(وكم قد رأينا من تَكَدُّرٍ عيشةٍ ... وأخرى صفا بعدا اكدرارٍ غديرُها)
(فلا تَقربِ الأمرَ الحرامَ فإنه ... حلاوتها تفني ويبقى مريرها)
ثم قال حدثني يا مفضل فقلت أي الأحاديث يشتهي أمير المؤمنين قال أحاديث الأعراب فحدثته حتى كاد النهار ينتصف فقال كيف حالك فقلت كيف حال رجل مأخوذ بعشرة آلاف درهم فقال يا عمر بن بزيع أعطه عشرة آلاف درهم لقضاء دينه وعشرة آلاف درهم لنفقة عياله فانصرفت بها. وكانوا يقولون قاتل الله الخنساء ما رضيت أن جعلت أخاها جبلًا حتى جعلت في رأسه نارًا فبالغت أشد المبالغة. واعترض ابن الرومي قولها فقال:
(هذا أبو الصقر فردًا في مكارمِه ... من نسل شيبانَ بين الطّلح والسّلم)
(كأنه الشمسُ في البرج المنيفِ به ... على البريةِ لا نارٌ على علمِ)
وتبعته فقلت:
(خيرُ الورى لخيارِ الناس كلهِم ... وشرُّهم لشرارِ الناسِ سوارُ)
(منبه الذكرِ معروفٌ طرائقه ... كالشمسِ لا عَلمٌ في رأسه نار)
ومن جيد ما قيل في النباهة قول الأول أنشده أبو تمام:
(إني إذا خفي الرجالُ وجدْتَني ... كالشمسِ لا تخفى بكلِّ مكانِ)
وقال بشار:
(أنا المرعَّثُ لا أخفى على أحدٍ ... ذرت بي الشمس للقاصي وللداني)
وقلت:
(أتأملُ أن تنالَ ندى كريمٍ ... نداهُ أوَّلٌ والغيثُ ثاني)
(ويجري والمجرة في عنانٍ ... فلا يخفى على ناءٍ ودانِ)
(تصوَّر في القلوب فليس ينأى ... على نأي المحلةِ والمكانِ)
(إذا عبسَ الزمانُ فمِل إليهِ ... تجدْهُ البشرَ في وجهِ الزمانِ)
وقلت:
(تريدون أن أخشى وأخضعَ للأذى ... وجار ابن عيسى كيف يّخشى ويخضعُ)
(فتىً بأسُه كالدهر مأمن ملجأ ... ولا فيه إقصارٌ ولا عنهُ مرجعُ)
(أغرُّ شهيرٌ في البلادِ كأنما ... به البدرُ يعلو أو سنىَ الصبحِ يسطع)
1 / 42