Yin Alla-wadai da Sha'awa

Ibn al-Gawzi d. 597 AH
58

Yin Alla-wadai da Sha'awa

ذم الهوى

Bincike

مصطفى عبد الواحد

Nau'ikan

Adabi
Tariqa
الْبَابُ الرَّابِعُ فِي مَدْحِ الصَّبْرِ وَالْحَثِّ عَلَيْهِ وَإِذْ قَدْ قَدَّمْنَا ذَمَّ الْهَوَى وَأَمَرْنَا بِمُخَالَفَةِ النَّفْسِ وَلا إِمْكَانَ لِمُخَالَفَتِهَا وَتَرْكِ هَوَاهَا إِلا بِالصَّبْرِ فَلْنَقُلْ فِي فَضْلِهِ وَشَرَفِهِ وَالأَمْرِ بِهِ وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ الصَّبْرُ فِي اللُّغَةِ الْحَبْسُ وَكُلُّ مَنْ حَبَسَ شَيْئًا فَقَدْ صَبَرَهُ وَمِنْهُ الْمَصْبُورَةُ الَّتِي نُهِيَ عَنْهَا وَهِيَ الدَّجَاجَةُ وَنَحْوَهَا تُتَّخَذُ غَرَضًا وَتُرْمَى حَتَّى تُقْتَلْ وَسُمِّيَ رَمَضَانُ شَهْرُ الصَّبْرِ لأَنَّهُ شَهْرٌ تُحْبَسُ فِيهِ النَّفْسُ عَمَّا تُنَازِعُ إِلَيْهِ مِنَ الْمَطْعَمِ وَالْمَشْرَبِ وَالْمَنْكَحِ وَالصَّابِرُ حَابِسٌ لِنَفْسِهِ عَمَّا تُنَازِعُ إِلَيْهِ مِنَ الْمُشْتَهَى أَوْ شَكْوَى أَلَمٍ وَسُمِّي الصَّابِرُ فِي الْمُصِيبَةِ صَابِرًا لأَنَّهُ حَبَسَ نَفْسَهُ عَنِ الْجَزَعِ وَحَكَى أَبُو بَكْرِ بْنُ الأَنْبَارِيِّ عَنْ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ قَالَ إِنَّمَا سُمِّيَ الصَّبْرُ صَبْرًا لأَنَّ تَمَرُّرَهُ فِي الْقَلْبِ وَإِزْعَاجَهُ لِلنَّفْسِ كَتَمَرُّرِ الصَّبْرِ فِي الْفَمِ وَاعْلَمْ وَفَّقَكَ اللَّهُ أَنَّ الصَّبْرَ مِمَّا يُأْمُرُ بِهِ الْعَقْلُ وَإِنَّمَا الْهَوَى يَنْهَى عَنْهُ فَإِذَا فُوضِلَتْ فَوَائِدُ الصَّبْرِ وَمَا تَجْلِبُ مِنَ الْخَيْرِ عَاجِلا وَآجِلا بَانَتْ حِينَئِذٍ فَضَائِلُ الْعَقْلِ وَخَسَاسَةُ الْهَوَى وَاعْلَمْ أَنَّ الصَّبْرَ يَنْقَسِمُ قِسْمَيْنِ صَبْرٌ عَنِ الْمَحْبُوبِ وَصَبْرٌ عَلَى الْمَكْرُوهِ فَالطَّاعَةُ مُفْتَقِرَةٌ إِلَى الصَّبْرِ عَلَيْهَا وَالْمَعْصِيَةُ مُفْتَقِرَةٌ إِلَى الصَّبْرِ عَنْهَا وَلَمَّا كَانَتِ النَّفْسُ مَجْبُولَةٌ عَلَى حُبِّ الْهَوَى فَكَانَتْ بِالطَّبْعِ تَسْعَى فِي طَلَبِهِ افْتُقِرَتْ إِلَى حَبْسِهَا عَمَّا تُؤْذِي عَاقِبَتُهُ وَلا يَقْدِرُ عَلَى اسْتِعَمَالِ الصَّبْرِ إِلا مَنْ عَرَفَ عَيْبَ الْهَوَى وَتَلَمَّحَ عُقْبَى الصَّبْرِ فَحِينَئِذٍ يَهُونُ عَلَيْهِ مَا صَبَرَ عَلَيْهِ وَعَنْهُ

1 / 58