311

Yin Alla-wadai da Sha'awa

ذم الهوى

Editsa

مصطفى عبد الواحد

Nau'ikan

Adabi
Tariqa
وَيَتَمَكَّنَ الأُنْسُ فَيَصِيرُ بِالإِدْمَانِ شَغَفًا وَمَا عَشِقَ قَطُّ إِلا فَارِغٌ فَهُوَ مِنْ عِلَلِ الْبَطَّالِينَ وَأَمْرَاضِ الْفَارِغِينَ مِنَ النَّظَرِ فِي دَلائِلِ الْعِبَرِ وَطَلَبِ الْحَقَائِقِ الْمُسَتَدَلِّ بِهَا عَلَى عِظَمِ الْخَالِقِ وَلِهَذَا قَلَّ مَا تَرَاهُ إِلا فِي الرُّعْنِ الْبَطْرَى وَأَرْبَابِ الْخَلاعَةِ النَّوْكَى وَمَا عَشِقَ حَكِيمٌ قَطُّ لأَنَّ قُلُوبَ الْحُكَمَاءِ أَشَدُّ تَمَنُّعًا عَنْ أَنْ تَقِفَهَا صُورَةٌ مِنْ صُوَرِ الْكَوْنِ مَعَ شِدَّةٍ تَطْلُبُهَا فَهِيَ أَبَدًا تَلْحَظُ وَتَخْطَفُ وَلا تَقِفُ وَقَلَّ أَنْ يَحْصُلَ عِشْقٌ مِنْ لَمْحَةٍ وَقَلَّ أَنْ يَضِيفَ حَكِيمٌ إِلَى لَمْحَةٍ نَظْرَةً فَإِنَّهُ مَارٌّ فِي طَلَبِ الْمَعَانِي وَمَنْ كَانَ طَالِبًا لمعْرِفَة الله لاتقفه صُورَةٌ عَنِ الطَّلَبِ لأَنَّهَا تَحْجِبُهُ عَنِ الْمُصَوَّرِ وَحُوشِيَتْ قُلُوبُ الْحُكَمَاءِ الطَّالِبِينَ فَضْلا عَنِ الْوَاصِلِينَ الْعَارِفِينَ مِنْ أَنْ تَحْبِسْهُمُ الصُّوَرُ أَوْ تَفْتِنُهُمُ الأَشْكَالُ عَنِ التَّرَقِّي فِي مَعَارِجِ مَقَاصِدِهِمْ أَوْ تَحُطُهُمْ عَنْ مَرَاكِزِهِمْ إِلَى مَحَلِّ الأَثْقَالِ الرَّاسِيَةِ بَلْ هُمْ أَبَدًا فِي التَّرَقِّي هَاتِكُونَ لِلْحُجُبِ وَالأَسْتَارِ بِقُوَّةِ النَّظَرِ
فَصْلٌ وَقَدْ بَانَ بِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ مُرَادَ النَّفْسِ الشَّهْوَانِيَّةِ اللَّذَّةُ فَلْنَقْدَحْ فِي
اللَّذَّاتِ مُطْلَقًا بِمَا يَبِينُ بِهِ عَيْبَ الْعِشْقِ ثُمَّ نَخُصُّهُ بِمَا يَلِيقُ بِهِ فَنَقُولُ اعْلَمْ أَنَّ اللَّذَّةَ الْحَسَنَةَ لَيْسَتْ شَيْئًا مَطْلُوبًا فِي ذَاتِهَا إِنَّمَا هِيَ دَفْعُ حَادِثٍ مُؤْذٍ لِيَعُودَ الإِنْسَانُ إِلَى حَالَتِهِ قَبْلَ ذَلِكَ الْحَادِثِ وَمِثَالُ هَذَا كَرَجُلٍ خَرَجَ مِنْ مَكَانٍ ظَلِيلٍ فَسَارَ فِي الشَّمْسِ فَمَسَّهُ الْحَرُّ ثُمَّ عَادَ إِلَى الظِّلِّ فَإِنَّهُ يَلْتَذُّ بِذَلِكَ الْمَكَانِ إِلَى أَنْ يَعُودَ إِلَى حَالَتِهِ الأُولَى ثُمَّ يَفْقِدُ الالْتِذَاذَ وَيَكُونُ اشْتِدَادُ اللَّذَّةِ عَلَى قَدْرِ اشْتِدَادِ بُلُوغِ أَذَى الْحَرِّ إِلَيْهِ وَقَدْ يَتَصَوَّرُ صَاحِبُ اللَّذَّةِ أَنَّهَا حَصَلَتْ مِنْ غَيْرِ أَذًى سَابِقٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إِذْ لَا يُمْكِنُ أَنْ تَقَعَ لَذَّةٌ حَسَنَةٌ إِلا بِمِقْدَارِ التَّأَذِّي بِالْخُرُوجِ

1 / 311