Daular Umayyawa a Sham
الدولة الأموية في الشام
Nau'ikan
37
يسري في مفاصلهم سريان الحمى الفتاكة في الجسم الإنساني، وسنصف لك الويلات والمصائب التي حلت في الدولة من جرائها.
لما رأى ابن الزبير ما أصابه من الانكسار في معركة مرج راهط أراد أن يطلق آخر سهم في كنانته صوب الشام، فبعث أخاه مصعب بن الزبير نحو فلسطين، فسرح له مروان عمرو بن سعيد بن العاص في جيش، فصده وهزمه وأرجعه على أعقابه، ففقد آماله في الشام.
وجه مروان وجهه نحو مصر الخاضعة لابن الزبير لفتحها وتثبيت أقدامه فيها بعد أن وطد نفوذه من أقصى الشام إلى أقصاه، فسير حملة على رأسها ابنه عبد العزيز، ورجا أن يكون الفتح عن طريق أيلة، فأجمع ابن حجوم والي مصر على حربه فحصن الفسطاط وحفر حولها الخنادق، وبعث أسطولا إلى السواحل السورية ليناوش المرابطين فيها ويشاغلهم، فيهتم مروان بإرسال الفرق من جيشه لهذه الجبهة الساحلية الجديدة، وجهز حملة لمقاومة الجيوش المهاجمة، أما الأسطول فنزل عليه عاصف غرق معظمه، وأما الحملة فانهزمت أمام الفاتحين واستسلم قسم كبير منهم.
38
دخل مروان مصر فوضع العطاء في الناس فبايعوه وأقدموا على نصرته، ثم بنى القصر المعروف: «بالدار البيضاء» في الفسطاط، وجعلها مقر الأحكام لنائبه فيها، وولى عليهم ابنه عبد العزيز، وأمره بالإحسان إليهم والمشورة في تدبير أمورهم وبذل الهمة في تفريق زعمائهم، نستنتج هذا من الوصايا التي أوصاه بها، فقال له مرة: «يا بني، عمهم بإحسانك يكونوا كلهم بني أبيك، واجعل وجهك طلقا تصف لك مودتهم، وأوقع إلى كل رئيس منهم أنه خاصتك دون غيره يكون عينا لك على غيره، وينقاد وقومه إليك»،
39
وقال له أيضا: «وأوصيك أن لا تعد الناس موعدا إلا أنفذته، وإن حملت على الأسنة، وأوصيك أن لا تعجل في شيء من الحكم حتى تستشير.»
40
كل ما قدمناه يؤكد لنا أن مروان لم يتغلب على ابن الزبير إلا بعد الجهد الطويل، فاستمال الزعماء وقبل شروطهم القاسية، وكان يعتقد بعضهم أنهم شركاء له في ملكه، فاشترط الحصين بن نمير جزاء نصرته له أن يجعل البلقاء مأكلة لكندة،
Shafi da ba'a sani ba