Yin Alla-wadai da Sha'awa

Ibn al-Gawzi d. 597 AH
12

Yin Alla-wadai da Sha'awa

ذم الهوى

Bincike

مصطفى عبد الواحد

Nau'ikan

Adabi
Tariqa
الْبَابُ الثَّانِي فِي ذَمِّ الْهَوَى وَالشَّهَوَاتِ اعْلَم أَنَّ الْهَوَى مَيْلُ الطَّبْعِ إِلَى مَا يُلائِمُهُ وَهَذَا الْمَيْلُ قَدْ خُلِقَ فِي الإِنْسَانِ لِضَرُورَةِ بَقَائِهِ فَإِنَّهُ لَوْلا مَيْلُهُ إِلَى الْمَطْعَمِ مَا أَكَلَ وَإِلَى الْمَشْرَبِ مَا شَرِبَ وَإِلَى الْمَنْكَحِ مَا نَكَحَ وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا يشتهيه فالهوى مستحلب لَهُ مَا يَفِيدُ كَمَا أَنَّ الْغَضَبَ دَافِعٌ عَنْهُ مَا يُؤْذِي فَلا يَصْلُحُ ذَمُّ الْهَوَى عَلَى الإِطْلاقِ وَإِنَّمَا يُذَمُّ الْمُفْرَطُ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ مَا يَزِيدُ عَلَى جَلْبِ الْمَصَالِحِ وَدَفْعِ الْمَضَارِّ وَلَمَّا كَانَ الْغَالِبُ مِنْ مُوَافِقِ الْهَوَى أَنَّهُ لَا يَقِفُ مِنْهُ عَلَى حَدِّ الْمُنْتَفِعِ أُطْلِقَ ذَمُّ الْهَوَى وَالشَّهَوَاتِ لِعُمُومِ غَلَبَةِ الضَّرَرِ لأَنَّهُ يَبْعُدُ أَنْ يُفْهَمَ الْمَقْصُودُ مِنْ وَضْعِ الْهَوَى فِي النَّفْسِ وَإِذَا فُهِمَ تَعَذَّرَ وُجُودُ الْعَمَلِ بِهِ وَنَدُرَ مِثَالُهُ أَنَّ شَهْوَةَ الْمَطْعَمِ إِنَّمَا خُلِقَتْ لاجْتِلابِ الْغِذَاءِ فَيَنْدُرُ مَنْ يَتَنَاوَلُ بِمُقْتَضَى مَصْلَحَتِهِ وَلا يَتَعَدَّى فَإِنْ وُجِدَ ذَلِكَ انْغَمَرَ ذِكْرُ الْهَوَى فِي حَقِّ هَذَا الشَّخْصِ وَصَارَ مُسْتَعْمَلا لِلْمَصَالِحِ وَأَمَّا الأَغْلَبُ مِنَ النَّاسِ فَإِنَّهُمْ يُوَافِقُونَ الْهَوَى فَإِنْ حَصَلَتْ مَصْلَحَةٌ حَصَلَتْ ضِمْنًا وَتَبَعًا فَلَمَّا كَانَ هَذَا هُوَ الْغَالِبُ ذَكَرْتُ فِي هَذَا الْبَابِ ذَمَّ الْهَوَى وَالشَّهَوَاتِ مُطْلَقًا ووسمت كتابي ب ذمّ الْهَوَى لِذَلِكَ الْمَعْنَى وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ مَا ذَكَرَ اللَّهُ ﷿ الْهَوَى فِي مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابِهِ إِلا ذَمَّهُ وَقَالَ الشَّعْبِيُّ إِنَّمَا سُمِّيَ هَوًى لأَنَّهُ يَهْوِي بِصَاحِبِهِ فصل اعْلَمْ أَنَّ مُطْلَقَ الْهَوَى يَدْعُو إِلَى اللَّذَّةِ الْحَاضِرَةِ مِنْ غَيْرِ فِكْرٍ فِي عَاقِبَةٍ وَيَحُثُّ

1 / 12