Nazarin Kan Gabatarwar Ibn Khaldun
دراسات عن مقدمة ابن خلدون
Nau'ikan
ومن الواضح أن المقصود من كلمات العرب الواردة في هذه الرسالة هو القبائل البدوية وحدها. (4)
أعتقد أن الأمثلة التي ذكرتها كافية لإظهار مبلغ الالتباس الذي سيطر على أقلام علماء اللغة وعظماء الأدب أنفسهم في أمر كلمتي العرب والأعراب.
كما أعتقد أن كل من يلاحظ هذه الاستعمالات المختلفة لا يستغرب أبدا كيف أن ابن خلدون استعمل كلمة العرب في مقدمته بمعنى الأعراب، كما سيتضح من التفاصيل التالية.
2 (1)
لم يستعمل ابن خلدون في المقدمة كلمة الأعراب والأعرابي إلا قليلا جدا، فإنه قد استعمل كلمة العرب أو العربي في نحو 330 موضعا، في حين أنه لم يستعمل كلمة الأعراب والأعرابي إلا في بضعة مواضع، هذا مع أنه قد اهتم بالحياة البدوية اهتماما كبيرا، وخص أحد أبواب المقدمة بالعمران البدوي وحده، وتكلم عن القبائل والعشائر في كل باب من أبوابها.
إن عدم ورود كلمة الأعراب أو الأعرابي إلا بضع مرات في المقدمة - على الرغم من سعة المباحث العائدة إلى الحياة البدوية، وكثرة الفصول المتعلقة بالقبائل المتنقلة، وعلى الرغم من ورود كلمة العرب مئات من المرات - لدليل واضح على أن ابن خلدون لم يعمل بالقاعدة التي قال بها علماء اللغة في وجوب تسمية البدو بالأعراب، لا بالعرب.
غير أن هناك قرائن قطعية على ذلك تظهر بكل وضوح وجلاء، من إنعام النظر في فصول المقدمة. (2)
فلنستعرض أولا الفصول الباحثة عن العرب مباشرة، تلك الفصول التي تذكر العرب في عناوينها، وتتخذ أحوال العرب موضوعا لأبحاثها. (أ)
لنبدأ من الفصل الذي يتضمن أقسى الأحكام وأعنف الحملات على «العرب»، فلنلاحظ الفصل الذي يقول فيه ابن خلدون: «إن العرب إذا تغلبوا على أوطان أسرع إليها الخراب»، ولننعم النظر في الأدلة التي يذكرها لتعليل وتأييد رأيه هذا: «فغاية الأحوال العادية كلها عندهم الرحلة والتقلب، وذلك مناقض للسكون الذي به العمران ومناف له، فالحجر مثلا إنما حاجتهم إليه لنصبه أثافي للقدر، فينقلونه من المباني ويخربونها عليه ويعدونها لذلك. والخشب أيضا إنما حاجتهم ليعمروا به خيامهم، ويتخذوا الأوتاد منه لبيوتهم، فيخربون السقف عليه لذلك» (ص149).
ومن البديهي أن مدار البحث هنا لا يتعدى البدو الذين يعيشون تحت الخيام ، فلا مجال للشك في أن ابن خلدون عندما كتب هذه العبارات وقال: «لا يحتاجون إلى الحجر إلا لوضع القدور، ولا إلى الخشب إلا لنصب الخيام»، لم يفكر قط بأهل دمشق أو القاهرة، ولا بسكنة تونس أو فاس، بل إنما قصد أعراب البادية وحدهم. (ب)
Shafi da ba'a sani ba