إلى البلاد المشرقية، وسلمت أعماله التي كان يقوم بها إلى غيره وكذا مرتباته (١).
قال - في البدر -: "وقد لطف الله بالمترجم له بمرافعته إلى حاكم حنفي فلو رفع إلى مالكي لحكم بضرب عنقه، وقبح الله هذه المجازفات والاستحلال للدماء والأعراض بمجرد أشياء لم يوجب الله فيها إراقة دم ولا هتك عرض، فإن ضرب هذا العالم الكبير نحو ثمانين جلدة، ونفيه، وتمزيق عرضه، والوضع من شأنه بمجرد كونه شاتم من شاتمه، ظلم بيِّن، وعسف ظاهر، ولا سيّما إذا كان لا يدري بانتساب من ذكر إلى الإمام. لا جرم قد أبدله الله بسلطان خير من سلطانه، وجيران أفضل من جيرانه، ورزق أوسع مما منعوه منه، وجاه أرفع مما حسدوه عليه، فإنه لما خرج توجه إلى مملكة الروم، ولم يزل يترقى بها في المناصب، ولم يكن عند السلطان أحظى منه" (٢).
وبعد الذي وقع للكوراني، خرج منفيًّا، وباع أثاثه، وعند خروج الحاج توجه معه فرد إلى حلب، فلم يشعروا به حتى قدم الطور ليمضي في البحر إلى مكة، فقبض عليه، وسير به حتى تعدى الفرات، وذلك كله سنة (٨٤٤ هـ)، واتفق في هذا العام قدوم محمد بن أرمغان
_________
(١) راجع: الضوء اللامع: ١/ ٢٤٢، والنجوم الزاهرة: ١٥/ ٣٤٤، والسلوك للمقريزي: ٤/ ق/٣/ ١٢١٢ - ١٢١٣.
(٢) البدر الطالع: ١/ ٤٠ - ٤١.
1 / 35