Dutsen Da Aka Tsara
الدر المنظوم الحاوي لأنواع العلوم
Nau'ikan
الفصل الثاني اعلم أن شروط الإمامة معروفة غير منكورة، ظاهرة لأهل التمييز مشهورة، ولكن الفضل فيها للعدالة المتحققة، وهذا الشرط هو عمدة الشروط، وعنه يتفرع عدة منها، وبه يستدل على جمعها وتحصيلها، أما كون بعض الشروط تتفرع عنه فلأن العدل لا بد أن يكون ورعا عن محارم الله تعالى، مقيما مؤديا لفرائض الله، وأن يكون سخيا لا يبخل، فإن الشح والبخل من أعظم القوادح في الدين، فقد تكرر في الكتاب المبين قصر الفلاح على من وقى من هذا الخلق الذي يشين قال تعالى: ?ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون? [الحشر:9]، وكيف يكون عدلا من يبخل بالحقوق عن أهلها، ويمنعها من مستحقها، وأن يكون شجاعا، فإنه يتفرع على العدالة مجانبة الجبن كالفرار من الزحف، فإنه فسق لا يرتكبه من له ديانة وتورع عن محارم الله تعالى، وقد ذكر في (البحر) ما يفي بهذا، فإنه لما ذكر شروط العدالة قال: وهو ينطوي على الورع والشجاعة والسخاء، وأما كونه يستدل بثبوت هذا الشرط وحصوله على جمع سائر الشرائط المعتبرة وتحصيلها، فلأن من علمت عدالته، وثبتت ديانته لا يقدم على هذا الأمر الجليل من غير تكميل لشرائطه وتحصيل، إذ لو قدرنا ذلك منه لكان غير عدل والمفروض خلافه، فإن ادعاء الإمامة من غير جمع لشروطها، والإقدام على إتلاف الأموال والأرواح بغير أهلية لذلك ولا صلاح، شاهد بالجرأة على الله والتعدي لحدود الله تعالى، وهذا نظر محرر وبيان لا ينكر، وهذا الشرط لم يخالف في اعتباره أحد من الفرقة الناجية الزيدية وسائر فرق العدلية، بل روي الإجماع التام على اعتباره قال في (البحر):الثالث (يعني من شروط الإمامة): العدالة، لإجماع السلف، واستشهد على أنه لا يعتبر غير العدل بقول بعضهم:
Shafi 389