ومن شهدني من العرب، ثم قلت: يا أمير المؤمنين إنما نحن أشباح من أهل العراق، وليس في واحد منا فضل عن راحلته، وإنما الإبل أباق.
قال: فنجعل لك أثمانها رقة لك.
قلت: لا، ولكن الرعاء يا أمير المؤمنين.
قال: فنظر جنبتيه وقال لجلسائه: كم يجزى لمئة من الإبل؟
قال: فتكلموا على قدر الركاب والظهر، فقالوا: ثمانية! فأمر لي بها أربعة صقالبة وأربعة نوبة. قال: وإذا بعض الدهاقين قد أهدى له ثلاث صفحات من فضة فهن بين يديه يقرعهن بخيزرانة. قال: قلت: المحلب جعلني الله فداك. قال: فندس إلى إحداهن، وقال خذها لا نفعتك. قال: قلت: بلى، كل ما نلت منك نافع أبقاك الله. قال: وانصرفنا وودعنا. وقد كتب محمد يوم ودعنا، وأبرد إلى أبيه بالحديث كله. فلما قدمنا على الحجاج قال: أما والله يابن الخطفى لولا أن يبلغ أمير المؤمنين فيجد عليَّ في نفسه لأعطيتك مثلها، ولكن هذه خمسون وأحمالها حنطة تأتي بها أهلك وتميرهم ما عليها. فشكرت له ودعوت. قال: وعنده السوار بن عاصم النميري أخو بني جعونة - فتكلم بأمر لم أفطن له، كأنني كلمته فيه، فقال: وأي شيء أهون من ذلك؟
فقال الحجاج: وما يقول يا سوار؟
1 / 86