فحاجة الأديب إلى هذا الفن شديدة وفاقته إليه عتيدة، وأولى ما يصنف ويؤلف ويقرب مأخذه ويسهل ما كانت الحاجة إليه هذه الحاجة فوقعت العناية عليه وانصرفت بالاهتمام إليه حتى تهذب وتثقف وتشذب وتدانت شعبه وتقاربت سبله ولم أبال ما ألفى فيه من زيادة تعب وفضل كد ونصب إذ لم يكن الإنسان يبلغ ما يريد وينال ما يريغ إلا بتكلفة لغوب ومواصلة دؤوب لا يسما إذا كان الغرض الذي ينزع إليه جسيما يكسبه حسن الذكر ويمنحه طيب النشر من علم يتقنه أو يصنفه ويدونه أو رياسة أرادها فارتادها وسيادة طلب أقتيادها وليس ذلك للمتوانى المتهاون ولا المتواكل المتواهن، وقد قيل:
(سهرت عيونهم وأنت ... عن الذي قاسوه حالم)
وقيل:
(وإن سيادة الأقوام فاعلم ... لها صعداء مطلعها طويل)
وقيل:
(إن السيادة والرياسة والعلى ... أعباؤهن كما علمت ثقال)
وقيل:
(وإن جسيمات الأمور منوطة ... بمستودعات في بطون الأساود)
وقلت:
(إن الأمور مريحها في المتعب)
وفي المثل
(عند الصباح يحمد القوم السرى ...) وقيل: ما لمن لم يركب الأهوال حظ وقلت:
(ولم يتسهل للفتى درك العلا ... إذا هو لم يصبر على المتصعب)
ومن كانت له حاجه في الشئ اشتغل به وفرغ له واستندب التعب فيه حتى بلغ مراده منه وقيل:
(طوامِس لي من دُونِهنَّ عدَاوَةٌ ... ولي من وراء الطامسات حبيب)
(بعيد على من ليس يطلب حاجة ... وأما على ذى حاجة فقريب)
والذى حدانى على جمع هذا النوع ايضا أني لم أجد فيه كتابا مؤلفا ولا كلاما مصنفا يجمع فنونه ويحوى ضروبه، ورأيت ما تفرق منه في اثناء الكتب وتضاعيف الصحف غير مقنع يشفى الراغب ويكفي الطالب فجمعته ههنا واضفت إلي كل نوع منه
1 / 13