Dutsen Da Aka Tsara
الدر المنظوم الحاوي لأنواع العلوم
Nau'ikan
أحدهما: هذا الذي أورده مولانا حفظه الله تعالى، وهو لعمري اعتراض قوي، وكيف يصح دعوى إجماع الأمة في إقامة الحدود أو في غيرها من سائر الأحكام المذكورة، مع أن أبا حنيفة يجيز للأمراء إقامة الحدود وإن لم يكن ثم إمام، فجعل أمرها إلى أهل الشوكة، والحشوية وكل من خالف في وجوب الإمام لا يجعلون الإمام شرطا في إقامة هذه الأمور، والجمعة فيها الخلاف الظاهر، أعني في كون الإمام شرطا فيها، وكذلك الفيء والصدقات، فكيف يمكن دعوى إجماع الأمة مع هذا الخلاف؟!
فإن أدعى إجماع الصحابة فهو بعيد أيضا، لأن أبا حنيفة والشافعي رحمهما الله تعالى أقرب عهدا بالصحابة، وأعرف بمواقع إجماعهم، فلو عرفوا إجماعهم على أنها تختص الإمام ولا تجوز من غيره لم يصححوها من دونه.
الاعتراض الثاني: ما حكاه مولانا عن الفقيه يحيى بن حسن القرشي رحمه الله تعالى حيث قال: ما آمنكم أن يكون الأمر بإقامة الحدود مشروطا بحصول الإمام ووجدانه، وهذا الاعتراض أورده الشيخ أبو عبدالله البصري(1) وجعله قادحا على هذه الدلالة وضعفها لأجله.
وجوابه ما أشار إليه مولانا أبقاه الله تعالى من أن الأمر ورد بإقامة الحدود مطلقا، وما ورد مطلقا لزم تحصيل شرطه، ولم يتوقف وجوبه على حصول شرطه وذلك واضح.
ثم قال مولانا حاكيا عن القرشي: وأورد اعتراضا آخر، وهو أنه لو كان نصب الإمام واجبا على الأمة لما أجمعوا على ترك هذا الواجب، ولا كلام في خلو بعض الأزمنة عن الإمام، وإن وقع الشك في جواز الخلو عمن يصلح للإمامة.
قال: وهذا قوي كما ترى.
Shafi 267