Yin Alla-wadai da Sha'awa
ذم الهوى
Editsa
مصطفى عبد الواحد
الْبَابُ السَّادِسُ وَالثَّلاثُونَ فِي ذِكْرِ سَبَبِ الْحُبِّ وَالْعِشْقِ
ذَكَرَ حُكَمَاءُ الأَوَائِلِ أَنَّ النُّفُوسَ ثَلاثٌ نَفْسٌ نَاطِقَةٌ وَمَحَبَّتُهَا مُنْصَرِفَةٌ إِلَى الْمَعَارِفِ وَاكْتِسَابِ الْفَضَائِلِ
وَنَفْسٌ حَيَوَانِيَّةٌ عَصَبِيَّةٌ فَمَحَبَّتُهَا مُنْصَرِفَةٌ نَحْوَ الْقَهْرِ وَالْغَلَبَةِ وَالرِّيَاسَةِ
وَنَفْسٌ شَهْوَانِيَّةٌ فَمَحَبَّتُهَا مُنْصَرِفَةٌ إِلَى الْمَآكِلِ وَالْمَشَارِبِ وَالْمَنَاكِحِ
وَنَحْنُ الآنَ مُبْتَدِئُونَ لِنَشْرَحَ عِشْقَ هَذِهِ النَّفْسِ الشَّهْوَانِيَّةِ فَنَقُولُ سَبَبُ الْعِشْقِ مُصَادَفَةُ النَّفْسِ مَا يُلائِمُ طَبْعَهَا فَتَسْتَحْسِنُهُ وَتَمِيلُ إِلَيْهِ وَأَكْثَرُ أَسْبَابِ الْمُصَادَفَةِ النَّظَرُ وَلا يَكُونُ ذَلِكَ بِاللَّمْحِ بَلْ بِالتَّثَبُّتِ فِي النَّظَرِ وَمُعَاوَدَتُهُ فَإِذَا غَابَ الْمَحْبُوبُ عَنِ الْعَيْنِ طَلَبَتْهُ النَّفْسُ وَرَامَتِ الْقُرْبَ مِنْهُ ثُمَّ تَمَنَّتِ الاسْتِمْتَاعَ بِهِ فَيَصِيرُ فِكْرُهَا فِيهِ وَتَصْوِيرُهَا إِيَّاهُ فِي الْغَيْبَةِ حَاضِرًا وَشُغْلُهَا كُلُّهُ بِهِ فَيَتَجَدَّدُ مِنْ ذَلِكَ أَمْرَاضٌ لانْصِرَافِ الْفِكْرِ إِلَى ذَلِكَ الْمَعْنَى وَكُلَّمَا قَوِيَتِ الشَّهْوَةُ الْبَدَنِيَّةُ قَوِيَ الْفِكْرُ فِي ذَلِكَ
فَصْلٌ وَمِنْ أَسْبَابِ الْعِشْقِ سَمَاعُ الْغَزَلِ وَالْغِنَاءِ فَإِنَّ ذَلِكَ يُصَوَّرُ فِي النُّفُوسِ
نُقُوشَ صُوَّرٍ فَتَتَخَمَّرَ خَمِيرَةَ صُورَةٍ مَوْصُوفَةٍ ثُمَّ يُصَادِفُ النَّظَرُ مُسْتَحْسَنًا فَتَتَعَلَّقُ النَّفْسُ بِمَا كَانَتْ تَطْلُبُهُ حَالَةَ الْوَصْفِ
1 / 296