قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه : لله عز وجل في كل كتاب سر ، وسر الله عز وجل في القرآن أوائل السور ، وقال علي كرم الله وجهه : إن لكل كتاب صفوة ، وصفوة هذا الكتاب حروف التهجي ، وقد تعرض العلماء لجمع أصولها الأربعة عشر على وجوه منها : طرق سمعك النصيحة ، ومنها صن سرا يقطعك حمله ، ومنها : /على صراط حق نمسكه ، ومنها : نص حكيم له سر قاطع8 ب ومنها : من قطعك سحر أصله ، ومنها : سر حصين قطع كلامه ، وتسمى هذه الأربعة عشر الأحرف النورانية ، ونقل اليافعي أن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه كان يكتبها على ما يريد حفظه من الأموال والمتاع ، والزرع والضياع ، وكذلك عثمان بن عفان ، والزبير بن العوام رضي الله عنهم ، وكانوا إذا لقوا العدو قالوا: اللهم احفظ أمة محمد بالنصر والتأييد ب ( المص ) ب( كهيعص ) وب ( حم عسق ) وبقاف والقرآن المجيد ، وبنون والقلم وما يسطرون ، وقال صلى الله عليه وسلم لأصحابه : إذا لقيتم العدو فشعاركم ( حم ) لا ينصرون ، وكان بعض العارفين إذا ركب راحلته يقول الأربعة عشر حرفا سئل عن ذلك ، فقال : ما كتبت في موضع ، أو تليت في بر أو بحر إلا حفظ تاليها ، والمكان الذي كتبت عليه ، وكفي السوء في نفسه وماله ، وأمن من التلف والغرق ، وقال حجة الإسلام سيدي محمد الغزالي رضي الله عنه ، ونفعنا به : أدركت بعض العارفين بالموصل ، وكان معه الحروف التي في أوائل السور ، فسألته عن ذلك ، فقال : ظهر لي بركاتها ، فمن ذلك يحفظني الله بها، ويدركني رزقي ، وإن وقع لي حاجة سألت الله تعالى بها ، يقضي حاجتي ، ويصرف عني العدو ، واللص والحية والعقرب والسبع والحشرات ، وإذا ذكرتها في السفر أعود إلى أهلي سالما آمنا ، قال : فعلمت ذلك علما لا ريب فيه ، وحصل لبعض العارفين في جاريته صرع ، فقام إليها سيدها ، وأمسك أذنها ، وقال فيها : بسم الله الرحمن الرحيم المص طسم كهيعص يس والقرآن الحكيم ، حم عسق ، ن والقلم وما يسطرون ، فسري عنها ذلك ، ولم يعد إليها الصرع ، انتهى .
ومدار ذلك كله على تصحيح النية ، وطيب المطعم ، وقد قال بعض العارفين : / الرقى بالمعوذات وغيرها من أسماء الله تعالى هو الطب 9 أالروحاني إذا كان على لسان الأبرار من الخلق حصل الشفاء باذن الله تعالى ، فلما عز هذا النوع فزع الناس إلى الطب الجسماني ، انتهى .
وقد ذكر بعض العارفين من علماء المغاربة عن بعض شيوخه من الأولياء العاملين أن في كل كتاب سرا زائدا عليه كالحلاوة الزائدة على جرم العسل ، فكما أنها إذا زالت لا ينفع في بابه ، كذلك الكتاب إذا أخذ سره ثم قال : وكم من ورقة مكتوب فيها أسماؤه تعالى توجد في الأرض ساقطة ، وتطؤها الناس بأرجلهم ، ولولا أن الملائكة يأخذون أسرار تلك الأسماء لهلك جل الناس ، وفي كتاب الفوائد والصلة والعوائد الحروف تنقسم أربعة أقسام : حارة وباردة ورطبة ويابسة ، فالحارة : اهطم فثذ ، والباردة : خزكص قشغ ، والرطبة : وجلح رخس ، واليابسة : بدين ضتظ ، فمن ذكر حروف الحرارة بقدر عددها ، وهو ألف ومائة وخمسة وثلاثون في وقت شديد البرد ، زال عنه ذلك ، وصورة تكرارها أن تقول : اهطم فثذ ، اهطم فثذ ألخ ، وكذا باقي الحروف ، فتعمل فيها لكل شيء بضده ، انتهى ملخصا .
Shafi 16