Duroos of Sheikh Muhammad Isma'il Al-Muqaddim
دروس الشيخ محمد إسماعيل المقدم
Nau'ikan
فقه الحج والعبادات وآداب الرفقة
من هذه الآداب: أن يتعلم فقه الحج، وعلى الأقل يتعلم ما يصح به حجه، وما يفسد الحج، وكيف يتجنبه وهكذا، فيجب أن يتعلم من الفقه ما يصحح به عبادته ومناسكه، وأيضًا يتعلم من الفقه ما يحصل به النوافل، وما يزيد الحسنات ويضاعف الثواب في مثل هذه التجارة العظيمة، وفي مثل هذه المواضع المشرفة، فإن عجز عن ذلك فإنه يستصحب كتابًا شاملًا لمناسك الحج؛ بحيث يدمن ويداوم على مطالعته أثناء سفره ما بين الوقت والآخر حتى يستوثق من أداء المناسك على وجهها، أو يصطحب عالمًا يرجع إليه كلما احتاج.
من ذلك أيضًا: أن يجتهد في العبادة والذكر، وأن يتفرغ لهما في هذه الرحلة.
من آداب السفر عمومًا: أن يسافر يوم الخميس مبكرًا؛ فإن النبي ﷺ كان أكثر ما يسافر يوم الخميس، أما مبكرًا فلقوله ﷺ: (اللهم بارك لأمتي في بكورها).
ويستحب المشي في السفر ليلًا؛ لقوله ﷺ: (عليكم بالدلجة فإن الأرض تطوى بالليل).
من آداب هذا السفر: التقشف والرق، فيتجنب الإنسان تحصيل الشهوات ولو كانت مباحة كالطعام الزائد، والملابس الفخمة، والاهتمام بالمظهر، بل ينبغي أن يكون متقشفًا، ويتجنب الزينة والتبسط في الطعام والشراب وغير ذلك؛ لأن النبي ﷺ قال لأصحابه ﵃: (أتدرون من الحاج؟ الحاج الشعث التفل) الشعث: الذي تفرق شعر رأسه، لأنه لا يهتم بمظهره ولا بهذه الأشياء، والتفل: الذي لا يضع طيبًا ولا بخورًا ولا مثل هذه الأمور.
أيضًا من آداب السفر: حسن الخلق مع الناس، لقوله تعالى: ﴿وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا﴾ [البقرة:٨٣] ومنها: تجنب المخاصمة والمخاشنة، ومزاحمة الناس، بل ينبغي أن يكون الإنسان منضبطًا، ولا يكون سلوكه في حال إحرامه وفي حال انطلاقه في هذا السفر المبارك مثل سلوكه في دار الإقامة، لأنه صار في حالة تلبس بعبادة من أعظم العبادات ينبغي أن ينزهها عن جميع المخالفات؛ لقوله ﵎: ﴿الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ﴾ [البقرة:١٩٧] كما سنبين إن شاء الله، فنهى الله ﵎ عن الرفث والفسوق والجدال.
والرفث: هو النطق بالكلام الذي يتعلق بالجماع، وقيل: هو ذكر أحوال هذا الأمر ما بين الرجل وبين أهله، ومواجهة النساء بذلك.
والفسوق: هو جميع المعاصي من الخروج عن طاعة الله.
«وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ» أي: لا مماراة ولا مخاصمات ومجادلات تفضي إلى قسوة القلوب وإلى التفرق والشتات، فينبغي على الإنسان أن يكون منضبطًا.
والتلبس بالمعاصي ينقص ثواب الحج جدًا، ويكفي أن التلبس بالمعاصي يحرم الإنسان من الثواب العظيم على الأقل، وهو الثواب الذي ورد في قوله ﷺ: (من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه) أو كما قال ﷺ، فإذا وقع في الرفث أو الفسوق أو أي شيء من المعاصي فإنه يقدح في استحقاقه لهذا الثواب العظيم، فينبغي لهذا الإنسان أن يكون متيقظًا حذرًا من وقوع المخالفات.
بل من العلماء -وهو الإمام ابن حزم ﵀ من أبطل حج من رفث أو فسق في حجه، فينبغي الاحتياط الشديد في ذلك.
5 / 4