155

Nazarin Kan Gabatarwar Ibn Khaldun

دراسات عن مقدمة ابن خلدون

Nau'ikan

إن مونتسكيو لم يكن مبتكرا للنظرية الأولى؛ لأن «تأثير الطبيعة في الإنسان» كان صار موضوع أنظار الباحثين منذ عهد بقراط، فكثيرون من مفكري اليونان والرومان بحثوا فيها وكتبوا عنها، كما أن أحد مواطني مونتسكيو - «جان بودن» - كان قد تناول هذه القضية بالبحث والدرس في القرن السادس عشر، وسعى لإظهار تأثير الطبيعة والإقليم في طبائع الأقوام، ووقائع التاريخ بكل تفصيل.

وأما النظرية الثانية فيزعمون أن مونتسكيو لم يكن مسبوقا فيها بأحد من الغربيين، ولهذا السبب يخصصون له مقاما ممتازا في تاريخ فلسفة التاريخ من وجهة هذه النظرية بوجه خاص. (6)

إن كل من يريد أن يقارن بين مونتسكيو وبين ابن خلدون - وبتعبير أصح بين «روح القوانين » وبين «مقدمة التاريخ» - يجب أن يقدم على ذلك من وجهة المباحث المتعلقة بفلسفة التاريخ، وعلى الأخص، من وجهة المباحث المتعلقة بعمل الاقتصاد في التاريخ، وتأثير الطبيعة في طبائع الأمم.

ذلك لأن الكتابين المذكورين يختلفان اختلافا كليا من الوجوه الأخرى.

إن روح القوانين يبحث من حيث الأساس في القوانين والشرائع، ولا يتطرق إلى مسائل التاريخ وفلسفة التاريخ إلا من وجهة علاقتها بالقوانين والشرائع، في حين أن مقدمة ابن خلدون بعكس ذلك، لا تلتفت إلى مسائل القوانين والشرائع، بل تسعى لدرس العوامل الاجتماعية، والتطورات التاريخية درسا مباشرا.

وزيادة على ذلك فإن روح القوانين مشبع بغايات سياسية عملية، والمسائل التي يعالجها ترمي - بوجه عام - إلى تقرير «السياسة المثلى»، في حين أن مقدمة ابن خلدون بعكس ذلك، تكاد تكون مجردة عن كل نزعة سياسية وعملية، والمسائل التي تسعى لحلها لا تخرج - عادة - عن نطاق «تقرير الواقع وتعليله».

ولهذا السبب رأيت من الضروري أن أحدد بحثي في روح القوانين بحدود النظريتين المذكورتين. (2) التاريخ والاقتصاد (1)

يشغل مونتسكيو في تاريخ فلسفة التاريخ وعلم التاريخ مقاما ممتازا من جراء الأهمية التي يعزوها إلى العوامل الاقتصادية في تكوين طبائع الأمم وتسيير وقائع التاريخ.

إن الباحث الإنجليزي «روبرت فلينت»

Flint - الذي وقف حياته على درس المؤلفات التي تحوم حول فلسفة التاريخ - خصص لمونتسكيو فصلا كبيرا في الكتاب الذي وضعه عن «فلسفة التاريخ في فرنسا».

Shafi da ba'a sani ba