وأما الكتابة العربية، فالصحيح، أن أول من خط بالعربي، مرامر بن مرة. وكان يسكن الأنبار، ومن الأنبار انتشرت الكتابة في العرب. وأصل الخط العربي، هو الخط الكوفي. والنقط، حادث في الخط العربي. حدث بعد الإسلام. والذي نقل الكتابة، من الأنبار إلى الحجاز، حرب بعد أمية، جد الملوك الأموية. وهذه الطريقة، الموجودة الآن، أخرجها من خط الكوفيين، وأبرزها في هذه الصورة، أبو علي محمد بن مقلة، وزير المقتدر بالله العباسي. ثم جاء بعده، أبو الحسن علي بن هلال، المعروف بابن البواب، فهذب هذه الطريقة، وكساها طلاوة وبهجة. وهذه الكتابة العربية، قريبة الحدوث. لأن العرب كانوا أهل حفظ ورواية. أغناهم حفظهم عن الكتابة وكانت أشعارهم هي دواوين تواريخهم، وضابطة لأيامهم وحروبهم ولم يكن فيها عالم معروف، ولا حكيم مذكور. وأما الكتابة الحميرية، فقد قدمنا أنها درست. وكانت تسمى المسند. وحروفها، منفصلة. غير متصلة. وكانوا يمنعون العامة من تعلمها. ولا يتعلمها أحد، إلا بإذن الملك فجاءت ملة الإسلام، وليس بجميع اليمن، من يقرأ ويكتب. قيل: أول من وضع كتابة المسند وهو حمير، أبو ملوك اليمن وهو سبأ. لأنه لما أكثر الغزو، في أقطار الأرض، سموه سبا. وهو الذي ابتنى صقلية، وكثيرا من مدائن المغرب. ملك المغرب مائة سنة. ووصل ملوك حمير، من جهة المغرب، إلى طنجة. ومن جهة المشرق، إلى سمرقند. وهي مدينة الصفد. والذي دخلها وهدمها، شمر بن إفريقيش فسميت شمركند أي شمر أخربها. لأن معنى كند بالفارسي أخر. ثم إن العرب عربوها، وقالوا سمرقند. ثم ظهر له في بنائها، فبناها. وكتب على بابها، بالكتابة الحميرية: هذا فعل شمر الأشم، ملك العرب، لا العجم. فمن بلغ هذا المكان، فهو مثلي. ومن جاوزه فهو أفضل. وآخر ملوك حمير، ذوجدن. وكانت مدة ملكهم، ألفين وعشرين سنة. ثم ملك اليمن بعدهم من الحبشة، أربعة. ومن الفرس، ثمانية ثم جاء الإسلام، فصارت لهم. وأما الكتابة السريانية، فهي ثلاثة أنواع: وأقدم الأنواع عندهم، لا فرق بينه وبين العربي في الهجاء، إلا أن الثاء المثلثة، والخاء، والذال، والصاد، والضاد، والعين، كلها، سواقط عندهم. وكذا لا ألف. وتركيب حروفها، من اليمين، إلى اليسار. وبالسريانية، كان يكتب الكلدانيون. ومعنى الكلدانيين، الموحدون. وهم أمة قديمة، مسكنهم العراق، وجزيرة العرب. منهم النماردة، ملوك الأرض بعد الطوفان. ولغة السريانية الفصيحة، شأنها عجيب. لأن الكلام فيها، يتركب من الحروف الهجائية. فكل حرف هجاء، في السريانية، يدل على معنى مفيد. فإذا جمع إلى مفيد آخر، حصلت منهما، فائدة الكلام وتختلف معاني الحروف، باختلاف الحركات والسكون. والكلام، في كل لغة، غير السريانية، يتركب من الكلمات، لا من الحروف الهجائية. وكانت اللغة السريانية، صافية، من آدم، إلى إدريس. وهو الملقب بهرمس الهرامسة، والمثلث بالنعمة، لأنه كان: نبيا، ملكا، حكيما. وهو باني الأهرام، بمصر، على الصحيح وهو أول من تكلم في الأجرام العلوية، والحركات النجومية، وأول من نظر في الطب، وألف في البسائط والمركبات. وأول من وضع الهندسة فلما ذهب إدريس، وقع التبديل والتغيير، في اللغة السريانية، وجعل الناس ينقلونها عن أصلها، ويستنبطون منها لغاتهم. وأول لغة، استنبطت من السريانية، لغة الهند. فهي أقرب اللغات إلى السريانية. ولهذا كانت السريانية، ضاربة في جميع اللغات، سريان الماء في العود، لأن حروف الهجاء، في كل كلمة من كل لغة، قد فسرت في السريانية، ووضعت لمعانيها الخاصة. مثاله: أحمد يدل في اللغة العربية، إذا كان علما، على الذات المسماة به. وفي اللغة السريانية، تدل الهمزة المفتوحة، التي في أوله، على معنى. والحاء المسكنة على معنى، والميم المفتوحة على معنى والدال إن كان مضمومة على معنى. وإن كانت مفتوحة، على معنى. وإن كانت مكسورة، على معنى. وهكذا، كل كلمة، مثل زيد وعمرو ورجل وامرأة. والفار قليط، صار في اللغة العربية، علما على: محمد بن عبد الله. وفي السريانية، كل حرف من حروف هذه الكلمة، يدل على معنى، إلى آخر حروفه.
وأما الكتابة العبرانية، فهي من أبجد إلى آخر قرشت وما بعده، سواقط. وهي مأخوذة من السريانية. ومنسوبة إلى عابر بن شامخ، واضعها.
Shafi 24