Nazarin Kan Gabatarwar Ibn Khaldun
دراسات عن مقدمة ابن خلدون
Nau'ikan
حينما يبدأ هرودوت قصة قره زوس، يقول: «لا شك في أن النكبات التي حلت بهذا الملك كانت نقمة من الآلهة؛ لأنه كان قد اغتر غرورا شديدا، وأخذ يرى نفسه أسعد خلق الله على الإطلاق.»
وحينما يشرح الحروب التي حدثت بين اليونان وبين الفرس يرجع معظم الوقائع إلى مداخلة الآلهة، ويزعم بأنها نصرت اليونان على أعدائها في كل صفحة من صفحات الحرب التي دارت رحاها بين الشعبين، فمثلا حينما يذكر العاصفة الهائلة التي فاجأت الأسطول الفارسي وأتلفت قسما كبيرا من سفنه، لا يتردد في القول بأن كل ذلك حدث بمساعدة الآلهة؛ لكيلا يبقى الأسطول الفارسي متفوقا على الأسطول اليوناني تفوقا عظيما.
إن هرودوت لم يكن منفردا في هذه النزعة الفكرية بين المؤرخين القدماء، بل إن المؤرخ المشهور «فلوروس»
Florus
أيضا كان يعزو كثيرا من الوقائع التاريخية إلى أعمال الآلهة ومداخلاتها، فهو حينما يذكر - مثلا - تفاصيل الحروب التي نشبت بين روما وبين «حنيبعل»
Annibal
لا يشك في مساعدة الآلهة للرومان، فيقول: «بعد موقعة كان، لو مشى حنيبعل على روما مباشرة؛ لأزالها من عالم الوجود حتما، ولكن الآلهة - التي كانت تعادي القرطاجيين دائما - حملته على التباعد عن عاصمة الرومان، وكذلك بعد موقعة «كابووا» أيضا، حينما بدأ حنيبعل زحفه على روما، أوقفته الآلهة عن السير في هذا الاتجاه للمرة الثانية ؛ فإن الأمطار سقطت بغزارة عجيبة، والرياح عصفت بشدة غريبة، فلم يتمكن حنيبعل من الاستمرار في الزحف، ولا شك في أن هذه العاصفة كانت قد حدثت بمشيئة الآلهة التي قصدت صد العدو المهاجم عن المدينة، حتى إنه كان يخيل للمرء أن هذه العاصفة لم تأت من السماء، بل تدفقت من أسوار روما وأجواء الكابيتول. وعلى كل حال، فقد اضطر حنيبعل إلى التباعد عن روما من جراء معاكسة هذه العواصف الخارقة للعادة.»
إن المؤرخ المذكور يقول كذلك في صدد البحث عن استيلاء الغاليين على روما: «أعتقد بأن النكبات التي حلت بروما عندئذ، كأن الآلهة قد أرسلتها بقصد امتحان الرومان؛ لمعرفة ما إذا كانوا يستحقون سلطنة العالم أم لا يستحقونها.»
إن نزعة الالتجاء إلى مشيئة الله في تعليل الوقائع التاريخية سادت على أقلام مفكري المسيحية ومؤرخيها أيضا في القرون الوسطى وفي عصر الانبعاث.
إن «القديس أوغسطين»
Shafi da ba'a sani ba