وكتب أيضا إلى عمر أن يسهل الثنايا ويحفر الآبار ويعمل الفوارة بالمدينة. فعملها وأجرى {ماءها}، فلما حج الوليد ورآها أعجبته، فأمر لها بقوام يقومون عليها، وأمر أهل المسجد أن يستقوا منها. وكتب الي جميع البلاد بإصلاح الطرق وعمل الآبار بطريق الحجاز ومنع المجذمين من الخروج على الناس و{أجرى} لهم الأرزاق.
وكان حجه في سنة إحدى وتسعين، فلما دخل المدينة، غدا إلى المسجد ينظر إلى {بنائه}، وأخرج الناس منه، ولم يبق غير سعيد بن المسيب، فلم يجسر أحد من الحرس يخرجه. فقيل له: "لو قمت". فقال: "لا أقوم حتى يأتي الوقت الذي كتب أقوم فيه". فقيل: "فلو سلمت على أمير المؤمنين". قال: "والله، لا أقوم إليه". قال عمر بن عبد العزيز: "فجعلت أعدل بالوليد في ناحية المسجد {لئلا} يراه". فالتفت الوليد إلى القبلة، فقال: "من ذلك الشيخ؟ أهو سعيد؟" قال عمر: "نعم، ومن حاله كذا وكذا، ولو علم بمكانك لقام فسلم عليك، وهو ضعيف البصر". قال الوليد: "قد علمت حاله، ونحن نأتيه". فدار في المسجد، ثم أتاه، فقال: "كيف انت، أيها الشيخ؟" فوالله، ما تحرك سعيد، فقال: "بخير، والحمد لله، فكيف أمير المؤمنين، وكيف حاله؟" فانصرف الوليد وهو يقول لعمر: "هذا بقية الناس".
Shafi 240