- كتاب عثمان إلى أهل الأمصار يستمدهم (١): ⦗١٥٥⦘
"بسم اللَّه الرحمن الرحيم. أما بعد، فإن اللَّه ﷿ بعث محمدًا بالحق بشيرًا ونذيرًا فبلغ عن اللَّه ما أمر به، ثم مضى وقد قضى الذي عليه، وخلف فينا كتابه، فيه حلاله وحرامه، وبيَّن الأمور التي قدَّر، فأمضاها على ما أحب العباد، وكرهوا فكان الخليفة أبو بكر ﵁، وعمر ﵁، ثم أُدخلتُ في الشورى على غير علم ولا مسألة عن ملأ من الأمة، ثم أجمع أهل الشورى على ملأ منهم ومن الناس على غير طلب مني ولا محبة. فعملت فيهم ما يعرفون ولا ينكرون، تابعًا غير مستتبع، متبعًا غير مبتدع، مقديًا غير متكلف، فلما انتهت الأمور وانتكث الشر بأهله بدت ضغائن وأهواء على غير إجرام ولا ترة فيما مضى إلا إمضاء الكتاب. فطلبوا أمرًا وأعلنوا غيره بغير حجة ولا عذر، فعابوا عليَّ أشياء مما كانوا يرغبون، وأشياء عن ملأ من أهل المدينة لا يصلح غيرها، فصبرتُ لهم نفسي، وكففتُها عنهم منذ سنين، وأنا أرى وأسمع، فازدادوا على اللَّه ﷿ جرأة حتى أغاروا علينا في جوار رسول اللَّه ﷺ وحَرَمَه، وأرض الهجرة، وثابت إليهم الأعراب، فهم كالأحزاب أيام الأحزاب، أو من غزانا بأحُد إلا ما يُظهرون، فمن قدر على اللحاق بنا فليلحق". يستنجد عثمان بهذا الكتاب أهل الأمصار، ويحثهم للمنع عنه ويعرفهم ما الناس فيه.
_________
(١) الطبري، تاريخ الأمم والملوك ج ٢/ص ٦٥٣.
1 / 153