يفهم مراده منه، لا أنه تعالى قوله إذا تكلم الله بالوحي، أنه يتجدد له كلام، ولكنه يتجدد إسماع وإفهام بخلق عبارات ونصب دلالات، بها يفهم الكلام، ثم يقال على طريق السعة والمجاز لهذه العبارات كلام من حيث أنها دلالات عليه ... واعلم أنه لا يصح على أصلنا في قولنا: إن كلام الله غير مخلوق ولا حادث بوجه أن يقول: إن الله يتكلم كلامًا بعد كلام، لأن ذلك يوجب حدوث الكلام، وإنما يتجدد الإسماع والإفهام، ونصب العبارات وإقامة الدلالات على الكلام الذي لم يزل موجودًا وحدوث الدلالة والعبارة لا يقتضي حدوث المدلول المعبر عنه، كما أن حدوث الذكر والدعاء لا يقتضي حدوث المذكور والمدعو".
هذه بعض المسائل التي اتفق فيها الباقلاني وابن فورك، على أن ابن فورك تميز عن الباقلاني بما يلي:
١ـ الاستدلال بالسنة في دقائق مسائل الأسماء والصفات، مع أن له رأيًا في أخبار الآحاد وأنها لا تفيد اليقين والعلم، لكنه يرى جواز ذكرها لإفادتها غلبة الظن، فهي من باب الجائز الممكن، يقول: "وأما ما كان من نوع الآحاد مما صحت الحجة به من طريق وثاقة النقلة، وعدالة الرواة، واتصال نقلهم، فإن ذلك - وإن لم يوجب العلم والقطع - فإنه يقتضي غالب ظن وتجويز حكم، حتى يصح أن يحكم أنه من باب الجائز الممكن، دون المستحيل الممتنع، والسبيل الأمثل فيها تخريجها وتأويلها، وليس إنكارها كما فعلت المعتزلة، ولا اعتقاد التشبيه بها كما فعلت المشبهة".
والمطلع على كتاب ابن فورك في مشكل الحديث يلحظ أمرين عجيبين:
أحدهما: البحث عن أوجه التأويل لكل حديث، والتكلف في ذلك، وهو يعتقد أن هذه مهمة طائفة من أهل الحديث، فقد قسمهم إلى فرقتين: فرقة هم أهل النقلة والرواية، وحصر أسانيدها، وتمييز صحيحها من سقيمها، وفرقة منهم يغلب عليهم تحقيق طرق النظر والمقاييس، والإبانة عن ترتيب الفروع على الأصول ونفي شبه الملبسين عنها، فالفرقة الأولى للدين كالخزنة للملك والفرقة الأخرى كالحرس الذين يذبون عن خزائن الملك، وواضح أن ابن فورك في كتابه جعل مهمته هدف الفرقة الثانية، ولذلك ذكر فيه ما يراه من مشكل الحديث.

1 / 236