هذا البيت أجود ما قيل في سعة الخلق من قديم الشعر:
(كميشُ الإزار خارجٌ نصفُ ساقهِ ... صبورٌ على العزّاءِ طلاعُ أنجُدِ)
(قليلُ التشكي للمصيباتِ حافظٌ ... من اليوم أعقابَ الأحاديثِ في غدِ)
(إذا سارَ بالأرضِ الفضاءِ تزينت ... لرؤيته كالمأتم المتبددِ)
(فلا يبعدنك الله حيًا وميتًا ... ومن يعله ركنٌ من الأرض يبعد)
موضع هذه الأبيات من باب المراثي وإنما أوردتها هنا لأن قوله فيها
(قليل التشكي للمصيبات ...)
شبيه بما تقدم من قول الآخر:
(ولا جازع من صرفه المتقلب ...)
ومن شعر المحدثين قول أبي تمام:
(وعززتُ بالسبعِ الذي بزئيرهِ ... أمستْ وأصبحتِ الثغورُ عزيفا)
(قطب الخشونةِ والليان بنفسه ... فغدا جليلًا في العيونِ لطيفا)
(هزّته معضلةُ الأمورِ وهزّها ... وأخيفَ في ذاتِ الآله وخيفا)
(يقظان أحصدت التجاربُ جزمه ... شزرًا وثقّف عزمَه تثقيفًا)
(وسلكن من أترابه الشعل التي ... لو أنهن طبعن كنَّ سيوفا)
وإنما أخذ وصف هذا البيت من ديك الجن وكان أبو تمام كثير الاناخة عليه وهو قوله في مرثيته:
(ماء من العبرات حدى أرضُه ... لو كان من مطرٍ لكان هزيما)
(وبلابل لو أنهن مآكل ... لم تخطئ الغسلين والزقوما)
(وكرمي بر وعسى لو أنه ... ظلّ لكانَ الحر واليحموما)
ونقل البيت الأول أبو تمام إلي موضع آخر فقال:
(مطر من العبرات حدى أرضه ... حتى الصباح ومقلتاى سماءه)
1 / 56