Tunawa da Shekara ɗari ta Waƙar Nazib
الذكرى المئوية لواقعة نزيب: ٢٤ يونيو سنة ١٨٣٩–٢٤ يونيو سنة ١٩٣٩
Nau'ikan
وفي يوم 22 يونيو عبروا كوبري نهر مزار، ولما أتموا حركة الالتفاف أشار الضباط الألمان على العثمانيين بالتقهقر إلى بلدة «بير» تفاديا من وقوعهم في الشرك، إلا أنهم وجدوا معارضة من حافظ باشا الذي أجابهم: «ماذا يقول التاريخ عني إذا تقهقرت؟» وما درى أن التقهقر قد يكون من الخطط الحربية السليمة، وانحاز العلماء إلى رأيه، وقالوا: «إن العثمانيين لا يولون الأدبار أبدا. يشهد التاريخ بأنهم يتقدمون دائما ولا يتقهقرون. النصر بيد الله يؤتيه من يشاء.» استشاط الضباط الألمان غضبا وقدموا استقالتهم، إلا أن حافظ باشا رفض الاستقالة، وأفهمهم بأن الجندي لا يفر من ميدان القتال ليلة الطعان والنزال.
قضى العثمانيون يوم 23 يونيو في تحصين مواقعهم الجديدة.
وفي غروب هذا اليوم دعا إبراهيم باشا ضباط الجيش المصري وقام في وسطهم خطيبا ذاكرا ما ناله الجيش المصري من الشهرة في أنحاء العالم بفتوحاته وغزواته وانتصاراته العديدة، ثم لفت أنظارهم إلى أن يوم الغد - 24 يونيو سنة 1839 - هو يوم فصل الخطاب، إما النصر والمجد والفخار أو الموت والعار والشنار. وبعدما بارح الضباط خيمة إبراهيم باشا دعاهم سليمان باشا الفرنساوي إلى خيمته، وبعد أن زودهم بالتعليمات الواجب مراعاتها قال لهم: «إلى اللقاء في الغد الساعة الثالثة بعد الظهر في خيمة حافظ باشا، أدعوكم من الآن لنتناول فيها القهوة معا.»
وبين الساعة الحادية عشرة والثانية عشرة ليلا فكر حافظ باشا في مباغتة الجيش المصري، وأخذه على غرة، فسار في الليل، واستطلع مواقع الجيش المصري، ثم أمر بإطلاق المدافع في الحال، وكانت المدافع تصوب قنابلها على خيمة إبراهيم باشا وخيمة سليمان باشا الفرنساوي اللتين كان ضباط أركان حرب حافظ باشا استكشفوا موقعهما في عصاري ذلك اليوم.
استيقظ المصريون فجأة فاختل نظامهم، وتمكنت بعض الكتائب - التي جندها إبراهيم باشا من السوريين - من الهروب، وكان من فكر حافظ باشا أن يستمر في القتال، إلا أن العلماء عارضوه؛ بدعوى أنه لا يليق بجنود أمير المؤمنين أن يتشبهوا باللصوص، ويقاتلوا في ظلمات الليل. وسرعان ما انتهزت المدفعية المصرية الفرصة السانحة، وصبت نارا حامية على بطاريات العثمانيين فأسكتتها وحطمتها.
الجيش العثماني كان مؤلفا من 38000 مقاتل، منهم 5000 من الفرسان و3000 من رجال المدفعية مزودين بمائة وأربعين مدفعا، والجيش المصري كان مؤلفا من 40000 بما فيهم 2000 من الهنادي، وكان مزودا بمائة وعشرين مدفعا. تكافؤ في القوة العددية والعددية، إلا أن الجيش المصري كان يمتاز بالقوة المعنوية، وهي أقوى من القوى العددية ومن القوى العددية؛ لأن الجنود المصريين مارسوا مهنة الحرب والقتال في عكا وفي حمص وفي بيلان وفي قونية، وانتصاراتهم المتوالية دبت في نفوسهم الإيمان بالنصر، والثقة بقائدهم الأكبر إبراهيم باشا، وبرئيس أركان حربه سليمان باشا الفرنساوي، وبأحمد باشا المانكلي وزير الجهادية، وأحمد باشا الدرملي وسليم بك ووالي بك ومصطفى بك وأحمد بك وعلي بك وجعفر بك. وكانوا فوق هذا وذاك متجانسين تجمعهم رابطة الوحدة المصرية. أما العثمانيون فكانوا أخلاطا من الترك والكرد والأرمن واليهود والصرب والبلغار والأروام، وكان قوادهم متحاسدين متباغضين متخاذلين، كل يسعى إلى الإيقاع بالآخر، وليست لهم ثقة برئيسهم الأعلى حافظ باشا.
وفي مبرق الصبح من يوم 24 يونيو تحرك الجيش المصري، وامتطى إبراهيم باشا جواده المشهور «درزي»، وهو من صفوة جياد نجد، يعدو المائة كليومتر بدون توقف،
30
وفي أثناء سير القوات المصرية رأى سليمان باشا رابية أهمل حافظ باشا الاستيلاء عليها مع أهميتها الحربية، فأسرع وأمر بطارية من المدافع الضخمة بالاستيلاء عليها. أدرك حافظ باشا خطأه الجسيم في ترك سليمان باشا يحتل هذه الرابية المهمة، فأمر المدفعية التركية بأن تصوب قنابلها على البطارية المصرية التي نصبت في هذه الرابية، وكان هذا إيذانا ببدء القتال.
تقدم إبراهيم بقلب جريء نحو خطوط العثمانيين الأمامية، فقابلته بنار حامية شتتت ألايا من ألاياته، وكاد الفزع يستولى على جنود الجيش المصري لولا الشجاعة التي أبداها إبراهيم باشا، إذ أشهر سيفه البتار، وصال على الهاربين، وأعمل فيهم سيفه، كما صوب سليمان باشا الفرنساوي مدافعه عليهم، فعادوا إلى خطوط القتال. وما هي إلا فترة قصيرة من الزمان إلا وهبوا كلهم كالأسود على الجيش العثماني، وأعملوا فيه السيف والنار، وما زالوا به حتى ضعضعوا ست أورط من الكرد وقوة كبيرة من الباشبوزق كانت تحت إمرة محمود باشا، فولوا الأدبار، وسبقهم التركمان وفروا هاربين، كما سبقهم لواء خالد باشا الذي قتل في أثناء المعركة، فولى جنوده الأدبار. وكذا جنود إبراهيم بك - أحد قواد العثمانيين - ألقوا سلاحهم بعد أن خر قائدهم صريعا في حومة الوغى. ولما رأى الخيالة العثمانيون ما حل بالمشاة هربوا هم أيضا. وفي أقل من ساعتين انكسر الجيش العثماني وانتصر الجيش المصري، ووقع معسكر حافظ باشا كله في أيدي إبراهيم باشا وسليمان باشا الفرنساوي، وغنم المصريون كل ما كان في المعسكر من خيام وأثاث ومهمات وأوراق ونقود، حتى خيمة حافظ باشا،
Shafi da ba'a sani ba