Nazarin Kan Gabatarwar Ibn Khaldun
دراسات عن مقدمة ابن خلدون
Nau'ikan
وأما التفكير الجدي في ما كتبه فلم يبدأ إلا بعد مرور مدة تزيد على خمسة قرون، وبعد تطور معاني بعض الكلمات خلال هذه القرون.
وإني لا أشك أبدا في أن ابن خلدون لو بعث حيا من مرقده، واطلع على بعض ما يقال فيه الآن؛ لدهش من الآراء التي تعزى إليه دهشة كبيرة.
القسم الثاني: مكانة ابن خلدون في تاريخ فلسفة التاريخ وعلم الاجتماع
ابن خلدون وفلسفة التاريخ
(1)
إن مقدمة ابن خلدون من نوع المؤلفات التي عرفت في أوروبا باسم «فلسفة التاريخ» في القرن الثامن عشر، وباسم «علم التاريخ»، أو «المدخل إلى التاريخ» في القرن التاسع عشر.
في الواقع إنها تتضمن في الوقت نفسه آراء ومباحث ونظريات اجتماعية هامة، فيجب اعتبارها من هذه الوجهة من نوع المؤلفات المتعلقة ب «الفلسفة الاجتماعية»، وب «علم الاجتماع» أيضا.
غير أنه يجب ألا يغرب عن البال بأنها تتألف في حقيقة الأمر من «المقدمة والكتاب الأول»، من سفر تاريخي كبير، وترمي - قبل كل شيء - إلى «تمييز الحق من الباطل في الأخبار» عند تدوين التاريخ، وتسعى إلى إيجاد «معيار صحيح يتحرى به المؤرخون طريق الصدق والخطأ فيما ينقلونه من الأخبار والوقائع»، كما صرح بذلك المؤلف نفسه، حينما عقب على العبارة الآنفة الذكر بقوله: «هذا هو غرض هذا الكتاب الأول من تأليفنا.»
ولهذا السبب يجب أن ننظر إلى مقدمة ابن خلدون - قبل كل شيء - كمؤلف في فلسفة التاريخ، فيجب أن نقارنها بأمثالها من المؤلفات التي حامت حول فلسفة التاريخ قبل أن نقدم على مقارنتها بالكتب الباحثة عن الفلسفة الاجتماعية، أو علم الاجتماع. (2)
إن فلسفة التاريخ تبحث في الوقائع التاريخية بنظرة فلسفية ، فتسعى لاكتشاف العوامل الأساسية التي تؤثر في سير الوقائع التاريخية، وتعمل على استنباط القوانين العامة التي تتطور بموجبها الأمم والدول على ممر القرون والأجيال.
Shafi da ba'a sani ba