313

Yin Alla-wadai da Sha'awa

ذم الهوى

Editsa

مصطفى عبد الواحد

Nau'ikan

Adabi
Tariqa
فَصْلٌ وَاعْلَمْ أَنَّ الْعُشَّاقَ قَدْ جَاوَزُوا حَدَّ الْبَهَائِمِ فِي عَدَمِ مَلَكَةِ النَّفْسِ فِي
الانْقِيَادِ إِلَى الشَّهَوَاتِ لأَنَّهُمْ لَمْ يَرْضُوا أَنْ يُصِيبُوا شَهْوَةَ الْوَطْءِ وَهِيَ أَقْبَحُ الشَّهَوَاتِ عِنْدَ النَّفْسِ النَّاطِقَةِ مِنْ أَيِّ مَوْضِعٍ كَانَ حَتَّى أَرَادُوهَا مِنَ شَخْصٍ بِعَيْنِهِ فَضَمُّوا شَهْوَةً إِلَى شَهْوَةٍ وَذُلُّوا لِلْهَوَى ذُلا عَلَى ذُلٍّ وَالْبَهِيمَةُ إِنَّمَا تَقْصُدُ دَفْعَ الأَذَى عَنْهَا فَحَسْبُ وَهَؤُلاءِ اسْتَخْدَمُوا عُقُولَهُمْ فِي تَدْبِيرِ نَيْلِ شَهَوَاتِهِمْ
فَصْلٌ فَقَدْ بَانَ لَكَ بِمَا ذَكَرْنَا عَيْبُ اللَّذَّاتِ وَعَيْبُ الْعِشْق من حهة مُشَابَهَتِهِ
لِلَّذَّاتِ وَبَيَّنَّا أَنَّهُ يَزِيدُ عَيْبُهُ عَلَى عَيْبِ اللَّذَّاتِ مُطْلَقًا ونزيد ذَلِك شرحا هَا هُنَا فَنَقُولُ الْعِشْقُ بَيْنَ الضَّرَرِ فِي الدِّينِ وَالدُّنْيَا
أَمَا فِي الدِّينِ فَإِنَّ الْعِشْقَ أَوَّلا يَشْغَلُ الْقَلْبَ عَنِ الْفِكْرِ فِيمَا خُلِقَ لَهُ مِنْ مَعْرِفَةِ الإِلَهِ وَالْخَوْفِ مِنْهُ وَالْقُرْبِ إِلَيْهِ ثُمَّ بِقَدْرِ مَا يَنَالُ مِنْ مُوَافَقَةِ غَرَضِهِ الْمُحَرَّمِ يَكُونُ خُسْرَانُ آخِرَتِهِ وَتَعَرُّضُهُ لِعُقُوبَةِ خَالِقِهِ فَكُلَّمَا قَرُبَ مِنْ هَوَاهُ بَعُدَ مِنَ مَوْلاهُ وَلا يَكَادُ الْعِشْقُ يَقْعُ فِي الْحَلالِ الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ فَإِنْ وَقَعَ فَيَا سُرْعَانَ زَوَالِهِ قَالَ الْحُكَمَاءُ كُلُّ مَمْلُوكٍ مَمْلُولٍ وَقَالَ الشَّاعِرُ
وَزَادَنِي شَغَفًا بِالْحُبِّ أَنْ مُنِعْتُ ... وَحِبُّ شَيْءٍ إِلَى الإِنْسَانِ مَا مُنِعَا
فَإِذَا كَانَ الْمَعْشُوقُ لَا يُبَاحُ اشْتَدَّ الْقَلَقُ وَالطَّلَبُ لَهُ فَإِنْ نِيلَ مِنْهُ غَرَضٌ

1 / 313